نشر «مرصد العمران»، أحد مشاريع شركة “عشرة طوبة للدراسات والتطبيقات العمرانية”، دراسة بعنوان “الإعلان العاشر للإسكان الاجتماعى: مزايا وعيوب”، تعقيبًا على الإعلان الأخير للمشروع فى أواخر شهر أكتوبر الماضى والذى تم فيه طرح 60 ألف وحدة للحجز.
وتأتى الدراسة فى إطار عمل المرصد على تحليل سياسات الإسكان فى مصر، خاصة أن مشروع الإسكان الاجتماعى يعد الآلية الرئيسة للدولة فى مواجهة مشكلة السكن.
ويتناول الجزء الأول من الدراسة ملخص للاشتراطات العامة للمتقدمين إلى المشروع، ومنها مواقع الوحدات المتاحة، وشروط الدخل والتمويل، والشروط العقارية، حسب كراسة الشروط، بالإضافة إلى تعزيز التفاصيل بالتشريعات الحاكمة سواء كانت قانون الإسكان الاجتماعى المعدّل، رقم 93 لسنة 2018، أو الكتب الدورية للبنك المركزى والتى تحكم شروط التمويل العقارى لمحدودى الدخل.
أما الجزء الثانى من الدراسة، فتناول أسعار الوحدات ونظم السداد، فى شكل جدول زمنى افتراضى بترتيب بنود السداد ومواعيدها، مع وضع عدة بدائل حسب عدد من العوامل القابلة للتغير.
وكانت من ضمن العوامل نسبة زيادة أسعار الوحدات التى حددتها كراسة الشروط، والتى قد تصل إلى 10% من السعر الأصلي المعلن، ولن يتحدد إلا عند التعاقد، بينما سيحدد صندوق الإسكان الاجتماعى قيمة الدعم المقدم إلى المتقدم حسب الدخل (ما بين صفر إلى 40 ألف جنيه كلما قل الدخل).
كما سيحدد البنك المقدم لقرض التمويل العقارى، قيمة القرض نفسه حسب نتائج الاستعلام على الدخل، ومعه، قيمة الأقساط والتى ستتراوح مدتها ما بين 10 إلى 20 سنة، حسب مقترح البنك والتفاوض مع المتقدم.
ويوجد عامل آخر يحدد قيمة القسط وهو إذا كان المتقدم عليه أقساط أخرى مثل سيارة أو قرض شخصى، مما يقلل من الحد الأقصى المسموح للإقراض، والذى تم تحديده على أساس 40% من إجمالى الدخل وفى هذه الحالة سيخفض من قيمة القسط مع زيادة المقدم أو المدة، أو، سيطلب من المتقدم تسديد القرض تسديد نقدى.
فيما حلل الجزء الرابع من الدراسة مزايا الوحدات المطروحة بالإعلان العاشر للإسكان الاجتماعى وكان على رأسها ترتيب أولويات المتقدمين فى حالة عدم كفاية الوحدات المطروحة والتى حددها قانون الإسكان الاجتماعى أنها تكون للمتزوج ويعول (بما يشمل حالات المطلق والمطلقة والأرمل والأرملة) بحيث تكون الأولوية للأصغر سنًّا ثم للأسر الأكثر عددًا، ويلى ذلك المتزوج بحيث تكون الأولوية للأصغر سنًّا ثم للأعزب بأولوية للأصغر سنًّا.
أما الميزة الثانية فكانت التسهيلات الائتمانية المقدمة إلى محدودى الدخل ممن لا يستطيعون المنافسة على العقارات المطروحة داخل السوق، كما أنه يوفر فرصة للحصول على شقة بمواصفات جيدة نسبيًّا من حيث التشطيبات بالتقسيط على مدة مريحة.
