يبدو أن منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” ستكافح لحشد كافة شركائها من خارج المنظمة للعمل بجوارها كمجموعة منتجة للبترول، من أجل تمديد تخفيضات الإنتاج إلى العام الثالث، وذلك خلال الاجتماع المقرر انعقاده في بداية ديسمبر المقبل في فيينا.
قال وزير البترول السعودي خالد الفالح، في تصريحات أدلى بها للصحفيين، إن خط اﻷساس للتخفيضات الجديدة في الإنتاج يجب أن تكون مستوى إنتاج جديد، ولكنه لم يقدم اقتراحات محددة.
وسلطت وكالة أنباء بلومبرج اﻷمريكية الضوء على توقعات محتملة لمدى استعداد كل بلد بإجراء مزيد من التخفيضات في العام المقبل، و على سبيل المثال عند النظر لموقف روسيا، التي تعد شريكا رئيسيا، فمن المقرر توقف قرار خفض الإنتاج بشكل كبير على تقييم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للوضع ولقيمة تعزيز العلاقات السياسية بشكل أوسع مع السعودية مقارنة بأي تأثير على أسعار البترول.
وقالت الوكالة اﻷمريكية إن روسيا قادت مساهمة الدول غير الأعضاء في أوبك في تخفيضات الإنتاج في عام 2017، ومن المتوقع تطلع أوبك إلى موسكو لتحتل صدارة أي تخفيضات أخرى في عام 2019.
وقفز إنتاج البترول إلى رقم قياسي جديد منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، حيث وصل إلى 11.4 مليون برميل يوميا في أكتوبر الماضي، بعد أن خففت روسيا القيود المفروضة على شركات البترول في البلاد، عقب القرار المتخذ في فيينا في يونيو الماضي لتخفيف تخفيضات الإنتاج.
وقال الرئيس الروسي، في بداية نوفمبر الجاري، إن التعاون مع أوبك لتحقيق استقرار في سوق البترول أظهر نتائج إيجابية، مشيرا إلى أن وصول سعر برميل البترول عند نحو 70 دولار يناسب بلاده تماما.
ولم تلتزم روسيا بخفض الإنتاج للمساعدة في دعم الأسعار، وأوضح وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن المنتجين بحاجة لتحقيق فهم أفضل للظروف الحالية والتوقعات الشتوية قبل الموافقة على فرض قيود على إمدادات البترول.
وفي الوقت الذي قد لا يشكل فيه تخفيض الإنتاج مشكلة بالنسبة لروسيا، التي عززت بالفعل إنتاجها إلى أعلى مستوياته منذ حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتي في أكتوبر الماضي، يشكل التخفيض تحديا بالنسبة للآخرين، فمن المتوقع ألا تكون المكسيك، التي عرضت انخفاضا متوقعا في الإنتاج كمساهمة منها في تخفيضات الإنتاج لعام 2017، في وضع يسمح لها باتخاذ نفس الخطوات، خاصة في ظل توقعات زيادة إنتاجها في عام 2019.
وتتوقع شركة البترول المكسيكية “بتروليوس مكسيكانوس”، المعروفة بـ “بيميكس”، ارتفاع الإنتاج إلى 1.85 مليون برميل يوميا العام المقبل، مما يترك الحكومة الجديدة دون أي عروض لانخفاض طبيعي العام المقبل، بينما تتوقع الوكالة الدولية للطاقة انخفاض إنتاج المكسيك من البترول، بما في ذلك البترول الخام والمكثفات، إلى 1.99 مليون برميل يوميا من 2.1 مليون برميل هذا العام، ما يتيح المجال لتسجيل انخفاض طبيعي ليعرض مرة أخرى كتخفيضات.
أما بالنسبة لعمان، فيبدو وكأنها ستنضم إلى قائمة الدول المؤيدة لقرار خفض الإنتاج، خاصة بعد أن قال وزير البترول العماني محمد الرمحي، في بداية نوفمبر الجاري، إن هناك إجماع بوجود فائض في الإمدادات وبالتالي تزداد الحاجة لاتخاذ خطوة في هذا الشأن، مشيرا إلى استعداده لمواصلة ضوابط إنتاج بلاده من البترول العام المقبل.
وعلى غرار المكسيك، يعكس تعهد أذربيجان بخفض الإنتاج في عام 2017 توقعات إنتاج البلاد من البترول، بدلا من التخفيضات الطوعية، فقد كانت هناك توقعات بانخفاض الإنتاج بنسبة 3.7% أو نحو 31 ألف برميل يوميا بين عامي 2016 و2017.
وتشير التوقعات الرسمية لعام 2019 إلى زيادة الإنتاج بنسبة 1.7%، أي 13 ألف برميل يوميا تقريبا، مقارنة بعام 2018، وذلك بعد بدء شركة “بي.بي” البريطانية الإنتاج من المرحلة الثانية من مشروع حقل “شاه دنيز” للغاز والمكثفات في بحر قزوين.
وقد يصعب ضمان اتباع أذربيجان لخطوة تخفيض الإنتاج في ظل توقعات ارتفاع الإنتاج في العام المقبل.
ومن المتوقع موافقة كازاخستان على تمديد اتفاقية خفض الإنتاج في عام 2019، ولكن عدم امتثالها للاتفاقية في عامي 2017 و2018 يشير إلى استعدادها للتوقيع على الاتفاقية ثم تجاهل التزامها باﻷمر.
وفيما يخص البحرين، يبدو أن اعتمادها على دول الجوار الأكبر، خاصة السعودية، يدل على أنه من المرجح جدا دعم البلاد لصفقة تخفيض الإنتاج الجديدة الخاصة بعام 2019 وذلك حال طلب منها ذلك، كما أن ماليزيا قد توافق أيضا على خفض الإنتاج إذا عرض عليها اﻷمر في اجتماع الشهر المقبل.
وانخفض إنتاج بروناي من البترول بشكل أكثر مما تعهدت به، واستمر تراجع الإنتاج الأولي لفترة أطول مما كان متوقعا في اﻷساس، ومن المتوقع عدم زيادة الإنتاج على المدى القصير مع تركيز الاستثمارات الداخلية على قطاع البترول، وبالتالي ربما تكون بروناي في وضع يسمح لها بالموافقة على إجراء انخفاضات طبيعية إضافية على الإنتاج.
ويتشابه وضع السودان كثيرا مع بروناي، لأنها ستكون قادرة على تقديم المزيد من الانخفاضات الطبيعية كمساهمة منها في صفقة 2019، حتى ولو كانت تلك المشاركة بسيطة إلى حد كبير، أما بالنسبة لضمان انخفاض إنتاج جنوب السودان من البترول فهو يبدو مستحيلا في وقت تتطلع فيه البلاد إلى استعادة تدفقاتها إلى مستويات ما قبل الصراع.