عزوف عن الاقتراض وتوجه لطرح منتجات جديدة وتوظيف عمالة.. وتوقعات باستقرار الدولار
أظهر مسح أجرته «البورصة» للشركات عن توجهاتها فى العام الجديد نحو التوسع والتوظيف رغم المخاوف وطرح منتجات جديدة.
وجرى استطلاع 140 شركة فى نحو 12 قطاعاً اقتصادياً أبرزها القطاعات المالية غير المصرفية والمصرفية والصناعية واللوجيستية والزراعية والطاقة.
طرح المسح 7 أسئلة عن التوسعات والتوظيفات الجديدة والاقتراض ورفع الأسعار وتوقعات سعر الصرف وإمكانية الاستثمار فى العاصمة الإدارية الجديدة.
توسعات قوية للشركات فى 2019
وقال %81 ممن أجابوا على السؤال عن إمكانية إجراء توسعات فى العام الجديد «113 شركة» أنهم يعتزمون القيام بتوسعات، بينما قال نحو %18 إنهم لا ينوون القيام بأى توسعات.
وجاء الحديث عن التوسعات من أغلب القطاعات خصوصاً القطاعين المالى والسياحى، وحتى القطاع الصناعى، لكن جزءاً مهماً ممن قالوا إنهم لن يتوسعوا فى العام الجديد كانوا من القطاع الصناعى خصوصاً صناعة الأسمنت.
وقالت شركتان من المشاركين فى الاستطلاع إنهما غير متأكدتين من بيئة الأعمال فى العام الجديد ورهنتا أى توسعات بوجود تحسن فى الأوضاع الاقتصادية بشكل عام.
قال حسن حجازى رئيس لجنة الضرائب والجمارك بالغرفة الامريكية، إن عدداً من الشركات الكبرى التى تزيد على 30 شركة من اﻻعضاء المنتدبين بالشركات الكبرى من اعضاء الغرفة لديهم رغبة لإجراء توسعات فى عام 2019.
وتابع: «تلك الشركات تطالب بوجود اهتمام من الحكومة بالتوسعات الجديدة للشركات مثلها مثل اﻻستثمارات الجديدة»، مشيراً إلى أن المستثمرين الحاليين هم من سيشجعون المستثمرين الجدد على الدخول بالسوق عبر طرح مزيد من الأراضى الصناعية الجديدة.
وذكر أن تيسير إجراءات حوافز التصدير للشركات سيجعلها تعمل على ضخ مزيد من اﻻستثمارات وكذلك سرعة رد الأعباء الضريبية للشركات المصدرة.
وقال إن الشفافية والوضوح وتعاون موظفى الجهاز الإدارى للدولة بداية من المستويات الوظيفية الصغرى وصولاً للمستويات العليا من أهم الإجراءات التى يطلبها المستثمرون الأجانب بالسوق المصرى، فضلاً عن وجود تنسيقات كبرى بين الوزارات فى المرحلة المقبلة.
واشار إلى أنه يوجد جاذبية كبيرة بالسوق المصرى من المستثمرين، كما أن عدداً كبيراً من الشركات حققت أرباحاً بمبالغ كبرى فى ظل الصعوبات البيروقراطية التى تواجهها.
الشركات تعتزم توظيف أشخاص جدد
قال %80 من الشركات التى استطلعتها البورصة، إنها تعتزم توظيف أشخاص جدد فى 2019، بينما قالت نحو %18.6 من الشركات إنها لا تعتزم توظيف أى أشخاص فى العام الحالى، فى حين قالت %1.4 إنها ليست متأكدة من الأمر وستترك القرار لتطورات السوق.
وتعد تلك أنباء جيدة من قطاعات الأعمال المختلفة فى ظل محاولات الحكومة لخفض معدلات البطالة إلى مستوياتها قبل 2011 عند %8 من قوة العمل.
قال بنك الإمارات دبى الوطنى، إن ارتفاع الطلب يدفع الشركات لتوظيف عمالة جديدة، رغم الزيادة المستمرة فى أجور العاملين بالتزامن مع ارتفاع تكلفة المعيشة وقال بنك HSBC، فى تقرير كتاب مصر، إن تضخم الأجور يجب النظر إليه كمحفز للسوق أكثر من تكلفة على الشركات كونه يدعم تعافى القوى الشرائية للمواطنين.
