تواجه البنوك فى لبنان، خطر إعادة هيكلة ديونها ؛ لكن فى الوقت نفسه، يشير البنك الأمريكى «جولدمان ساكس» إلى الفرص الكبيرة التى قد يقتنصها المستثمرون من اضطراب أحد أكثر بلدان العالم مديونية، وعلى حافة الأزمة المالية.
وبموجب السيناريو الأساسى للبنك الأمريكى، فإنَّ المستثمرين الأجانب سيجنون 35 سنتاً على كل دولار يقرضونه للبنوك اللبنانية، حسبما قال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادى فى «جولدمان ساكس».
ومع ذلك، يقول «سوسة»، إنَّ أى إصلاح للديون سيكون لصالح البنوك المحلية، بمعنى أن قيمة الاسترداد الفعلية ستختلف اختلافاً كبيراً لاحتواء الضرر.
فالمقرضون المحليون هم من بين أكبر أصحاب الديون السيادية اللبنانية.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أنَّ الاضطرابات السياسية، وتراجع النمو الاقتصادى، يثيران تساؤلات بشأن المدة التى يمكن أن يتجنب فيها لبنان الانهيار المالى الذى من شأنه أن يزيد من زعزعة استقرار المنطقة التى تهزها الحرب فى سوريا والتوتر بين إسرائيل وحزب الله.
وكشفت بيانات «بلومبرج»، أنَّ مخاطر الديون السيادية فى لبنان ارتفعت 280 نقطة أساس، العام الماضى لتصل إلى 800 نقطة، ما يجعل البلاد ثالث أسوأ أداء فى العالم من حيث التخلف عن سداد الديون.
وقال «سوسة»، إنه فى ظل الغياب المستمر للتحسينات الكبيرة فى الآفاق السياسية والاقتصادية والمالية للبلاد، فإنَّ إمكانية حدوث أزمة مالية، والتخلف عن سداد الديون السيادية آخذة فى الارتفاع.
ومن غير المرجح، أن تجعل البلاد ديونها مستدامة من خلال تعديل السياسات الماليات، وهو ما سيتطلب تراجعاً حاداً فى أسعار الفائدة أو نمواً اقتصادياً كبيراً.
وأوضحت بيانات صندوق النقد الدولى، أن متوسط النمو الاقتصادى فى لبنان بلغ حوالى 1.6% بين عامى 2011 و2018، مقارنة بـ7% فى السنوات السبع السابقة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى منعت فيه الخلافات السياسية بين الكتلة المؤيدة للسعودية وحزب الله، المدعوم من إيران من تشكيل حكومة منذ مايو الماضى.
وأدت الاستقالة المؤقتة لرئيس الوزراء سعد الحريرى، عام 2017 والتى تم توجيه اللوم فيها على نطاق واسع للمملكة العربية السعودية إلى تقويض ثقة المستثمرين فى الاقتصاد.
وقال «سوسة»، إنَّ العلاقة التكافلية بين السلطات والبنوك، تُعقد عملية تخفيف أحد أكبر أعباء الديون فى العالم.
وأضاف: «من المحتمل أن تكون أى إعادة هيكلة ممكنة مصممة بطريقة تقلل من تداعيات تعثر البنوك المحلية».
وفى الوقت الذى تأرجح فيه لبنان طويلاً على حافة أزمة كاملة، فإنه لم يتخلف أبداً عن سداد ديونه، رغم الحرب الأهلية التى دامت 15 عاماً، والعديد من الصراعات مع إسرائيل، والحرب المدمرة المجاورة فى سوريا التى كلفت اقتصادها 18 مليار دولار.
وقال «سوسة»، إنَّ النظام المالى فى لبنان ربما يكون لديه سيولة كافية من العملات الأجنبية لتمويل العجز للسنتين المقبلتين.
وحذر على حسن خليل، وزير المالية المؤقت، الشهر الماضى، من أن الأزمة بدأت تتحول إلى كارثة مالية؛ بسبب العقبات الاقتصادية.