لا أدرى لماذا كانت ترن فى أذنى وأنا أكتب تلك المقالة الأغنية الفلكلورية “يا سمبتيك خالص يا مهندم”؟
هل بسبب أن صادراتنا فعلاً سمبتيك؟
ولكن تلك الصفة غير محبب أن ترتبط بقيمة الصادرات، إحنا عايزين الصادرات تكسر حالة الريجيم دى، لتتبع برنامج للتسمين بصراحة؟
فخلال الأيام القليلة السابقة، اشتركت في مؤتمر علمى عن السعادة الاقتصادية، وجاءت ورقتى لتربط ما بين الصادرات الصناعية والسعادة الاقتصادية، والتى أعترف إنها تدبيسة سودة.
مبدأياً حاولت التعرف على ماهية السعادة الاقتصادية، فهو مصطلح كان جديداً بالنسبة لى، ودعانى الأمر أن أبحر فى علوم النفس والاقتصاد الإسلامى، والعلوم السياسية وآراء الفلاسفة، ووصولاً إلى الاقتصاد الحديث، لأخرج بمفهوم موحد ألا وهو أن السعادة الاقتصادية لن تتحقق إلا من خلال التقرب إلى الخالق والعمل وخدمة المجتمع وتحقيق المنفعة ومن ثم الوصول إلى تحقيق السعادة من خلال الشعور بالرضى بما يمتلكه الإنسان أو حققه من إنجازات، ومن هنا نصل إلى السعادة الاقتصادية.
ووجدت أن هناك تقرير يصنف الدول وفقاً لسعادتها الاقتصادية، ويستند إلى معايير محددة، تضم دخل الأفراد، وبشاشة المواطنين، ومتوسط أعمارهم، وهو الأمر الذى يمكن أن نسرد له مقال منفصل.
وحينما جئت لأربط ما بين السعادة الاقتصادية والصادرات الصناعية، فكرت فى أن يكون المدخل هو أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ومعايير جودة الحياة، لأبحث عن تناولها للصادرات، وأهميتها فى الوصول إلى جودة الحياة، ومن ثم تحقيق السعادة الاقتصادية.
وبالفعل وجدت أن أهداف التنمية المستدامة لم تنس أهمية تعظيم الصادرات الصناعية والعمل على زيادة القيمة المضافة للمنتجات، وتحسين الإنتاجية، وتدعيم الشراكات بين الدول، ودعم الابتكارات، ووجود منظومة لإدارة المخلفات الصناعية، كلام جميل.
صادراتنا فين من ده كله؟
الصادرات المصرية وصلت إلى حوالي 22.5 مليار دولار عام 2017، محققة معدل نمو بلغ نحو 18.5% عام 2017، مقارنة بأقل قيمة للصادرات عام 2015، كما أن الواردات انخفضت لتصل إلى حوالى 57 مليار دولار عام 2017، محققة معدل انخفاض قدره 21% عام 2017 مقارنة بأعلى قيمة للواردات عام 2014، ولكن!
سنلاحظ، أن الصادرات من مواد البناء والكيماويات والأسمدة تصل نسبتها مجتمعة إلى حوالي 35% من إجمالى الصادرات المصرية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى نظم رقابة متطورة تستهدف الحفاظ على البيئة، ومن ثم تحقق جودة الحياة المنشودة.
الصادرات المصرية التي تنتمي إلى المواد الخام أو المنتجات النصف مصنعة تصل نسبتها إلى حوالي 46% من إجمالى الصادرات المصرية، فى حين أن المنتجات نهائية الصنع تصل نسبتها إلى حوالى 54% من إجمالى الصادرات المصرية.
وبالنسبة إلى السلع المبتكرة لم أجد إجابة صريحة عن نسبتها سوى من خلال المنتجات اليدوية والأثاث والملابس الجاهزة ونسبتهم جميعاً لم تتجاوز الـ 10% من إجمالى الصادرات المصرية، فتلك المجموعات السلعية هي التي يمكن أن نستنبط أنها تحمل نوع من الابتكار، فهناك فارق كبير بين ما تمتلكه الدولة من براءات اختراع فقط، وبين امتلاك الدولة لبراءات اختراع تم تحويلها بالفعل إلى منتجات مصنعة، وتم التوسع فى تصديرها.
وبالنسبة إلى إدارة المخلفات الصناعية، وجدت أنه لا يوجد برنامج واضح للتعامل مع المخلفات الصناعية، فما أعلمه أن هناك محاولات ونيات، لكن لم تظهر فعلياً على ارض الواقع.
خرجت من تلك الدراسة بنتيجة جوهرية ألا وهى أن منظومة الصادرات الصناعية المصرية فى حاجة إلى مزيد من الجهود لدعم ارتباطها بأهداف التنمية المستدامة، بحيث ينعكس أدائها بصورة ملموسة على جودة الحياة بالنسبة للمواطن، ومن ثم تظهر على أداء مؤشر السعادة الاقتصادية.
لاستكمل الاستماع إلى باقى الأغنية الفلكلورية
أنا ليا عشم فيك..
والهادى يهديك .. يا سمبتيك…
والكلام لصادراتنا الصناعية، والتى نتعشم أن تسعدنا اقتصادياً
د/ شيماء سراج عمارة
خبير اقتصادى
[email protected]