وقال بنك الاستثمار بلتون، إن انخفاض معدلات البطالة مرتبط بشكل وثيق بالمشروعات العملاقة فى مجال الطاقة والبنية التحتية، وأن التنفيذ التدريجى لتلك المشروعات يحفظ التوازن للنمو الاقتصادى عبر الربط بين القطاعات المختلفة.
وقالت ستاندرد أند بورز، إن البطالة تدور حول %11 فى سبتمبر الماضى، وهى أحد العقبات أمام الاقتصاد المصرى، خاصة أن ثلث العمالة مرتكزة فى قطاع الزراعة ما يجعلها عرضة للتقلبات.
وطالب صندوق النقد الدولى، الحكومة بخفض دور الدولة فى الاقتصاد وتشجيع النمو الاحتوائى لخلق فرص العمل عبر طرح حصص من الشركات فى البورصة وزيادة دور القطاع الخاص فى الاقتصاد فى ظل احتياج الدولة لتوليد 700 ألف فرصة عمل سنويًا لاستيعاب الخريجين الجدد، وبلغ أعداد المشتغلين بنهاية الربع الثالث من العام الماضى 26.2 مليون مشتغل، فى حين أن عدد المتعطلين سجل 2.92 مليون تمثل %10 من قوة العمل.
رغم خطط التوسع اتجاه ضعيف للاقتراض قالت %68 من الشركات التى شاركت فى مسح «البورصة»، إنها لا تنوى الاقتراض فى العام الجديد، رغم أن غالبيتها ينوى التوسع، وتباينت الأسباب فى ذلك بين ارتفاع أسعار الفائدة التى تدخل عامها الثالث عند مستويات مرتفعة أو امتلاك السيولة أو الإيرادات الكافية للتوسع فى العام الجديد.
وأجابت قطاعات كاملة على سؤال إمكانية الاقتراض فى العام الجديد بـ«لا»، مثل القطاع العقارى الذى قالت 12 شركة منه أنها تنوى التوسع فى العام الجديد لكن بدون أى قروض، ومع ذلك كانت هناك شركات تنوى الحصول على قروض رغم أنها لا تخطط للتوسع فى العام الجديد.
ويقول بنك الاستثمار بلتون، إن تكلفة التمويل المرتفعة وضغوط الطلب تؤجل تعافى التمويل الرأسمالى حتى عام 2020 لحين استئناف البنك المركزى دورة التيسير النقدى.
أضافت أن نمو القروض بالعملة الأجنبية سيكون مقتصر على طلبات التمويل من الحكومة، وأن قروض القطاع الخاص ستكون معظمها تسهيلات ائتمانية بالعملة.
وقالت ستاندرد أند بورز، إن معدل التغير السنوى فى قروض القطاع الخاص أقل من %1 من الناتج المحلى الإجمالى وأن مزيداً من القيود على الإقراض ستواجه قروض العملاء فى ظل التركز الكبير فى قاعدة العملاء مع صغر حجمها.
أضافت أن نسبة قروض الشركات إلى الناتج المحلى الإجمالى تراجعت خلال العام المالى الماضى، إلى %21.9 مقابل %25.7 خلال العام المالى 2016-2017.، وأشار معهد التمويل الدولى، إن 20 % من الشركات العاملة فى مصر فقط هى التى تقترض من البنوك فى دليل واضح على ضعف آليات انتقال السياسة النقدية والشمول المالى.
وقالت مجموعة إنتيسا سان بولو، إن قروض القطاع الخاص تنمو بوتير متباطئة خلال العام المقبل فى ظل مزاحمة قروض الحكومة لتمويل المشروعات العملاقة لتمويلات القطاع الخاص، وانخفاض القروض بالعملة الأجنبية، وتوقعت تباطؤ نمو قروض القطاع المصرفى إلى %11.2 العام المقبل مقابل %13 العام الماضى.
منتجات جديدة فى العام الجديد
اتساقاً مع نتائج المسح الخاصة بالتوسعات والتوظيفات تعتزم غالبية الشركات إطلاق منتجات أو خدمات جديدة فى العام الجديد.
وقال %77.2 من الشركات «132 شركة أجابت على السؤال» أنها تعتزم إطلاق منتجات أو خدمات جديدة خلال 2019، بينما قالت نحو %22 منها إنها لا تخطط لذلك، وكانت هناك شركة واحدة غير متأكدة من إطلاق أى منتجات جديدة فى العام الحالى.
وكان لافتاً إلى أن كل الشركات المشاركة فى المسح من قطاع التطوير العقارى على سبيل المثال قالت إنها تعتزم إطلاق منتجات جديدة، رغم كل الحديث الدائر حاليا عن تباطؤ القطاع وتعثر الشركات.