وأتت عيوب مشروع الإسكان الاجتماعى فى الجزء الخامس من الدراسة، حيث كانت على رأسها تركيز الإعلان العاشر على المدن الجديدة، فمن بين المدن الثمان المطروح بها الإعلان، سبعة منها مدن جديدة، ما يجعلها بعيدة عن أماكن عمل غالبية الأسر بكل محافظة نظرًا إلى موقعها على أطراف المدن القائمة بالصحراء.
كما أن مواقع الإسكان نفسها داخل المدن غالبًا ما تكون بمواقع نائية بها، لم تكتمل بها الخدمات اللازمة مثل المدارس والحضانات والوحدات الصحية والمواصلات فى سنوات المشروع الأولى.
ومن العيوب الأخرى التى تم رصدها اعتماد التمويل العقارى على دخل شهرى ثابت والتى تلائم فقط الموظفين (الحكوميين عادة، والعاملين بالقطاع الخاص الرسمى) من ذوي المرتبات الثابتة، فيما قد يجد أصحاب الأعمال الحرة والعاملون لديهم صعوبة في ترتيب أولويات دخولهم التي تتذبذب حسب أحوال السوق، بالإضافة إلى المواسم، ما يرفع من مخاطر عدم السداد في أشهر معينة من السنة، بينما توجد وفرة في أشهر أخرى.
كما يستبعد المشروع أصحاب الأملاك ذات العوائد البسيطة من يملك عقارًا أو أكثر يحكمه قانون الإيجار القديم ولا ينتفع بها، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوحدات الثابتة على مستوى الجمهورية بالمقارنة إلى الدخول، والتي تتباين بشكل كبير بين المحافظات
كما أن تحديد نسبة الأقساط القصوى إلى الدخل بـ40% يعد نسبة مرتفعة، حيث تقترب المعدلات المقبولة للإنفاق على السكن من واقع الحياة فى مصر إلى 25% من الدخل (تمثل 18% ببحث الدخل والإنفاق).
وتمثل آلية تقسيط الدفعات المقدمة تطورًا على غالبية الإعلانات السابقة، فإن ارتفاعها بالنسبة إلى أصحاب الدخول الأقل (نظرًا إلى ارتفاع أسعار الوحدات نفسها) يعد عائقً، فمقدم جدية حجز الوحدة الأصغر، وهو 10 آلاف جنيه، يمثل نحو ثمانية أضعاف الدخل الشهرى لأقل دخل يقبله الصندوق (1300 جنيه).
كما أن قيمة الأقساط ربع السنوية (1500 جنيه) تمثل 40% من الدخل، وهو ما يعد نسبة مرتفعة (كما في أقساط التمويل العقارى)، هذا ما يرفع من مخاطر لجوء بعض المتقدمين إلى السلف غير الرسمية (إيصالات أمانة وكمبيالات)، ما قد يضاعف من أعباء ديونهم مع استلام الوحدة وبداية تسديد أقساط التمويل العقاري، بالإضافة إلى تسديد أقساط السلف غير الرسمية.
وكانت أحد عيوب المشروع الأخرى حظر بيع الوحدات أو إيجارها قبل مرور 7 سنوات، رغم أنه شرط تم وضعه لفرض استعمال اجتماعى للوحدات، فإنه قد يمثل عائقًا لأصحاب الوحدات عند حدوث تغير اجتماعى أو اقتصادى لهم، كوفاة أحد الآباء، أو تغير محل العمل، إلخ… ولا توجد آلية واضحة للحالات التى يوافق فيها الصندوق على البيع في هذه المدة.
وانتهت الدراسة إلى أنه مع المجهود الرسمى المبذول نحو توفير مساكن جاهزة بآلية تسديد ميسرة، وتطوير المنظومة عبر السنوات الست الماضية، إلا أن مشروع الإسكان الاجتماعي في إعلانه العاشر لا زال غير مستجيب لعدة عوامل اجتماعية واقتصادية، خاصةً للفقراء ومحدودي الدخل، ومع وجود إيجابيات للمشروع، فإن سلبياته لا بد أن يتم تداركها لتوفير المشروع المسكن الملائم للجميع.