المالية العامة فى 2019 … محاولات حثيثة للوصول إلى منطقة آمنة


تسعى الحكومة جاهدة لتحسين مؤشرات الاقتصاد الكلى وبالفعل يحدث تحسن لكنه يتم ببطء، وتدخل مصر العام الجديد وهى محملة بمؤشرات خطرة للدين العام ومستويات تضخم أثبتت بالتجربة أنه يصعب توقعها بدقة نتيجة استمرار عملية إصلاح هياكل المالية العامة والمشاكل المستمرة على مستوى العرض، وعجز موازنة كان دائما أكبر من التوقعات.

وأبدى عدد من المؤسسات البحثية توقعات متوافقة حول اتجاه الدين العام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى للتراجع وتحقيق فوائض أولية بنهاية العام الجارى، واختلفت تقديرات المؤسسات حول قيمة الدين المتوقعة العام الجارى، كما تباينت التقديرات حول شكل عجز الموازنة مابين انخفاض واستقرار عند مستويات العام الماضى.

ورهن المحللون استمرار تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى باستمرار برنامج الإصلاح الاقتصادى وتطبيق كل ما يتضمنه، وتوقع تقرير لشركة “النعيم”، أن يلامس التضخم مستوى %5.8 خلال العام المالى الحالى، و%6.7 فى العام المالي 2020، بدعم من الإنفاق الحكومى الذى يعوض انكماش الإنفاق الخاص.

وأوضح التقرير، أن القوى الشرائية للمستهلكين ستعود لطبيعتها بالتزامن مع دورة التيسير النقدى المتوقع استئنافها فى النصف الثانى من العام المالى الحالي، على أن يتسارع النمو العام المالى المقبل.

وقال إن هناك عدداً من المخاوف التى تواجه الاقتصاد الفترة المقبلة، أبرزها عدم قدرة الحكومة على جمع سيولة كافية لسد فجوة التمويل المحلية، وارتفاع أسعار النفط عالميا بما يؤثر على مستويات التضخم المحلية ويؤجل خفض الفائدة، وضعف ثقة المستثمرين عالميًا بما يؤثر على ضعف التدفقات للاستثمار المباشر.

وتوقع محللون نمو الإيرادات الضريبية بشكل صحى، لكن عجز الموازنة سيستمر فى تسجيل مستويات مرتفعة عند %8.9 و%7.7 خلال العام المقبل، نتيجة استمرار الفائدة المرتفعة وارتفاع فاتورة الأجور لموظفى القطاع العام.

وذكر أنه فى ظل اعتماد شريحة كبيرة من السكان على الحكومة في توفيرالعمل والدعم والمزايا الاجتماعية، فإن شبكة الحماية الاجتماعية تشكل %15 من الناتج المحلى الإجمالى وتلتهم جزءاً كبيراً من الموازنة، وتوقع تنفيذ برنامج الطروحات العامة للشركات الحكومية خلال العام المالى 2020، وهو ما يخفض العجز المالى نحو %0.5 من الناتج المحلى الإجمالى.

ولفت التقرير إلى أن ارتفاع الانفاق الحكومي ليقترب من 1.7 تريليون جنيه، يدفع الناتج المحلى للنمو السريع ويخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلى لنحو %90 و%84 على الترتيب خلال العامين الماليين الحالى والمقبل على الترتيب مقابل %97 حالياً.

وقال إنه فى ظل ارتفاع تكلفة رأس المال ستتجه الحكومة لطرح سندات دولية بقيمة 15 مليار دولار خلال العام المالى الحالى والمقبل، وتوقع ارتفاع الدين الخارجى إلى 110 مليارات دولار بنهاية العام المالى المقبل مقابل 95 مليار دولار حالياً.

وقال بنك الاستثمار “فاروس”، إن الميزان الأولى سيحقق فائضاً أكبر خلال العام المالى الحالى يعادل %1.1 من الناتج المحلى الإجمالى و%2 خلال العام الماضي 2020، وتوقع البنك استقرار عجز الموازنة عند %9.6 خلال العام المالى الحالى على ان يتراجع إلى %7.7 خلال 2019/2020.

