“نجم”: نسعى للحفاظ على الاحتياطى الأجنبى من الواردات
“السويفى”: أحد أهداف القرار تخفيف الطلب على العملة الأجنبية
ساقت وزارة المالية أسبابا كثيرة لقرارها المفاجئ بتحرير سعر الدولار الجمركى لمجموعة كبيرة من السلع المستوردة أسمتها بـ”السلع الاستفزازية”.
وتنوعت الأسباب وراء القرار، بدءا من العدالة الاجتماعية، مرورا بحماية الصناعة المحلية، وصولا إلى نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى يثبت أنه لم تعد هناك حاجة للتدابير الاستثنائية.
لكن سبباً إضافياً يقفز إلى الواجهة تحرص الحكومة على تجنب الحديث عنه قدر الإمكان، وهو السيطرة على الواردات التى سجلت نموا كبيرا فى الشهور العشرة الأولى من العام الحالى، موسعة العجز التجارى للبلاد بنحو ربع قيمته خلال أقل من سنة، بهدف تخفيف الضغط على العملة.
لكن وفقا للأسباب المعلنة من وزير المالية فإن استثناء السلع الأساسية والضرورية للشريحة الأكبر من المواطنين يعكس جهود الحكومة في تدعيم شبكة الحماية الاجتماعية للمواطنين والشريحة الاكثر تضرراً من الآثار الناتجة عن تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي.
أضاف أن القرار يستهدف توفير منافسة عادلة للمنتجات المحلية مع المثيل المستورد والحفاظ علي حقوق الخزانة العامة من الضرائب الجمركية التي يجب أن تسدد بالسعر الحر والطبيعي للدولار وفقا لما يجب أن يكون وما هو معمول به في كل دول العالم.
وقال إن تعديل سياسة الدولار الجمركي التي بدأت من الشهر الحالي يأتي انعكاسا للتحسن الاقتصادي الذى حققته مصر جراء تطبيق برنامجها الإصلاحي وبالتالي عدم الحاجة الى تدابير استثنائية مثل التي قد تم اتخاذها بالفعل أثناء الأزمة السابقة والتي كان من ضمنها تحديد سعر الدولار بقيمة أقل من أسعار تداوله الحقيقية محليا.
أوضح وزير المالية أن القرار يعزز أيضا مظلة حماية الصناعة الوطنية من خلال ضمان منافسة عادلة للمنتجات المصرية مع السلع المستوردة ومنحها ميزة تنافسية تساهم في التوسع في الصناعة المحلية.
أكد الوزير أن القرار لا يستهدف فقط زيادة الحصيلة الجمركية أو تنمية عائد من عوائد الدولة بقدر الاستغلال الأمثل للعملة الصعبة لأن السلع “الترفيهية” التي أخضعها القرار لسعر الصرف المعلن للدولار من البنك المركزي تمثل نسبة ضئيلة من السلع المستوردة.
لكن رضوى السويفى محللة الاقتصاد الكلى فى بنك الاستثمار فاروس تعتقد أن أحد أهداف القرار هو تخفيف الطلب على الواردات كما حدث بعد تحرير سعر الصرف وهو ما سيؤثر ايجابا على الميزان التجارى ويخفف الطلب على العملة الأجنبية فى ظل تسجيل البنوك التجارية عجزًا فى الأصول الأجنبية لديها.
وسجل العجز فى الميزان التجارى غير البترولى لمصر قفزة كبيرة فى الشهور العشرة الأولى من العام بعد النمو القوى للواردات.
وأظهرت بيانات صادرة عن هيئة الرقابة على الصادرات والواردات أن العجز التجارى للسلع غير البترولية ارتفع بمعدل 24.4% فى الشهور العشرة الأولى من 2018 مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضى، ما يشير إلى انتهاء أثر تحرير سعر العملة العام قبل الماضى على تحسين المبادلات التجارية الخارجية للبلاد.
ونمت الواردات غير البترولية 19% بعد أن ارتفعت بنحو 9.2 مليار دولار لتصل إلى 57 ملياراً و765 مليون دولار فى الفترة من يناير وحتى أكتوبر مقارنة بـ48 ملياراً و545 مليون دولار عن نفس الفترة من العام الماضى.
فى المقابل نمت الصادرات غير البترولية 11% حيث بلغت 20 ملياراً و642 مليون دولار مقابل 18 ملياراً و551 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي بفارق 2 مليار و91 مليون دولار.
هذا النمو القوى للواردات وضع الحكومة فى مأزق فى ظل الاضطرابات التى تتعرض لها عملات الأسواق الناشئة واستمرار خروج الأجانب من سوق الدين الحكومى والذين سحبوا أكثر من 10 مليارات دولار من البلاد فى 7 شهور، وهو ما دفعها لاتخاذ القرار الذى يفترض ان يقلل الطلب على العملة الأجنبية.
وقال السيد نجم رئيس مصلحة الجمارك لـ”البورصة”، إن الوزارة تسعى للحفاظ على الاحتياطى النقدى من خروج الدولار للخارج.
وأضاف أن من بين الأسباب الأخرى “تفعيل الصناعة الوطنية وتشجيع التصنيع المحلى فى ظل وجود سلع تستهدف الدولة حمايتها”.
ويبلغ الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى 44.5 مليار دولار ورغم ارتفاعه المستمر إلا أنه ينمو ببطء شديد خلال الشهور الماضية.
ورغم المليارات التى خرجت من البلاد فى صورة تحويلات من سوق الدين ومدفوعات عن الواردات إلا أن الجنيه مازال مستقرا، ولم يفقد سوى 1% من قيمته منذ بداية العام الحالى.
ويبلغ سعر بيع الدولار حاليا 17.97 جنيه.
لكن محمد أبوباشا محلل الاقتصاد الكلى فى بنك الاستثمار هيرميس توقع أن يفقد الجنيه ما بين 3% و5% من قيمته خلال العام المقبل.
وقال فى ورقة بحثية على موقع المجموعة المالية هيرميس إنه رغم أن العملة مقومة بأقل من قيمتها لكنها فقدت كثيراً من جاذبيتها خلال العامين الماضيين فى ظل فروق التضخم الكبيرة مع الشركاء التجاريين وثبات سعر الصرف الإسمى.
لكنه ذكر أنه بخلاف ذلك لن يتعرض الجنيه لضغوط كبيرة فى ظل ارتفاع الاحتياطى الأجنبى واستمرار الفائدة المرتفعة وتراجع عجز الحساب الجارى.