قالت صحيفة “فاينانشال تايمز” إن العام الجارى كان صعباً على عملات الأسواق الناشئة حيث انخفض مؤشر “جى بى مورجان” بنسبة 11.4% على خلفية ارتفاع الدولار وخسارة البيزو الأرجنتينى نصف قيمته وفقدان الليرة التركية ثلث قوتها الشرائية.
وقال 75.5% من المشاركين فى مسح حديث أجراه “بنك أوف أمريكا ميريل لينش” إن عملات الأسواق الناشئة كانت أقل من قيمتها الحقيقية، و51% من بينهم مديرى صناديق، بينما قال 24.5% إنهم ليسوا أقل من قيمتهم الحقيقية.
ويمكن القول إن هذه هى المرة الأولى التى كان فيها مديرو الصناديق منطقيين ففى الماضى كانوا يميلون إلى اعتبار عملات الأسواق الناشئة رخيصة عندما كان مؤشر “جى بى مورجان” قريبًا من أعلى مستوياته، وباهظة عندما كان يتسم أداؤه بالضعف.
ويشارك فى هذا الرأى العديد من المحللين الذين لديهم بنماذج خاصة لتقييم عملات الأسواق الناشئة.
وقال تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين فى بنك “رينيسانس كابيتال” إن المستثمرين تخلصوا من عملات الأسواق الناشئة، وأصبح مؤشرنا لعملات الأسواق الناشئة باستثناء الصين الأقل فى القيمة منذ عام 2009 فى الوقت الحالى.
وأضاف باتريك زويفيل ، كبير الاقتصاديين في “بيكتيت” لإدارة الأصول، “إذا كان بلد ما يتباطأ بحدة مقابل بلد آخر، يصبح هناك أسباب وجيهة لانخفاض قيمة عملته وبالتالى يعود جزء من هذا الانخفاض فى قيمة العملات إلى الأداء الدورى السيئ للعملات الناشئة مقارنة بالأسواق المتقدمة”.
وقال فيكرام لوبيز، المحلل لدى “رينكاب” إنه بشكل عام، يتم تداول عملات الأسواق الناشئة دون متوسطها على المدى البعيد بنسبة 4.5% وهو أدنى نسبة منذ أوائل عام 2009.
ولا يتفق أوليفر جونز، الاقتصادي فى الأسواق بـ”كابيتال إيكونوميكس”، مع تحليل “رينيسانس كابيتال”، ويقول إنه على الرغم من أن عملات الأسواق الناشئة قد تراجعت كثيراً أمام الدولار فى الأشهر الأخيرة إلا أن تقييماتها بمعظم الحالات لم تظهر منخفضة للغاية، مؤكداً أن التقييمات المنخفضة ستوفر دعمًا كبيرًا للعديد من عملات الأسواق الناشئة.
ويشير تحليله إلى أنه باستثناء عدد قليل من الحالات مثل البيزو الأرجنتينى والليرة التركية فإن معظم عملات الأسواق الناشئة يتم تداولها فى الوقت الحالى بالقرب من متوسطها الفعلى.
ومع ذلك توقع جونز، أنه من المرجح استمرار الانخفاض فى عملات الأسواق الناشئة بشكل عام مقابل عملات العالم المتقدم لبقية العام الجارى والعام المقبل.
ويستند تشخيصه إلى وجهة نظر مفادها أن الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى سيواصل رفع أسعار الفائدة فى الوقت الحالى مع الحفاظ على الضغط على عملات الأسواق الناشئة.
وبحلول منتصف عام 2019 يتوقع جونز، أن يتباطأ الاقتصاد الأمريكى بشكل حاد وأن تتدهور أسواق الأسهم بشكل كبير وهى خلفية مؤلمة محتملة للعالم الناشئ.
أضاف أنه كلما هبطت سوق الأوراق المالية الأمريكية بشكل حاد فإن أداء عملات الأسواق الناشئة سيصبح سيئاً بشكل كبير أيضًا بغض النظر عما يحدث داخل الاحتياطي الفيدرالى.
وحتى لو تمكنت عملات الأسواق الناشئة من التخلص من الضعف العام المقبل فقد توقع جونز، أن يضعف سعر اليوان مع قيام الصين بتخفيف السياسة النقدية لمكافحة تباطؤ الاقتصاد مما يخفض العملات الآسيوية الأخرى التى ترتبط باليوان.
وعلاوة على ذلك، فمع توقع أن يصل معدل التضخم فى الارجنتين إلى 45% العام المقبل و 18% فى تركيا فمن شبه المؤكد أن تتراجع عملاتهما بالقيمة الاسمية.
وأشار لوبيز، إلى أن السياسة النقدية الأكثر صرامة يمكن أن تجعل عملات الأسواق الناشئة أكثر “جاذبية من أن يتم مقاومتها” إلى جانب حوافز محتملة أخرى مثل تراجع الدولار أو توقف مؤقت فى وتيرة رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالى أو انتهاء الحروب التجارية الوليدة.