البدائل تشمل مقايضة الخام بالأسلحة الروسية والتخزين في ماليزيا وتايلاند
عندما يبدأ تطبيق العقوبات التي فرضها الرئيس اﻷمريكي دونالد ترامب على صادرات البترول الإيرانية في 5 نوفمبر المقبل، لن تسعى الجمهورية الإسلامية لإيجاد إيرادات بديلة لتزويد الـ80 مليون نسمة بالدواء والسلع الحيوية الأخرى فقط.. بل إنها ستحرص أيضا على التأكد من فشل ترامب، صاحب لقب “الشيطان الأكبر”، في تحقيق هدفه بإيقاف شريان الحياة الاقتصادي الرئيسي لإيران.
وقال رجل أعمال كبير في مجال الطاقة ومقرب من النظام: “يجب أن يعاني ترامب بالتأكيد من فشل ذريع لعدم تمكنه من خفض صادرات البترول الإيرانية إلى الصفر، وسنحقق ذلك حتى إذا اضطررنا لمقايضة البترول الخام بالأسلحة الروسية أو تخزين بترولنا الخام في ماليزيا وتايلاند”.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إن إيران التي تستمد جزءا كبيرا من عملاتها الأجنبية وعوائدها من صادرات البترول، تسعى إلى إيجاد طرق مبتكرة لبيع بترولها قبل إعادة فرض العقوبات الأمريكية في بداية نوفمبر المقبل.
وتعد آمال إيران في الحفاظ على بعض النفوذ في مفاوضاتها مع إدارة ترامب على المحك.
كما أن المطلعين يعتقدون أن أي محادثات مع واشنطن لا يمكن أن تحدث إلا بعد أن أظهرت إيران قدرتها على الصمود أمام العقوبات الجديدة.. وبالتالي لم تبقى إيران مكتوفة اﻷيدي على طاولة المفاوضات.
وهناك خطط قيد النظر تتضمن الالتفاف حول العقوبات، تشمل مبادرة لإحياء الوساطات التي يسمح لها بشراء براميل من البترول الخام من خلال تبادل الطاقة محليا أو البورصة، وبيعها في الأسواق العالمية تحت ستار القطاع الخاص الإيراني، مع العلم أن هذه البورصة تأسست في عام 2012 ولم تتبادل البترول منذ عام 2015، عندما زعمت إيران الموافقة على الحد من طموحاتها النووية مقابل رفع العقوبات الدولية، طبقا للصحيفة.
ويعتبر هذا الإجراء دليلا على مدى حاجة النظام الإيراني للحفاظ حتى على أقل كمية من صادرات البترول.
وقال سعيد ليلاز، المحلل المؤيد للإصلاح في الاقتصاد السياسي الإيراني، إن بيع البترول الخام من خلال بورصة الطاقة أمر أكثر رمزية لإظهار أن إيران آخذة في تنويع قنوات بيع البترول الخام وتصميمها على الالتفاف حول العقوبات.
وأضاف ليلاز: “ومع ذلك، من الناحية العملية، أي شخص لا يستطيع شراء البترول الخام من الشركة الوطنية الإيرانية للنفط، لن يشتريه من تلك الشركات التابعة للقوات المسلحة”.
ومن المتوقع أن تكون التدابير العقابية المتخذة ضد ثالث أكبر منتج للبترول في منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أكثر قسوة من الموجة الأولى من العقوبات الاقتصادية التي فرضت عقب قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في مايو الماضي.
وقال السياسيون في طهران، إنهم نالوا التشجيع اللازم من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي، التي سعت لإنشاء آلية مالية لمساعدة إيران على مواصلة تصدير النفط إلى أوروبا وآسيا.
وأصر محمد علي خطيبي، المسؤول عن بيع البترول الخام في ظل العقوبات السابقة عامي 2011 و2012، على أن مظلة دعم الحكومات الأوروبية ستشجع الشركات، خاصة الشركات التي لا تملك مصالح في الولايات المتحدة مثل الشركات الصغيرة والمتوسطة، على مساعدة إيران في بيع البترول الخام.
وأضاف خطيبي أن مجموعة العقوبات المفروضة على بترول إيران لن تستمر طويلا، وفي أسوأ الحالات سيتم بيع ما لا يقل عن مليون برميل يوميا.
وفي ظل هذه التوقعات التي تفيد بيع البترول الإيراني، يعتقد الخبراء خارج إيران أن هذه وجهة نظر تفاؤلية، فمجرد التهديد بفرض عقوبات أمريكية قد منع بالفعل شركات البترول الأجنبية مثل “توتال” من التعامل مع إيران.
ويقدر المحللون الإيرانيون والدبلوماسيون الغربيون في طهران، بقاء الصادرات الإيرانية الآن عند مستوى يزيد عن مليون برميل يوميا، أي أقل من الذروة التي بلغت 2.8 مليون برميل يوميا في بداية العام الحالي.
ويعتقد السياسيون الإيرانيون أن السعودية لن تكون قادرة على تعويض التراجع الكامل في إمدادات البترول الإيرانية، رغم الضغوط المفروضة من قبل الولايات المتحدة للقيام بذلك.
وفي الوقت نفسه، تعلق إيران آمالها إلى حد كبير على الصين، التي تعد أكبر عملائها، والتي تخوض حربا تجارية مع الولايات المتحدة، حيث لا تزال الصين حتى الآن تستورد البترول الإيراني حتى وإن كان بمستويات أقل.
ويتوقع المحللون أيضا أن تحاول الهند، التي تعد ثاني أكبر مستورد للبترول الإيراني، إرضاء كل من الولايات المتحدة وإيران من خلال خفض مشترياتها من البترول دون إيقافها بالكامل، ولكن كوريا الجنوبية، التي تعد أيضا عميلا كبيرا، علقت الواردات القادمة من إيران.
وفي ظل ذلك، لا تبحث إيران فقط في خيارات مبيعاتها البترولية لتأمين العملات الأجنبية وتعويض انكماش البترودولار، فقد قرر المجلس الأعلى الإيراني للتنسيق الاقتصادي اتخاذ قرارات رئيسية في ظل الحرب الاقتصادية الحالية، مؤخرا منها منح تصاريح إقامة للمواطنين الأجانب الذين يستثمرون ما قيمته 250 ألف دولار في إيران، لتعد بذلك هذه المرة هي اﻷولى من نوعها التي توافق فيها إيران على الإقامة المبنية على الاستثمار.