
تحسن الظروف وتغير نمط الوظائف وراء تراجع الاتحادات المهنية
%40 من موظفى الدول الغنية يحصلون على دخل مرتبط بالإنتاج
أعطى تغيير أنماط الاستثمار خلال الثورة الصناعية المزيد من القوة للعمل المنظم، مما ساعد فى تنمية دور النقابات، ففى القرن الـ19 بدأ أرباب العمل فى إنفاق مبالغ طائلة على المصانع والمناجم والسكك الحديدية، وساهم نمو حجم رأس المال الثابت فى ممارسة العمال لسلطة أكبر.
ويرى “تيم ميتشل” فى كتابه “Carbon Carbon”، أن عمال المناجم على سبيل المثال استغلوا نقاط خنق جديدة فى الاقتصاد، حيث يتطلب إخراج الفحم من الأرض مجموعات صغيرة منهم للعمل فى الحفرة فى حين لم يكن من السهل استبدالهم.
وقد أعطى ذلك لهم نفوذاً هائلاً، لأن الاقتصاد العالمى فى ذلك الوقت يعتمد على الفحم كوقود أساسى فى جميع الأنحاء بداية من محطات الطاقة إلى السكك الحديدية، بحيث يمكن أن يؤدى الإضراب تقريباً إلى توقف الحياة فى البلاد.
وعلى مدى السنوات الـ30 الماضية، تسبب التغير التكنولوجى فى تراجع دور النقابات، حيث انخفضت تكلفة جمع المعلومات ومعالجتها، مما يسّر تقييم نتائج أفراد العمل.
ففى أمريكا ارتفعت نسبة الوظائف التى تقدم الأجر حسب مستوى الأداء من 30% فى أواخر السبعينيات إلى أكثر من 40% فى التسعينيات، وإذا كانت الأجور تتوافق مع الإنتاج الشخصى، فقد يشعر الموظفون أن طاقاتهم موجهة بشكل أفضل نحو العمل بجد أكثر من التفكير فى الانضمام إلى تنظيم ما مع آخرين.
وفى صناعات العالم الغنى كثيفة رأس المال تراجعت عمليات التصنيع والتعدين التى تمثل القاعدة الشعبية للنقابات وتضخم دور قطاع الخدمات الأقل ترحيباً بالنقابات حيث باتت الاقتصادات المتقدمة تعتمد الآن على “الأشياء غير الملموسة”، مثل البرمجيات وبراءات الاختراع.
ومن الأسهل نقل مركز الاتصال إلى موقع مختلف، بما فى ذلك إلى بلد جديد، ومن غير المرجح أن يساوم العمال الذين يشعرون بالفرحة من وجود وظائفهم على الإطلاق للحصول على المزيد.
وقد أدى انحسار النقابات إلى إحياء الحجج حول المميزات التى تقدمها للعمال وللاقتصاد ككل وانخفض عدد أيام العمل الضائعة بسبب الإضرابات فى العالم الغنى إلى جانب انخفاض قوة النقابة، مما عزز مستوى الإنتاج السنوى.
كما تراجع خطر التضخم الجامح حيث كانت تنشب معارك بين النقابات وأرباب العمل حول معدل ارتفاع الأجور وقد تقلصت حواجز الدخول إلى سوق العمل، مما يسهل على الشباب والنساء والأقليات العرقية العثور على عمل.
ويختلف المهتمون بجانب حقوق العمال حول العلاقة بين ضعف النقابات وانخفاض مساهمة “حصة العمل” للعمال فى شكل الأجور والمستحقات فى الناتج المحلى الإجمالى، فمن جهته يرى “أندى هالدان”، كبير الاقتصاديين فى بنك انجلترا أنه بالنسبة للاقتصاد البريطانى وجد أن ارتفاع عشرة نقاط مئوية فى معدل عضوية الاتحادات العمالية يزيد من نمو الأجور بحوالى 0.25 نقطة مئوية فى السنة.
لكن ورقة بحثية لمؤسسة “بروكنجز”، وهى مؤسسة فكرية، تدرس البيانات الأمريكية وجدت أن هناك علاقة غير دقيقة إحصائياً بين التغيرات بمعدلات العضوية فى النقابات والانخفاض فى حصص الرواتب.