كما توقع أن تسهم خطط هيكلة الدعم فى خفض نسبة الإنفاق من الناتج المحلى الإجمالى إلى %26 خلال العام المالى الحالى والمقبل مقابل %27.2 وذلك عبر الحفاظ على الزيادة السنوية فى أجور القطاع العام عند %6 بدون إتاحات إضافية خلال العام المالى الحالى.

أضاف أن تعريفة الكهرباء مدعومة بأكثر من %50 لذلك يستوجب رفع الدعم بشكل كامل عنها بواقع %10 زيادة سنوية للمستهلكين و%20 للمصنعين، وذكر أن التزام الحكومة بخطة إصلاح أسعار الكهرباء يمكن شركات التوزيع من تحسين ربحيتها وزيادة الاستثمارات فى هذا القطاع الحيوى.

وتوقع أن تكون الفائدة الحقيقية لتمويل الدين المحلى أقل من معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالي، ما يعنى أن معدل نمو الناتج المحلى الاسمى يتخطى معدل الزيادة فى الدين الحكومى بما يدعم انخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى.

وقال «كريدى سويس»، فى تقريره الأخير، إن مصر ستحقق فائضاً أولياً بنحو %2 من الناتج المحلى الإجمالى، مشيراً إلى أن رفع مؤسسة موديز للتصنيف الائتمانى للنظرة المستقبلية لمصر دليل على التحسن فى أساسيات الاقتصاد وبيئة الأعمال.

1547979709 888 60585 p

أضاف أنه رغم ارتفاع معدلات الدين، لكنها مرشحة للانخفاض خلال الأعوام المقبلة فى ظل التوحيد المالى ومحاصرة عجز الموازنة، كما أن معدل السداد سيتباطأ بعد العام المالى الحالى.

وتوقعت «بلتون»، أن يقود الإصلاح الاقتصادى تسجيل فائض أساسى أفضل من المقرر فى الموازنة العامة (%2.4 من الناتج المحلى الإجمالى)، لكنَّ العائدات المرتفعة لأذون الخزانة ستستمر فى التأثير على أهداف عجز الموازنة العمومية، كما توقعت أن تحافظ الإيرادات الضريبية على نفس وتيرة النمو بنحو %34 على أساس سنوى، وأن تسجل 758 مليار جنيه فى العام المالى 2018 -2019.

وأشار التقرير إلى أن مدخرات فاتورة دعم الوقود المقرر أن تبلغ 32 مليار جنيه، ستوفر تمويلاً كافياً للإنفاقين الاجتماعى والاستثمارى، ما سيحسن الفائض الأساسى بالموازنة العامة كنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى، ليرتفع عن الفائض المقرر فى الموازنة العامة عند %2.

ومع ذلك ترى «بلتون»، أن ارتفاع فاتورة خدمة الدين المقرر أن تبلغ 631 مليار جنيه فى العام المالى الحالى تشكّل عبئاً؛ نظراً لارتفاعه بنحو 193 مليار جنيه عن العام الماضى، وعن المبلغ المقرر فى الموازنة العامة عند 541 مليار جنيه؛ نتيجة ارتفاع عائدات أذون الخزانة، والذى سيظل أعلى من %19، ما سيؤثر على هدف خفض عجز الميزانية بشكل عام.

وتوقعت أن يواصل الدين الخارجى ارتفاعه ليصل إلى 107 مليارات دولار، بنهاية العام المالى الحالى، مقارنة بـ92 مليار دولار العام المالى السابق، لتمويل الفجوة التمويلية المتوقع أن تبلغ 11.3 مليار دولار العام المالى الحالى.

وقال بنك HSBC فى تقريره كتاب مصر، إن توقعات الاقتصاد المصرى على المدى الطويل تشير إلى تسارع وتيرة النمو خلال العامين المقبلين إلى %4.9 و%5.3 على الترتيب، وتضييق الاختلالات بدعم من الالتزام ببرنامج صندوق النقد الدولى ليسجل عجز الموازنة %9.6 من الناتج المحلى خلال العام المالى الحالى و%8.7 خلال العام المالى المقبل، وتستهدف الحكومة تخفيض عجز موازنة خلال العام المالى الحالى إلى %8.4 من الناتج المحلى خلال العام المالى الحالى، مقابل %9.8 العام المالى الماضى.

