تباطؤ أسواق العقارات فى دبى وتركيا يرفع فرص القطاع لجذب استثمارات أجنبية
عدم العدالة فى توزيع الثروة يتنامى وتهديد للإصلاح الاقتصادى
3.5% من المعاملات المالية تتم عبر الإنترنت.. و3.8% عبر البطاقات الإلكترونية
دور الدولة الكبير فى القطاعات الحيوية يحد من استثمارات القطاع الخاص
قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطنى، إنَّ مصر تمتلك عدة مقومات؛ أبرزها قوة العمل الضخمة، وتنوع الاقتصاد، والموقع الجغرافى الجيد، والوصول السريع للأسواق الخارجية، لكن التنمية الاقتصادية ظلت مقيدة بالدور الكبير للدولة فى النشاط الاقتصادى وضعف الشفافية.
أضاف البنك، أن هذا القيد منع البلاد من الحصول على مزايا العولمة التى رفعت مستوى المعيشة لعدد من الدول المماثلة.
ودفعت هذه الأوضاع الحكومة المصرية لتبنى برنامج إصلاح اقتصادى على مدار العامين الماضيين.
إنجازت كبيرة فى وقت قصير، لكن الاستمرارية أهم
قال التقرير، إنَّ التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد المصرى سينمو بمعدل 5.5% رغم ارتفاع أسعار النفط وضعف شهية المستثمرين الأجانب لأصول الأسواق الناشئة.
كما أن عجز الحساب الجارى من المتوقع أن يتراجع إلى 2% من الناتج المحلى الإجمالى، وكذلك التضخم العام إلى متوسط 14%، رغم أن مصر مُقدمة على خطوة تحرير سعر الوقود.
لكن خدمة الدين المرتفعة والمدفوعة بالتشدد النقدى عالمياً ستضغط على العجز المالى، خلال السنوات المقبلة، فى غياب بنود تعوض الزيادة فى تكلفة التمويل.
مستقبل مصر أكثر إشراقاً: الفرص والتحديات
قال التقرير، إن مصر تشهد، حالياً، اهتماماً متنامياً من جانب مستثمرين فى المنطقة وأجانب كوجهة استثمارية للاستفادة من الفرص الكثير المحتملة فى ظل قوة العمل الكبيرة والموقع الاستراتيجى والتكلفة المحدودة لأداء الأعمال.
أضاف أن تنوع الاقتصاد يتيح فرصاً فى قطاعات مختلفة، فالاستثمار فى قطاع الغاز واعد، وأبرمت مصر شراكات ناجحة مع مستثمرين إقليميين وأجانب فى القطاع، كما أن قطاع العقارات سيكون له دور فى جذب مزيد من الاهتمام، خاصة أن الأسواق المجاورة، إما متخمة، وإما غير مستقرة مثل دبى وتركيا. أضافت أن القطاع السياحى بصفة خاصة من المتوقع له أن يزدهر فى ظل التحسن والاستقرار فى الأوضاع الأمنية، وتحرير سعر الصرف الذى جعل مصر وجهة سياحية أرخص، ما يفتح باب الاستثمار فى المطاعم والبنية التحتية والصناعات الغذائية.
كما توجد، أيضاً، فرصة كبيرة للاستثمار فى القطاع المالى، خاصة أن نسبة الشمول المالى فى مصر ضعيفة، ما يحفز توسع مقدمى الخدمات المالية والبنكية خلال السنوات المقبلة؛ لاستيعاب مستوى الطلب فى السوق، وسيدعم ذلك بالتبعية الاستثمارات فى قطاع التكنولوجيا المالية التى قطعت مصر فيها شوطاً كبيراً.
وأشار التقرير إلى بيانات البنك المركزى التى تفيد بأن تدفقات استثمارات الأجانب المباشرة لمصر خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالى الماضى بلغت 10.24 مليار دولار، منها 6.7 مليار دولار فى قطاع البترول تمثل 66.3% من جملة الاستثمارات، مقارنة بمساهمة نسبتها 61.4% خلال الفترة نفسها من العام الماضى.
أضاف أن القطاع الصناعى جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 1.049 مليار دولار، مقابل 541.3 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضى ليسهم بنحو 10.2% من إجمالى الاستثمارات.
وذكر أن القطاع الإنشائى جذب استثمارات بنحو 439.9 مليون دولار، مقابل 76.3 مليون دولار الفترة نفسها من العام الماضى.
