تشكك الولايات المتحدة فى المساعدات المالية التى تقدمها للبلدان الإفريقية فى ظل استراتيجيتها الجديدة للقارة السمراء.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن المساعدة الدولية قد تظل مهمة لبعض الدول عبر القارة، ولكن من خلال الاستثمار ستضمن إفريقيا التنمية والرخاء.
ولكن يبدو أن الولايات المتحدة تتخذ مقعداً خلفياً عند الاستثمار فى إفريقيا، وهذا التناقض يكمن فى حقيقة أن القارة تسعى إلى جلب الاستثمارات من أولئك الذين يعاملونها كشركاء تجاريين وعلى رأسهم الصين.
وفى مقال نشره أبوبكر عمر هادى، رئيس مجلس إدارة هيئة الموانئ والمناطق الحرة فى جيبوتى على صفحات “فاينانشيال تايمز”، أوضح أن أفريقيا تقع في مركز التجارة الدولية بين آسيا وأوروبا والأمريكتين وهى أكثر من مجرد حقيقة جغرافية، وبعد يوم اكتسبت القارة السمراء مزيداً من العوامل للمساهمة فى نمو عالمى أوسع.
وقال هادى، إن رأس المال البشرى كان عاملاً مهماً فى جعل الصين قوة اقتصادية عظمى وبحلول عام 2050 ستكون أفريقيا موطناً لسكان يبلغ عددهم 2.4 مليار نسمة- أى ربع سكان العالم منهم مليار شخص دون سن الـ18 عاماً.
وفى أفريقيا كما هو الحال فى الصين يعد رأس المال البشرى أحد الأصول الرئيسية للنمو، ويجب أن تستمر الدول الأفريقية فى تحسين آفاق الشباب الذين يبحثون فى كثير من الأحيان عن فرص فى أماكن أخرى.
وتعوق الحواجز الجمركية إمكانات السوق الأفريقية، ولهذا السبب تقوم أفريقيا ببناء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم بحلول عام 2030 وبمجرد تنفيذها سيتوحد ما يصل إلى 55 دولة بمجموع إجمالى ناتج محلى يبلغ 3.3 تريليون دولار.
وأكدّ هادى، ان الأمر سيستغرق 14 عامًا فقط لأفريقيا من أجل تكرار ما حدث في قارات أخرى، وأرسل الطبيب الكونغولى الحائز على جائزة نوبل للسلام تقديراً لجهوده في معالجة ضحايا العنف الجنسى، دينيس موكويغى، رسالة تذكير قوية قائلاً إن البلدان الأفريقية من بين أغنى البلدان على كوكب الأرض، لكن شعوبها من بين أفقر الناس فى العالم.
ورغم أن أفريقيا تفقد أى فرصة لخلق وظائف وثروة، إلا أن هذا الوضع فى طور التغيير، فالنمو الاقتصادى الأفريقى مدفوع بمتطلبات الطبقة المتوسطة المتنامية فى القارة والتى تعتزم تحويل وإضافة قيمة للبضائع التى تصدرها فى الوقت الراهن.
وأظهرت أحدث بيانات التصنيفات الدولية، إشارات مشجعة حيث قفزت جيبوتى 55 مراكزاً فى عام واحد في ترتيب تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2018 الذى أعده البنك الدولي، وكانت واحدة من أفضل 10 اقتصادات فى سهولة ممارسة أنشطة الأعمال.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تفتخر فيه إثيوبيا بتسجيل نمو مرتفع، وينبغي لنا جميعاً أن نحتفل بالتطورات السياسية الأخيرة فى منطقة القرن الأفريقى.
وكشف هادى، أن هذه التطورات تمضى قدما فى هذه القارة، إذ تستعد لتدشين العديد من الموانئ وسط الطلب المتزايد من شرق أفريقيا، فى ظل توسع شبكات السكك الحديدية سريعاً فى المغرب ونيجيريا والقرن الأفريقى، ومن المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى 3.8% فى عام 2019.
ومع ذلك فبدلاً من تحفيز الأمل والثقة تستمر قارتنا فى إثارة الشكوك الناجمة فى الغالب عن أفكار مسبقة أو تحليلات غير كافية، وتتعلق الاهتمامات الأكثر شيوعًا بالديون، فالبلدان الأفريقية التى أصبحت مقيدة للغاية لبعض الدائنين، لاسيما الصين ترهن سيادتها في المستقبل.
ولكن بغض النظر عن ذلك فإن العديد من الدول الأفريقية تشهد معدلات نمو ملحوظة، إذ يبلغ معدل النمو فى روندا نسبة 8% وإثيوبيا نسبة 11% وكوت ديفوار 7.2%.
وفى القريب العاجل ستكون دول أخرى فى القارة في نفس القارب على المستوى العملى الأمر الذى يعنى أن دولنا أصبحت أكثر ثراءً، وهو ما يعزز فى النهاية قدرتها على سداد ديونها.
ويكمن التحدى فى ضمان أن يكون هذا النمو مستداماً وأن تدمج أفريقيا بقوة فى عالم العولمة، ومن اجل القيام بذلك ينبغى على القارة إعطاء الأولوية لمعالجة فجوة البنية التحتية، فالتوقعات الجديدة من البنك الأفريقى للتنمية، تشير إلى أن البنية التحتية للقارة تحتاج لما يقرب من 150 مليار دولار سنوياً مع وجود عجز فى التمويل فى المنطقة يتراوح بين 68 مليار دولار و108 مليارات دولار.
ومن المقرر أن تعمل هذه الاستثمارات على ضمان الإفادة لهذا الكوكب بأسره من خلال تعزيز دور أفريقيا كجسر طبيعي بين القارات وتسريع التجارة الدولية.