وتوقع البنك تراجع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى إلى %97.6 و%92 خلال العامين الحالى والمقبل، والدين الخارجى إلى %35.6 من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام الحالى بقيمة 99 مليار دولار، على أن يتراجع العام المقبل إلى %32.6 بقيمة 106 مليارات دولار.

وقالت شركة إندوسيز لإدارة الثروات، إنَّ مخاطر إعادة التمويل مرتفعة فى مصر، خاصة إذا تم احتساب الدين المحلى، فالحكومة عليها إعادة إصدار نحو1.3 تريليون جنيه، خلال 2019، تعادل %39 من إجمالى الديون، بينها %89 ديوناً بالجنيه المصرى، و%9 بالدولار، و%2 باليورو.

وقالت إن قدرة مصر على خفض نسبة الدين العام تعتمد على مدى نجاحها فى خفض تكلفة التمويل، وتحقيق فوائض أولية، ونمو الناتج المحلى الإجمالى، وتتوقع الحكومة تحقيق فائض أولى %2 من الناتج المحلى الإجمالى، وافترض التقرير، أن %12 هو متوسط أسعار الفوائد السنوية خلال 5 سنوات، و%15 هو معدل نمو الناتج المحلى الاسمى، ومع تحقيق فائض أولى أكثر تحفظاً عند %1 من الناتج المحلى، فإنَّ نسبة الدين الحكومى للناتج المحلى ستنخفض إلى %96.3 بنهاية 2019، و%83.3 خلال 5 سنوات.

وأشار التقرير إلى تضاعف الدين الخارجى، مقارنة بنهاية 2016 حينما بلغ 92.6 مليار دولار تمثل %40 من الناتج المحلى الإجمالى، وارتفع الدين العام إلى 4 تريليونات و580 مليار جنيه بنهاية سبتمبر الماضى تمثل %103.3 من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية سبتمبر الماضى.

ووضعت الحكومة حدوداً على معدل الاقتراض بالعملة الأجنبية، مستهدفة خفضه إلى %12 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول يونيو 2021، فى خطوة من شأنها خفض التقلبات فى الدين الخارجى، ورغم ارتفاع الديون الخارجية، فإنها أقل مما هى عليه فى العديد من البلدان فى الشرق الأوسط وأفريقيا، بحسب التقرير.

وقال بنك الاستثمار «سى آى كابيتال»، إن تأجيل تنفيذ برنامج الخصخصة أو اَلية تسعير الوقود يهدد صرف شريحة قرض صندوق النقد الدولى والمنتظر الإفراج عنها فى يناير الجارى.

وذكر أن مع إعلان الحكومة بدء تفعيل آلية التسعير فى مارس المقبل على بنزين 95، لكنه استبعد أن يكون له اَثار تضخمية فى ظل انخفاض سعر برميل خام برنت.

أضاف أن مطالبة صندوق النقد الدولى بتنفيذ برنامج تسعير الوقود بصورة أسرع خلال العام الحالى، يشكل عقبة بالنسبة لتوقعات التضخم واستئناف تنفيذ السياسة النقدية التوسعية.

وذكر أن تراجع سعر خام برنت إلى 60 دولاراً للبرميل فى ديسمبر 2018 يؤثر بشكل إيجابى على الميزانية، فاستقراره عند أقل من 75 دولاراً للبرميل، يعنى أنه بإمكان الحكومة تحقيق مستهدف دعم الوقود 89 مليار جنيه للعام المالى 2018-2019 بدون الحاجة إلى تعديل الأسعار مجدداً حتى يونيو 2019.

وذكر أن كل تغير بنحو 10 دولارات فى سعر خام برنت يؤدى إلى تغيرالإنفاق المالى بنحو 18 مليار جنيه، حسب توقعات المحللين، وفى حال انخفض سعر خام برنت مجددًا، وهو سيناريو غير مرجح، توقع قيام الحكومة بإعادة تخصيص أى مبالغ تم توفيرها إلى بنود انفاق أخرى، وبالتالى تمسك بتوقعاته بشأن نسبة العجز المالى إلى الناتج المحلى الإجمالى عند %8.4.

 

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: عجز الموازنة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://alborsanews.com/2019/01/20/1170954