وقال التقرير، إنه رغم أن الفرص كثيرة والرؤية المستقبلية واعدة فإنَّ مزيداً من العمل مطلوب على مسائل هيكلية للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلى، خاصة أن مصر تواجه عدداً من المخاطر والتحديات الهيكلية.
وقال إن الحساسية مرتفعة للصدمات الخارجية، فخلال السنوات الماضية فتحت مصر أسواقها للاستثمارات والتجارة الدولية، ورغم أن هذا الانفتاح يساعدها وجعلها أكثر انغماساً فى الاقتصاد العالمى ما يفيدها فى التجارة والتكنولوجيا وتدفقات رؤوس الأموال، لكن فى الوقت نفسه يخلق مخاطر فى الوقت الذى لا تساعد فيه الأوضاع المحلية السيئة نوعاً ما على احتوائها.
ومن بين تلك المخاطر، مخاطر ارتفاع سعر البترول الذى بوسعه أن يضغط على معدلات التضخم وميزان الحساب الجارى والاستهلاك وبالتبعية معدلات النمو.
وقال التقرير، إن الحفاظ على الأهداف المالية المحددة يتطلب مزيداً من ضبط أسعار الوقود الذى يضغط على جميع الفئات خاصة الفقيرة والمتوسطة، وهو ما بوسعه أن يضعف الدعم لبرنامج الإصلاح.
وتواجه مصر مخاطر أسعار الفائدة فى ظل ارتفاع تكلفة الاقتراض فى ظل أزمات الأسواق الناشئة، ما يضغط على تدفقات الأموال، واحتياطى النقد الأجنبى للبنك المركزى وسعر الصرف.
أضاف أن التضخم يدفع المستثمرين فى الأوراق المالية لطلب معدلات عائد أعلى، فحينما كان التضخم عند 14% طلب المستثمرون نحو 19% على استثماراتهم فى أدوات الدين الحكومى.
وقال التقرير، إنَّ ارتفاع الفائدة أمر خارج عن سيطرة الحكومة، لكن عليها تبنى مزيد من الإصلاحات الهيكلية، وتحسين بيئة الأعمال لخفض علاوة المخاطر من أسعار الفائدة.
وتعتمد مصر على رؤوس الأموال الأجنبية بشكل كثيف، ما يمثل تحدياً آخر؛ حيث إن أى تغير فى ثقة المستثمرين سيكون له تأثير عكسى على مصر، فرغم دعم صندوق النقد الدولى وتحسن التصنيف الائتمانى تدفق مزيد من رؤوس الأموال للخارج.
وذكر أن ضعف الاستهلاك المحلى له مخاطر؛ حيث إنه كان المساهم الأكبر فى النمو الاقتصادى وله دور كبير فى جذب الاستثمارات الأجنبية فى القطاعات الاستهلاكية.
وفى ظل مستوى الدخل الضعيف عند 2875 دولاراً للفرد خلال 2017 ستأخذ الاصلاحات وقتاً لزيادة دخل الفرد ورفع معدل استهلاكه.
أكبر المخاطر
واعتبر التقرير، أن عدم استكمال الإصلاح يعد أكبر المخاطر، فإنجاز العديد من الإصلاحات فى وقت قصير مع الحصول على نتائج جيدة شىء، واستمرارية زخم الإصلاح لمدة أطول شىء آخر.
أضاف أن ذلك سيكون متزامناً مع ضغوط زيادة الإنفاق على الأجور وبرامج الحماية الاجتماعية بأكثر مما هو مخطط له، ما يهدد الأهداف المالية والرؤية المستقبلية للاستثمار والنمو.
واتخذت الحكومة المصرية عدداً من الإجراءات، وقدمت قوانين جديدة لتحسين مناخ الاستثمار، لكن هناك مجال لجذب استثمارات أجنبية مباشرة أكبر من المعدلات الحالية عبر تحسين القواعد والحفاظ على استقرار بيئة الاقتصاد الكلى.
أضاف أن الحكومة بحاجة لحل أزمة الشفافية والبيروقراطية والفساد؛ حيث أنها أكبر مهددات للاستثمار.
وقال إنَّ الشركات الدولية بحاجة لمعرفة قواعد اللعب، وبحاجة لضمانات أن دورها لن يتغير بعد استثمار الأموال، فهم بحاجة لفهم التطبيقات العملية للقواعد المنظمة للاستثمار فيما يخص الشروط الواجب توفرها والإجراءات اللازمة فى حالات النزاع.
وقال التقرير، إنَّ القطاع المالى بحالة جيدة ومستمر فى الحفاظ على معدلات سيولته وربحيته المرتفعة، رغم نسبة الشمول المالى الضعيفة، مقارنة بالأسواق الناشئة.
