العالم لا يزال يحتاج للبترول الخليجي
قالت مجلة “فوربس” اﻷمريكية، إن منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” تصبح أكثر تهميشا أو بشكل أدق تسمح بخفض حجم إنتاجها في اﻷسواق لحماية أسعار البترول، فقد انخفضت حصة أوبك من إمدادات السوائل العالمية بشكل ثابت من 42% منذ عقد من مضى إلى أكثر من الثلت بقليل الآن، وبالتأكيد يعكس هذا الانخفاض ارتفاع إنتاج البترول الأمريكي.
ومع ذلك، لا تزال تلتزم الدول الخليجية الثلاث، السعودية والكويت والإمارات، بالاستثمار في اﻷنشطة الرئيسية للبترول، إذ تساهم الدول الثلاث مجتمعة في نصف إنتاج “أوبك”.
ـ مقدار الإنفاق على الصناعة في الشرق اﻷوسط
كانت منطقة الشرق اﻷوسط ملاذا آمنا للاستثمارات في اﻷنشطة الرئيسية خلال فترات تراجع اﻷسعار، فلم ينخفض الإنفاق سوى بنسبة 19% فقط من 83 مليار دولار عام 2014 ليصل إلى 67 مليار دولار عام 2018، في حين انخفض الإنفاق العالمي بنسبة 40%.
وكانت معظم هذه الانخفاضات في العراق، حيث تأثر الوضع المالي للحكومة بانخفاض أسعار البترول، بجانب إيران، التي تسبب عدم استقرارها الجيوسياسي في انخفاض تدفقات رؤوس الأموال إليها، بينما لم يتراجع الاستثمار على الإطلاق في السعودية والكويت والإمارات بل ظل الإنفاق مستقرا عند 40 مليار دولار سنويا.
ـ أين يكمن محور الإنفاق ؟
قالت “فوربس” إن التركيز الرئيسي لمنطقة الشرق اﻷوسط يكمن في التوسع في القدرات الإنتاجية للبترول، التي تستحوذ على 4 دولارات من كل 5 دولارات يتم إنفاقها.
وأوضحت أن السعودية والكويت والإمارات تركز على مشاريع تعرف باسم “البراون فيلد”، أي أنها تقوم بإنشاء بنية تحتية جديدة لحقول البترول المنتجة بالفعل ذات الاحتياطيات البترولية الواسعة النطاق، ويعتبر حقل الظلوف النفطي التابع لشركة “أرامكو السعودية” مثالا على ذلك.
ومن المقرر أن تساعد المرحلة القادمة من التطوير في مضاعفة الاحتياطيات البترولية لتصل إلى ما يزيد على 16 مليار برميل من البترول والمكثفات، بجانب مضاعفة الإنتاج الحالي للحقل السعودي ليصل إلى 600 ألف برميل يوميا بحلول عام 2023.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك إيران والعراق موارد هائلة غير متطورة وإمكانيات نمو كبيرة على المدى الطويل.
ويميل تطوير هذه الموارد ليصبح أكثر تكلفة من الماضي، ولكن المشاريع ستظل تنافسية للغاية من الناحية العالمية.
ـ ما الدوافع الاستراتيجية؟
تسيطر على العقول، فكرة التحول في مجال الطاقة والتهديدات التي تفيد باحتمالية وصول الطلب على البترول إلى ذروته في العشرين عاما المقبلة، حتى إن المنتجين اﻷقل تكلفة لا يرغبون في المخاطرة بترك البترول منخفض التكلفة دون استخراجه.
بالإضافة إلى ذلك، هناك حافز تجاري لدى دول الخليج لتطوير الاحتياطيات البترولية والبقاء في وضع يسمح ببيع البترول في سوق لا يزال فيه السعر مدعوما بالطلب المتزايد.
ويتعلق اﻷمر أيضا باستعادة الهيمنة السوقية، إذ تلتزم الكويت بزيادة الطاقة الإنتاجية من 3 ملايين برميل يوميا إلى 4.75 مليون برميل يوميا في عام 2040، وتمتلك الإمارات طموحا مماثلا فهي تستهدف رفع طاقتها الإنتاجية من 3 ملايين برميل يوميا إلى 4 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2020 ثم 5 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2030، بينما لا تمتلك السعودية أي خطط لزيادة طاقتها الإنتاجية، ولكنها ستستثمر للحفاظ على إنتاج 12 مليون برميل يوميا، مما يجعلها أكبر منتج في أوبك.
هل يحتاج العالم إلى مزيد من بترول الخليج؟
لا يزال العالم بحاجة إلى مزيد من البترول من دول الخليج، ولكن ليس الآن.. وبالتالي سينخفض الطلب على بترول الدول اﻷعضاء في “أوبك” إلى ما دون 30 مليون برميل يوميا لمدة عام أو عامين.
أما بعد عام 2020، فمن المتوقع حاجة السوق إلى مزيد من بترول “أوبك”.. وربما تزداد الكمية المطلوبة إلى ما يتراوح بين 5 ملايين و 6 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2030، ومن المحتمل أن يتم تلبية هذا الطلب المتزايد من خلال المنتجين الخليجين.
ومع ذلك، تتخلل استراتيجة “أوبك” العديد من المخاطر، على رأسها مخاطر قريبة المدى من الولايات المتحدة، فمن المتوقع زيادة البترول الأمريكي بمقدار 5 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2023، ليتراوح إجمالي الإنتاج بين 10 ملايين برميل و 11 مليون برميل يوميا بحلول عام 2023.
ويعد الطلب على البترول الركيزة الأخرى التي تدعم الاستثمار في القدرات الإنتاجية، فمن المتوقع انخفاض معدلات ﻧﻤﻮ اﻟﻄﻠﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﺎدﻣﺔ، وﻟﻜﻦ اﻟﻄﻠﺐ التراكمي سيزداد ﺑﻨﺤﻮ 10 ملايين برميل يوميا ﻗﺒﻞ أن يصل إلى ذروﺗﻪ نهاية 2030.