اقتصادنا يا تعبنا «93»
لكن لا شك أن هذه الطروحات من الأهمية لأنها سترفع من حجم التداول فى البورصة إلى متسويات غير مسبوقة.. وستخلق نوعاً من التنوع فى المنتجات المعروضة امام المستثمرين فى البورصة سواء المحليين أو العرب أو الأجانب.. وتعد هذه الطروحات إحدى الأدوات المالية لتدبير سيولة مالية للحكومة التى تعانى موازنتها العامة عجزاً مستمراً ومتزايداً..
وتتطلب الطروحات عامة وفرة السيولة القوية فى السوق وتوقيتاً زمنياً مناسباً يساعد على نجاح الطرح فى إطار مناخ استثمارى جاذب بعد تأهيل الشركات للطرح.. وعادة ما يتم تنفيذ الاكتتابات فى الأسواق القوية أو الصعودية؛ بسبب وجود المزيد من الأموال المتدفقة، ولأنه من المرجح أن يرغب المستثمرون فى الشراء أو الاستثمار فى شركات جديدة بمعنى وجود بضاعة جديدة جيدة من الأسهم.
وبالنظر إلى برنامج الطروحات الحكومية، فإنَّ له امتيازات عديدة نذكر منها: تحسين أداء المحفظة الحكومية، وتحسين الخدمات التى تقدمها تلك الشركات للمستهلكين؛ حتى تستطيع المنافسة، كما أن طرح الأسهم فى البورصة يمكن الشركات من طرح شهادات إيداع أجنبية فى الخارج، وبالتالى إدخال مستثمرين أجانب بعملة أجنبية، وهو أمر مهم للاقتصاد بشكل كبير، ويسهم فى تعزيز النظرة الإيجابية للاقتصاد المصرى دون أن يكون عبئاً على موازنة الدولة أو الدين العام لكونه يدفع الشركات الحكومية بالبحث عن مصادر تمويل خارج نطاق الموازنة، وبالتالى يخفف من أعباء موازنة الدولة، وبالتالى تبيان قدرة تلك الشركات على النفاذ إلى التمويل بعيداً عن الموازنة العامة للدولة، وهو ما كان يحد بكثير من قدرة تلك الشركات على النمو؛ لعدم قدرة الموازنة على توفير التمويل.. كما تساعد الطروحات على عدم تركز المخاطر الاستثمارية فى الجهات الحكومية فقط، ولكن يظهر تشارك للربح وتشارك للمخاطر أيضاً لكل المجتمع.. كذلك زيادة معدلات الشفافية والنزاهة، بتطبيق متزايد لقواعد الحوكمة والشفافية كالتزامات لا مفر منها تجاه إدارة السوق، بالإضافة إلى «الرقابة الشعبية» التى ستفرض من المستثمرين الأفراد والمؤسسات على أداء تلك الشركات..
فمنذ الإعلان عنه فى مارس 2018، فإنه لم ينفذ منه شىء حتى الآن بعد مضى 6 أشهر.. رغم أن الشركات الجاهزة للطرح مقيدة فى البورصة.. وكان من الأفضل لهذه الطروحات أن تنفذ وقت ذروة الارتفاع أى بعد الإعلان مباشرة عن الطرح.. وها ما يتطلب التنسيق جيداً بين جهات الولاية على هذه الشركات فى عملية الطرح وبين هيئة الرقابة المالية والبورصة المصرية لضمان نجاح هذه الطروحات فى ضوء التحفظات التى ذكرتها..
وغالباً لا تجرى الاكتتابات العامة المحلية بمعزل عن وضع المناخ الاستثمارى والبورصة محلياً وحركة الاستثمارات وأسواق المال الإقليمية والعالمية.. وما تشهده الاقتصادات الناشئة، حالياً، من تحديات اقتصادية وما يشهده الاقتصاد العالمى من تحديات على مستوى تباطؤ النمو وزيادة التوتر التجارى بين أمريكا والصين وارتفاع حجم الديون الخارجية وتوسع الاستثمار غير المباشر فى أدوات الدين للدول وارتفاع مستويات الفائدة.. كل هذه العوامل تفرض تحدياتها على الاقتصادات واسواق المال..
ولعل الانخفاض الاخير للبورصة المصرية تزامناً مع أحداث قضية التلاعب والحظر على اموال الجماعات الإرهابية وشركاتها.. دفع بمن ارتبطت أسماؤهم بصناديق الاستثمار النشطة فى البورصة وبنوك الاستثمار المرتبطة للتحرك المؤسسى بالبيع تتبعه سلوك أفراد بالبيع للحد من الخسائر، وهو ما يجعل الأسباب غير المنطقية أكثر تأثيراً من الأسباب المنطقية التحليلية.. وهو ما يتطلب رقابة ذكية على حركة السوق، والتأنى فى توقيت الطرح.. وهو ما يفرض تحديات على الأجهزة الرقابية والتنسيق الجيد بين هيئة الرقابة المالية والبورصة فى التحرك المتناغم للتقليل من الأثر الهبوطى للسوق وأحياء النظرة التفاؤلية المستقرة.. وتبنى منهاجية المحاكاة simulation فى التنبؤ بحركة السوق وكيفية التحرك مع السيناريوهات المطروحة..
وإذا كان الالتزام بالتوقيتات الزمنية إرضاء للصندوق، فإن الصندوق يعى جيداً من خلال التفاوض القوى، أنَّ الوضع يحتاج إلى اعادة جدولة زمنية لبرنامج الطروحات؛ بسبب ما تعانيه البورصة حالياً؛ لأن الصندوق يعالج الخلل فى الموازنات العامة للدول.. والهدف من الطروحات الأساسى زيادة موارد الدولة ومزيد من الإفصاح والشفافية والحوكمة..
كما أن تنفيذ برنامج الطرح فى هذه التوقيت سيجلب خسائر نتيجة الطرخ بأقل من القيمة العادلة.. اذا ينبغى النظر الى متوسط سعر السهم على مدار سنة على الأقل .. وليس على أساس شهر.. وإذا نفذ الطرح فى ظل هذه الظروف غير المواتية فإنه سيشوبه حينها صفة إهدار المال العام.. فبنظرة الأعمال انت هنا لتعظم العائد لا لتخسف به الأرض..
وما نبغى إلا إصلاحاً وتوعية..