وقال بنك HSBC، إن طرح منتجات جديدة فى متناول شريحة كبيرة من المستهلكين بهوامش ربحية جيدة سيكون من العوامل المؤشر بالإيجاب فى أداء الشركات، عبر زيادة حجم المبيعات واستغلال الطاقات المعطلة.
رفع الأسعار مستمر
قالت أغلبية الشركات التى استطلعت «البورصة» توجهاتها فى العام الجديد «135 شركة أجابت على السؤال» أنها تعتزم زيادة أسعار منتجاتها أو خدماتها فى 2019.
وقال %55 من الشركات أنها سترفع أسعار منتجاتها فى ظل التوجه نحو تحرير أسعار الطاقة خلال العام الحالى واستمرار ارتفاعات الأسعار فى السوق.
وقال %41.4 من الشركات أنها لا تنوى زيادة أسعار منتجاتها أو خدماتها بينما قال %3.7 من الشركات أنها ليست متأكدة بعد.
وجاء عدد كبير من الشركات التى قالت أنها لا تخطط لرفع أسعار منتجاتها أو خدماتها من قطاعى الخدمات المالية، المصرفية وغير المصرفية، والصناعة، بينما قال نحو ثلثى المطورين العقاريين الذين شملهم المسح إنهم سيرفعون أسعارهم فى 2019، وفى القطاع الطبى فتبدو شركات الأدوية مصرة على الضغط من أجل رفع جديد لأسعار منتجاتها، أما شركات الرعاية الصحية والتى تقدم الخدمات الطبية فكانت أكثر حذراً وبدت منقسمة تجاه مسألة الأسعار.
وقال تقرير لشركة النعيم، إن عام 2019 سيشهد إلغاء الدعم بشكل كامل عن الوقود، وهو ما سيدفع المنتجين لزيادة الأسعار، لكن بأرقام أحادية، وضبط هوامش الأرباح عبر طرح منتجات جديدة بأسعار ومعدلات ربحية أعلى.
وقال بنك الاستثمار فاروس، إن الشركات لن يكون بوسعها تحسين هوامش أرباحها خلال العام الحالى، فى ظل إجراءات إصلاح المالية العامة، وتوقعات انخفاض سعر الصرف وارتفاع تكلفة المواد الخام.
ماذا عن الدولار؟
تبدو الشركات مطمئنة لسعر الصرف فى العام الجديد، وقال نحو %55.4 من إجمالى 139 شركة أجابت على السؤال إنها تتوقع أن يستقر سعر صرف الجنيه أمام الدولار فى 2019، على غرار العامين الماضيين، بينما توقع نحو %36 منها أن يرتفع الدولار على حساب الجنيه، وقال %8.6 من الشركات أنها تتوقع تراجع الدولار، وعن معدل الزيادة المتوقعة فى سعر الدولار والتى ذهب إليها من توقعوا ارتفاع سعره أمام الجنيه، فتراوحت بين 3 و%10، وتعد تلك المعدلات مماثلة تقريبا لتوقعات بنوك الاستثمار لسعر الصرف فى العام الجديد والتى تدور حول زيادة بمعدل %5.
عاصمة جديدة لكن الشركات مازالت تفضل القديمة
تعتزم الحكومة نقل أعمالها إلى العاصمة الإدارية الجديدة التى يجرى العمل فيها على قدم وساق شرقى القاهرة العام المقبل، وأعلنت عدد من الشركات نيتها القيام بذلك أيضاً وحصلت على الأراضى اللازمة لمقراتها أو مشروعاتها هناك.
لكن المسح الذى أجرته «البورصة» يظهر أن %73.6 من الشركات لا تعتزم الحصول على مقرات أو مكاتب تابعة لها فى العاصمة الإدارية الجديدة، بينما سيفعل ذلك نحو %25.7 من الشركات، وأقل من %1 غير متأكد.
والشركات التى تعتزم الحصول على مقرات أو مكاتب فى العاصمة الإدارية، تأتى من قطاعين أساسيين إما البنوك أوالتطوير العقارى، فالقطاع البنكى بالكامل تقريباً حصل أو سيحصل على أراضٍ لإقامة مقرات إدارية فى حى المال والأعمال الذى يجرى إنشاؤه فى العاصمة حاليا، بينما يستهدف المطورون العقاريون المدينة باعتبارها فرصة جديدة للتوسع وإطلاق مشروعات جديدة تستهدف شريحة جديدة من السكان.