وأشارت إلى بيانات صادرة عن البنك المركزى تشير إلى أن 80% من التعاملات المالية نقدية، و32% من البالغين متعاملون مع القطاع المالى.
ووفقاً لبيانات «فيندكس»، الصادرة عن البنك الدولى، فإنَّ 3.5% من المعاملات المالية تمت عبر الإنترنت خلال العام الماضى، و3.8% تمت عبر البطاقات الإلكترونية، فى حين أن 10.5% من البالغين استخدموا الإنترنت أو الموبايل للوصول إلى حساباتهم البنكية رغم أن 45% من السكان يستخدمون الإنترنت.
وذكر أن تطوير القطاع المالى مهم جداً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة فبوسعه خفض التكلفة وزيادة كفاءة إدارتها وبالتبعية زيادة فرص العمل من خلالها.
التعليم وسوق العمل
وقال التقرير، إنَّ تطوير نظام التعليم حجر زاوية لاستدامة الاستقرار الاقتصادى ودفع النمو على المدى الطويل وتوفير فرص عمل.
أشار إلى أن نظام التعليم غير مناسب لطبيعة العالم المتطورة، ويفرز خريجين غير مناسبين لمستوى الطلب فى سوق العمل، وهو ما يتطلب عدم زيادة الإنفاق على التعليم إلا إذا كانت هناك خطة واضحة بأهداف محددة وجدول زمنى.
وضرب مثالاً ببلدان لها خبرات فى هذا المجال؛ مثل المكسيك وماليزيا اللتين استثمرتا فى مجال التعليم، ونجحتا فى توفير ملايين فرص العمل.
وحذر التقرير من تأثير اتجاه دول مجلس التعاون الخليجى لزيادة دور المواطن المحلى فى سوق العمل على حساب العمالة الأجنبية.
أوضح أن هناك عدداً كبيراً من المصريين يعملون بدول مجلس التعاون الخليجى فى مختلف المجالات، ما يجعل الأثر على المديين المتوسط والطويل ملحوظاً أكثر، ويضع ضغوطاً على الحكومة لتوفير مزيد من فرص العمل.
تابع «كما أنه يحرم مصر من التدفقات الأجنبية المهمة جداً لمصر الناتجة عن تحويلات المصريين فى الخارج ما بوسعه أن يهدد استقرار الحساب الجارى».
وذكر الكويت الوطنى، أنه رغم معدلات النمو المرتفعة خلال العقود الماضية تظل أوضاع المعيشة لمتوسط المصريين فقيرة.
وأشار إلى تقرير صادر عن بنك كريدى أجريكول يقول إنَّ 1% من المصرين يمتلكون نصف ثروة مصر فى 2014 مقابل ثلث الثروة فقط عام 2000، ما يعنى أن فجوة العدالة تتسع، وغالباً اتسعت أكثر خلال الفترة الماضية.
وذكر أنه رغم جهود الحكومة لحماية الفئات الأضعف بعد خفض قيمة العملة ورفع الدعم عن المحروقات والكهرباء، فإنَّ القوة الشرائية بمعدلات أكبر للفئات الفقيرة والمتوسطة، وتعد عدم العدالة التى تنمو بسرعة حجر عثرة فى وجه مكتسبات الإصلاح، وقد تخلق موجة مضادة لبرنامج الإصلاح لا يمكن تفاديها.
وقال البنك، إنه لاستدامة زخم الإصلاح الاقتصادى على المدى المتوسط، يجب أن تكون أولويات الحكومة هى زيادة الإنتاج المحتمل، وترويج النمو الاحتوائى لخلق فرص العمل عبر خفض دور الدولة فى الاقتصاد.
أضاف أن جهود الدولة يجب أن تنصب على موازنة الأدوار بين القطاعين الخاص والعام، ليكون دور الأخير الأساسى إمداد بنية تحتية تمكن القطاع الخاص من أن يكون المحرك الرئيسى للنمو.
وأشار إلى أن الدولة تملك عدداً كبيراً من الشركات فى قطاعات معددة مثل الطاقة والبنوك والصناعة والزراعة والنقل والسياحة والخدمات، ويؤدى ذلك الدور السائد للدولة إلى تهميش وإضعاف القطاع الخاص، وتحديد المساحة المالية للاستثمارات المنتجة للقطاع الخاص.
وذكر أن عدداً من الدول اتخذت معايير لإنهاء السياسات الأحادية ودعم القطاع الخاص، بما يدعم معدلات النمو أبرزها إندونيسيا وماليزيا.