المشروعات الصغيرة والمتوسطة ذو دخل مؤثر وتمثل نسب لا يستهان بها من الدخل القومى وتساهم فى خلق فرص للشباب وتدعم سوق العمل، ولكن فى مصر أغلب المشروعات مصيرها أروقة المحاكم من الجهات المانحة ضد أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة لماذا؟
القروض التى تمنح للشباب تخلط بين أصحاب المشروعات القائمة والمشروعات التى يجب تبدأ من الصفر ؛وإليك نتيجة تجارب عملية بصفتى المهنية تجد أن جميع الجهات تطلب كشف حساب بنكى لمدة 3 سنوات على يكون الحساب ذو حركة قوية لمدة 6 شهور علاوة على سجل تجارى وبطاقة ضريبية وعقد إيجار وإيصال كهرباء تجاري وأخرى وبناءً عليه يحدد مبلغ المشروع، ناهيك عن دراسة الجدوى النظرية كمستند فقط والميزانيات بالنسبة للمشروعات المتوسطة المعتمدة من محاسب قانونى ولذا يجب التفريق بين دعم المشروعات القائمة والتى يجب أن تبدأ.
أغلب الدول العربية لم يطلب من أى شاب سوى السجل التجاري والرخصة لبدء المشروع، علاوة على إجراءات اخرى ويتم إعطاء فترة سماح تصل إلى 6 أشهر لبدء السداد على أقساط وليس الشهر التالى للحصول على القرض بل إن بعض الجهات المانحة سواء بنوك أو مؤسسات مالية تكون شريك بالمشورة الفنية وعرض تجارب لمشروعات مشابهة ليضمن للمؤسسة المالية أو البنك قيمة ما تم دفعه لصاحب المشروع بل نجاح المشروع يكسب الجهة المانحة عميل جيد يساهم فى تكلفة الحصول على القروض من البنك المركزى وبالتالي يساهم في تنمية اقتصادية جديدة في أى دولة نجحت فيها الفكرة بل أن الحكومات أنشأت هيئة اقتصادية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
إذا فكرت الدولة بصورة واقعية لضمان نجاح تلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة يجب أن تتوافر فيها ما يلى أن يكون المشروع ؛أولاً من خلال خريطة استثمارية للمشروعات التى يجب أن تقام فى أى منطقة متناسقاً ومتناسباً مع طبيعة البيئة فى المحافظة ؛والثانية تطرح المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال القطاع الاقتصادى فى ديوان كل محافظة، بل أن تكون دراسة الجدوى من خلال المحافظة لضمان الجدية ؛والثالثة توافر الخبرات والمؤهلات لهذا المشروع واذا افترضنا جدلاً أن الشاب المقبل على المشروع لا يملك الخبرة، ولكنه مؤهل يتم ترشيح شخص من ذوى الخبرات حتى يبدأ المشروع فى جنى الثمار وبالتالى يتم بدء الخطوة الأولى فى نجاح هذه المشروعات بل ضمان عدم انحراف قيمة القرض عن هدف المشروع التى يجب أن يقام واستغلال القرض فى الغرض غير المخصص له.
أغلب الدول تكون مشروعات الشباب الصغيرة والمتوسطة مواد أولية للمشروعات الكبرى والبعض الآخر للتنمية الزراعية والحيوانية لتساهم فى تنمية اقتصادية حقيقية تسهم فى الناتج المحلى الإجمالى وتمثل رقم في رفع العبء عن كاهل الدولة وتصبح لمصر دعم من خلال شبابها ودور فعال سعت إليه الدولة للتنمية البشرية، ولكن لم تنجح لليوم.
اقوى 5 دول على مستوى العالم نجحت فى هذة النماذج من المشروعات الصغيرة والمتوسطة وصنعت أمجاد رجال أعمال هى ألمانيا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وسويسرا بل وصلت نسب المساهمة في الناتج المحلى الإجمالى من هذه المشروعات 46% من الناتج القومى الإجمالى.
تجارب هذه الدول يجب أن يحتذى بها بعيداً عن الحساسية المفرطة من قبل القيادات فى مصر التى تأبى الحقائق معتمدة على الإعلانات بعيداً عن الواقعية بل الدليل أغلب القروض لم تصرف جنيه فيه لما قدم من مستندات.
تشير إحدى الدراسات والبحوث المهمة عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى الآتى:
تشكل المنشآت الصغيرة والمتوسطة 90% تقريباً من المنشآت فى العالم وتوظف من 50% – 60% من القوى العاملة فى العالم، وبالتالى تعمل على زيادة فرص العمل والعمل على حل مشكلة البطالة وزيادة الصادرات والعمل على علاج عجز ميزان المدفوعات، كما تساهم المشروعات الصغيرة بحوالى 46% من الناتج المحلى العالمى، وتمثل 65% من إجمالى الناتج القومى فى أوروبا مقابل 45% بالولايات الأمريكية، أما فى اليابان فإن 81%من الوظائف هى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
إن مصر فى حاجة إلى قيادة اقتصادية ذو رؤية وقرار لا ضغوط عليها من أى جهة سيادية أو غير سيادية مسئولة عن خطة خمسية لتقنين ما هى المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تم حصرها من خلال القطاع الاقتصادى لكل محافظة بالتعاون مع الجامعات الإقليمية والمؤسسات المالية والبنوك المحلية التى تستطيع تمويل هذه المشروعات الصغيرة والمتوسطة ويكون عبارة عن مجلس يسمى “هيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة” ولذا يجب أن نقرأ قبل نبدأ.
بل يجب أن تكون الشفافية عنوان هذه المرحلة وعليه يجب أن تخضع للرقابة المالية من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات وأن يجرم فيها أى فعل جنائياً.