الأقمار الصناعية لبث الإنترنت ترسم خريطة شاملة لقاع المحيطات
أول استخدام للعالم الحديث لأعماق المحيطات كان تشغيل كابلات التلغراف عبرها وقد فتح ذلك حقبة جديدة من التواصل عبر القارات وحفز اهتماما علميا جديدا بالقاع.
ويحمل الكابل الواحد من كابلات الإنترنت الآن ما يصل إلى 160 تيرابايت عبر المحيط الأطلنطى كل ثانية كما تطورت أبحاث رسم خرائط المحيطات والحفر فى قاع المحيط حول العالم.
لكن المفارقة التى رصدها تقرير مجلة الإيكونوميست أنه من السهل جدا الحصول على كميات هائلة من البيانات تعبر من جانب واحد من المحيط إلى الجانب الآخر لكن من الصعب الحصول على كميات متواضعة من البيانات عن المحيط نفسه. وهناك حاجة إلى بنية تحتية جديدة لتمكين أجهزة الاستشعار فى البحر من نقل بياناتها إلى الأرض.
قال سيباستيان دى هاليو من شركة سيلدرون التى تراقب قواربها البحرية التى تشبه الطائرة بدون طيار اسماك بولوك فى ولاية ألاسكا الأمريكية أنهم يحلمون بما هو أفضل ولذلك يعملون فى الآونة الأخيرة على زيادة معدل بناء القوارب الخاصة بهم من شهر إلى واحد يوميا حيث يمكنها السير على سطح الماء وارسال واستقبال الاشارات، وبحلول عام 2021، يريد دى هاليو أن يكون لديه ألف قارب آلى القيادة تراقب البحار، ويمثل عنصر التكلفة ميزة نسبية لأن سفينة الأبحاث التى تتكلف 100 مليون دولار يمكن استخدام أموالها فى إنتاج أسطول كامل من القوارب الآلية العائمة والتى تشبه فى مكوناتها الهواتف الذكية لأنها رخيصة، كما أن المحيط كبير جدًا، قسم سطحه إلى 1000 قطعة وكل واحدة ستظل بحجم اليابان، وهذه مساحة كبيرة جدا بالنسبة لقارب واحد.
وهناك بالفعل شبكة أبحاث واحدة أكبر من ذلك بكثير، وهناك تعاون دولى يسمى Argo يحتوى على أسطول تم تجديده بشكل منتظم من ما يقرب من 4000 عوامة غير مقيدة تقسم وقتها بين السطح والأعماق لكنها تنجرف فى التيارات العنيفة، وعلى مدار عشرة أيام، تغوص فى المياه ببطء إلى حوالى 2000 متر، ثم تنسخ نسخا احتياطية لقياس درجة الحرارة والملوحة أثناء سيرها وقد أحدثت بياناتهم ثورة فى فهم العلماء للمحيطات لكن الشبكة لا تزال متناثرة.
وعلى الرغم من اقتصارها على السطح إلا أن قوارب سيلدرون أكثر طموحا بكثير فهى لن تقوم فقط بمراقبة درجة الحرارة بل ستتابع الأسماك وتلتقط الملوثات وتحلل تركيز ثانى أكسيد الكربون وتركيز الأكسجين فى الماء وتسجل ارتفاع الأمواج وسرعة التيارات تحت سطح البحر، وتشعر بالتغيرات فى المجال المغناطيسي. وهناك بالفعل أسواق لبعض هذه البيانات مثل خبراء الأرصاد الجوية ومديرى مصايد الأسماك وشركات البترول والغاز. وجمع سيلدرون حتى الآن 29 مليون دولار لهذا العمل.
ويقارن أيون ياديجار الشريك فى مجموعة كابريكورن جروب هذا الجهد فى سيلدرون بمشروع بشركة “بلانيت” حيث تستخدم التكنولوجيا الذكية وسرعة تطور تقنيات وادى السليكون فى الولايات المتحدة لإنتاج أكثر من 100 قمر صناعى صغير. فهى توفر صورا لكل بقعة على الأرض كل يوم مما يسمح بكل أنواع الرؤى الجديدة وإمكانيات المراقبة.
وما يحتاجه المحيط الآن هو جيل جديد من الإنترنت عبر الأقمار الصناعية للحصول على البيانات من البحار وإرسلها لمن يهمه الأمر، ولحسن الحظ يبدو أن هذا فى الطريق حيث تتسابق شركات مختلفة لتوصيل إنترنت ذى نطاق ترددى كبير إلى كامل سطح الأرض باستخدام مئات من الأقمار الصناعية الصغيرة الرخيصة فى مدارات منخفضة. وقد أطلقت سبيس اكس شركة إنتاج الصواريخ التابعة لألون ماسك العام الماضي. ومن المرجح أن يكون المستفيدون الرئيسيون هم الأشخاص فى المناطق التى لا تخدمها البنية التحتية الحالية بصورتها القائمة وخصوصا أولئك المحاصرون بين الأمواج فى عرض البحر.
ومع هذا التطور وتوافر اتصال عبر الأقمار الصناعية على السطح، وأنظمة صوتية يتم نشرها سيكون هناك شيء آخر يلزم إكمال الصورة وهو وجود خريطة شاملة لقاع المحيط تساعد السفن تحت الماء فى محاولة للتنقل أو احتمال الوصول الى المعادن وأن تكون قادرة على مقارنة ما يظهره التصوير بالموجات فوق الصوتية وما هو مسجل على الخريطة.
وتم صنع أفضل الخرائط الشاملة لأرضية المحيط حتى الآن من خلال الاقمار الصناعية فى الفضاء لكن هناك ميزات كبيرة تحت الماء تحتاج لرسم ادق لكن الخرائط التى تم إعدادها باستخدام أنظمة الموجات فوق الصوتية الحديثة عبر سفن الأبحاث لا تغطى حاليا سوى %10 من قاع المحيط بدقة عالية رغم انها اعطت صورة افضل.