النمو المفقود.. غياب غربى عن جنى ثمار نهضة الأفارقة


مطلوب تعزيز دور المرأة والاستفادة من دفع الصين للنمو العالمى
%40 من سكان العالم يعيشون فى أفريقيا بنهاية القرن الحالى

بما أن أفريقيا أكثر عرضة من أى قارة أخرى لآثار تغير المناخ ومع احتمال أن تؤدى هذه الآثار إلى تكثيف التهديدات التى تشكلها أفريقيا بالفعل على بقية العالم فهناك حاجة أكبر للمشاركة الدولية البناءة فى القارة وإلى جانب ذلك يمكن أن يجنى الاقتصاد العالمى مكافآت كبيرة من الشراكة الإيجابية.
وغالباً ما يكون النمو الاقتصادى مدفوعاً بالاستفادة من الموارد غير المستغلة من النوع الذى تملكه أفريقيا، وخلال القرن الماضى، أظهرت تحولات زلزالية اثنين من هذه التأثيرات القوية وهى استيعاب النساء فى القوى العاملة، كما هو الحال فى الولايات المتحدة أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية وإدماج الصين فى الاقتصاد العالمى.
وتضع دراسة أعدتها منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية عام 2012 عن الاقتصادات المتقدمة علاقة قوية بين مشاركة المرأة فى القوة العاملة والنمو الاقتصادى الأسرع.
وبالمثل، يقدر بنك “جولدمان ساكس” أن رفع معدل مشاركة المرأة فى قوة العمل إلى مستوى الرجل يمكن أن يسهم فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 9 % فى الولايات المتحدة و16% فى اليابان، وخلال عام 2018، من المتوقع أن تسهم النساء بـ18 تريليون دولار فى الاقتصاد العالمى.
وبالنظر إلى المستقبل، يجد معهد “ماكينزى” العالمى أنه من خلال تسريع الدفع نحو تحقيق المساواة بين الجنسين يمكن إضافة 12 تريليون دولار إلى الناتج المحلى الإجمالى العالمى بحلول عام 2025.
وفى الوقت نفسه، تقدمت الصين بالفعل إلى النقطة التى تسهم فيها الآن فى النمو الاقتصادى العالمى أكثر من أى بلد آخر، ويقدر البنك الدولى أنه فى حين أن الصين تمثل 15% من الاقتصاد العالمى، إلا أنها تقود ما يصل إلى 30% من النمو العالمى ومن المحتمل أن تمثل 35% من النمو عام 2019.
ولا يوجد سبب وجيه لعدم قدرة أفريقيا على القيام بنفس الشىء فى يوم من الأيام نظراً لثروتها من الموارد غير المستغلة والقوى العاملة اليافعة فى حين من المتوقع أن يستقر سكان الهند والصين أو حتى يتراجع تعدادهما وبحسب تقديرات الأمم المتحدة ستشهد أفريقيا حدوث طفرة ديموجرافية فى العقود المقبلة.
وبحلول نهاية هذا القرن، سيكون 40% من سكان العالم أفارقة، بعد أن كان 9% فقط فى عام 1950، واعتماداً على الطريقة التى يختار بها العالم التعامل مع أفريقيا، يمكن أن يكون هذا النمو مصدراً لعدم الاستقرار العالمى أو الرخاء الجديد.
وتعتبر التحديات التى تواجه أفريقيا ليست مصادفة فهى إرث لنمط طويل من التدخل الأجنبى منخفض الجودة بداية من التدافع الاستعمارى من أجل أفريقيا نهاية القرن التاسع عشر إلى العصر الحديث لبرامج المعونة الخارجية التى تركز إلى حد كبير على تخفيف المخاطر بدلاً من توفير قوة دافعة للنمو الاقتصادى.
ولم يغير أسلوب الغرب المتبدل تجاه أفريقيا سجله الحافل سيئ السمعة فعندما كان الخيال الغربى ينظر إلى الأفارقة على أنهم مصدر للثروة، فإنهم ينظر إليهم الآن على أنهم فاشلون وغير قادرين على النجاح، وأدى هذا الشعور إلى فك الارتباط عن الشئون الاقتصادية وعملية تحضر القارة، لكن التاريخ أظهر أن فك الارتباط غالباً ما ينذر بالكوارث.
وفى أعقاب الحرب العالمية الأولى، تجاهل الحلفاء أن ألمانيا قد تشكل خطراً فى يوم من الأيام أمام العالم ففى الوقت الذى انقسم فيه الغرب واستسلم للفساد وعدم الاستقرار السياسى والتضخم المفرط وتزايد التطرف نشبت حرب عالمية أودت بحياة أكثر من 50 مليون شخص وكلها عناصر محددة لتجربة أفريقيا اليوم.
وبعد الحرب العالمية الثانية، اتخذ الحلفاء نهجاً مختلفاً فبدلاً من تحدى ألمانيا بالديون ساعدت الولايات المتحدة فى إعادة بنائها بينما قادت أيضاً جهداً تاريخياً لتسهيل التجارة الدولية ومنع عودة التطرف القومى، هذه الجهود تؤتى ثمارها واليوم باتت ألمانيا هى العمود الفقرى الاقتصادى للاتحاد الأوروبى.
إن تجربة ألمانيا بين الحربين العالميتين بمثابة تحذير لما يمكن أن يحدث إذا تم تجاهل أفريقيا، حيث تثبت تجربتها فى فترة ما بعد الحرب الفوائد المحتملة لتخفيف مخاطر الأزمات المتفجرة من خلال الشراكة البناءة التى تركز على الاستثمار الاقتصادى المنتج طويل الأجل، ومن الناحية العملية، تعنى الشراكة البناءة تحديد الأسباب الجذرية للأزمة فى أفريقيا والتركيز على الطريق الإيجابى للتحرك إلى الأمام.
وينطوى ذلك على الأساسيات الاقتصادية للقارة وعوائد الاستثمار التى تخفض المخاطر، لكن هذه المكاسب فشلت فى أن تتحقق مراراً وتكراراً فلاتزال العوائد منخفضة نسبياً على نطاق عالمى، ويشعر بعض المستثمرين بالقلق من أنهم قد يفشلوا فى تغطية تكلفة رأس المال سواء بالنظر إلى أسواق الأسهم أو الاستثمار المباشر.
وتتطلب الشراكة البناءة أن يعامل الغرب إفريقيا باعتبارها شخصية اعتبارية بالغة فى العالم ومثل ذلك الشخص البالغ تحتاج أفريقيا حلولاً استثمارية طويلة الأجل وليست مؤقتة.
إن البديل أكثر من التفكير قصير المدى الذى حدد الارتباط الغربى خلال العقود الماضية بالقارة هو إيجاد وصفة شاملة لمشكلات المرض والتطرف والهجرة الجماعية، وكلها ستخدم بقية العالم.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: أفريقيا

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://alborsanews.com/2018/12/06/1158819