انقسم مستثمرون بين خضوع البعض للأمر الواقع حال لجوء الحكومة إلى تحرير سعر الطاقة خلال العام الجارى، وبين الرفض المصحوب بتبريرات؛ مضمونها أن الزيادة فى التكلفة ستفقد الشركات مميزاتها التصديرية بجانب إمكانية إغلاق بعض المصانع، فيما اقترح آخرون البدء فى البحث عن مصادر بديلة للطاقة، كالطاقة الشمسية وتدوير المخلفات.
قال فاروق مصطفى، العضو المنتدب لشركة سيراميكا فينيسيا، إنَّ رفع سعر الطاقة، خلال العام الجارى، قد يؤدى إلى إغلاق بعض المصانع لزيادة التكلفة عليها.
وأضاف لـ«البورصة»، أنه كان أمام جميع أنواع المنتجات المحلية فرصة لا تعوّض لمضاعفة حجم صادراتها عقب تحرير سعر الصرف، لكنَّ رفع سعر الطاقة حينئذٍ حال دون ذلك.
ووصف «مصطفى» الذى يشغل عضوية المجلس التصديرى لمواد البناء، احتياج الدول العربية مثل سوريا والعراق إلى إعادة إعمار بـ«فرصة العمر»: «تلك البلاد تحتاج إلى كميات كبيرة جداً من منتجات مواد البناء لتقف على قدميها من جديد، لكن رفع التكلفة وافتقاد مميزاتنا التنافسية سيؤديان إلى ضياعها».
وأوضح أن بعض الدول المنافسة، وعلى رأسها إيران، وتركيا بدأت فى التصدير لهذين البلدين خلال المرحلة الماضية؛ حيث كانت المصانع المصرية أوْلى بتلك الفرصة.
وذكر أن تكلفة الغاز الطبيعى فى إنتاج متر السيراميك ارتفعت بشكل كبير، خلال الأعوام الماضية، فى ظل محاسبة المصانع بسعر 7 دولارات للمليون وحدة حرارية.
وتابع: «كانت تكلفة الغاز فى إنتاج متر السيراميك تسجل 2.19 جنيه عام 2013، و3.84 جنيه عام 2014، ثم ارتفعت إلى 5.21 جنيه فى 2015، و6.05 جنيه عام 2016، إلى أن وصلت إلى 13.33 جنيه فى عام 2017».

وقال إنه كان قد اقترح على طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة السابق، خفض سعر الغاز إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، على أن يتم تعويض قيمة الخفض فى صورة صادرات بقيمة تصل إلى حوالى 350 مليون دولار، لكن لم يتم النظر فى الاقتراح.
وقال محمد السيد، رئيس مجلس إدارة شركة «الطاقة الخضراء» لإنتاج الوقود الحيوى، إنَّ القطاع الصناعى يجب أن يتجه للطاقة البديلة كالطاقة الشمسية وتدوير المخلفات، كأحد أهم المصادر البديلة للطاقة حال ارتفاع أسعارها المرحلة المقبلة.
وأضاف أن الطاقة البديلة تواجه بعض العوائق أمام زيادة انتشارها، وعلى رأسها عدم ضمان توريد المخلفات من المحافظات والمحليات، بالإضافة إلى عدم ثبات أسعار توريدها وارتفاعها بشكل دورى.
وأوضح أن المحافظات تضمن توريد المخلفات لمدة عام واحد فقط، فى الوقت الذى تصل فيه التكاليف الاستثمارية لتلك النوعية من المشروعات الكبرى إلى ملايين الدولارات، ولا يعقل أن يتم ضخ تلك المبالغ فى ظل عدم ضمان توريد المادة الخام الرئيسية.
وأشار إلى أن المخلفات تنقسم إلى قمامة وصناعية وطبية وزراعية؛ حيث تستحوذ الأخيرة على النسبة الأكبر كأكثر المواد الموجودة فى مصر بنسبة %45 يليها مخلفات القمامة بنسبة%40، فيما تستحوذ بقية الأنواع الأخرى على النسبة المتبقية.
وطالب «السيد» الحكومة بربط سعر توريد الطاقة البديلة المنتجة بسعر الدولار أو اليورو وليس الجنيه؛ نظراً إلى أن المستثمر يقوم بحساب التكاليف الإجمالية للمشروع بالعملات الأجنبية.
وأكد أهمية خضوع الشركات الأجنبية العاملة فى مجال الطاقة الشمسية أو تدوير المخلفات إلى التحكيم الدولى وليس المصرى؛ حيث يعد ذلك أحد أهم اشتراطات الشركات الأجنبية للاستثمار فى مصر.
وقال محمد فكرى عبدالشافى، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، إنَّ «ألف باء» صناعة تنص على أن أى زيادة فى التكلفة ترفع من سعر المنتج النهائى بالنسبة نفسها تقريباً.
وأضاف أن السوق سيتقبل تلك الزيادة فى الأسعار عاجلاً أم آجلاً، لكنَّ الأمر سيأخذ بعض الوقت، لاسيما أن الغاز مكوّن رئيسى فى بعض الصناعات.
وأوضح أن من إيجابيات تحرير سعر الغاز للمصانع زيادة التنافسية بين الغاز المستورد والمحلى، ما قد يعود بالنفع على المصانع من خلال إمكانية انخفاض السعر خلال المرحلة المقبلة، خاصة فى ظل اتجاه المصانع لشراء الغاز الأرخص لخفض التكلفة.
وأشار إلى ضرورة خفض سعر الطاقة محلياً حال انخفاضها عالمياً، لو قررت الحكومة تحرير أسعار الطاقة.
وذكر «عبدالشافى» الذى يرأس مجلس إدارة شعبة المنظفات بغرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، أنه يتم استخدام الغاز بنسبة بسيطة فى بعض مراحل تصنيع المنظفات، بالإضافة إلى أنه يدخل كوقود فى تصنيع «الصودا آش»، إحدى المواد الخام الرئيسية للمنظفات.
وقال ممدوح زهران، رئيس مجموعة «زهران» للأدوات المنزلية والكهربائية، إنَّ القطاع الصناعى يجب أن يتقبل الزيادة فى أسعار الطاقة حال إقرارها سواء شاء أم أبى.
وأضاف أن تأثير زيادة أسعار الطاقة على القطاع ستكون محدودة؛ حيث تستحوذ على نحو %10 من إجمالى تكلفة المنتج النهائى، لكنَّ الأزمة ستكون فى سعر الألومنيوم.
وأوضح أن مصانع الأدوات المنزلية والكهربائية تعتمد بشكل كبير على الألومنيوم الذى يعتمد بدوره على الطاقة كأحد أهم تكاليف الإنتاج، وبالتالى سيرتفع سعر الألومنيوم، ما سيؤثر على ارتفاع سعر المنتج النهائى.
وأشار إلى أن العديد من المصانع قد تعتمد على تصدير الجزء الأكبر من طاقتها الإنتاجية لتعويض الزيادة فى تكلفة الإنتاج والحصول على سيولة دولارية تعوضها عن ارتفاع التكلفة.