80 % من المستثمرين يتوقعون عائدات إيجابية على أصول الأسواق الناشئة
يقول مستثمرون كبار ، إن عام 2019 سيكون عاما رائعا للأسواق الناشئة.
أكد مارك موبيوس، المؤسس المشترك لشركة “موبيوس كابيتال بارتنرز”، رائد الاستثمار في الأسواق الناشئة ، أنه سيشتري أسهما في أماكن منها البرازيل والهند وتركيا، متوقعا “تعافيا رهيبا” في اقتصاداتها.
ويعطي الملياردير المؤسس المشترك لمجموعة الاستثمار “أوك تري”، هوارد ماركس، “الكثير من الاهتمام” لأصول الدول النامية، خصوصا في آسيا.
كما يشعر روب أرنوت، مؤسس شركة الأبحاث “ريسيرش أفلياتس”، المدير المشترك لصندوق “بيمكو” الذي يدير أصولا بقيمة 17 مليار دولار، بالتفاؤل الشديد لدرجة أنه عزز حصة أسهم الأسواق الناشئة في الصندوق إلى 23%، وهو أعلى مستوى تقريبا منذ إدخالها لمحافظ الصندوق في 2002.
وقالت وكالة أنباء “بلومبرج”، إنه إذا صحت توقعاتهم، فسيكون ذلك تحولا كاملا عن عام 2018 الذي تراجع فيه مؤشر “إم إس سي آي” لشركات الأسواق الناشئة بنسبة 17%، وتراجعت الأسهم بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي، ورفع الفائدة من قبل “الاحتياطي الفيدرالي”، والحرب التجارية بين أمريكا والصين.
وشهدت دولتان رئيسيتان، وهما تركيا والأرجنتين، عجوزات تجارية ضخمة، وصعودا في التضخم، وفوضى سياسية، وفقد البيزو الأرجنتيني نصف قيمته، واستقبلت الدولة حزمة إنقاذ بقيمة 56 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
ومع ذلك، ارتفع مؤشر “إم إس سي أي” بنسبة 6.6% حتى 29 يناير الماضي.. ويبدو أن المستثمرين يستجيبون للتغير في موقف “الفيدرالي”، وقراره بإبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة وتقليص الميزانية، وكذلك للتوقعات بانخفاض الدولار الذي يجعل حمل الأصول في عملات أخرى أكثر جاذبية، وربما أيضا يقدر المستثمرون أنه في ظل وقوف مضاعف الربحية عند 12 مرة، فإن أسهم الأسواق الناشئة أرخص بنسبة 25% عن تلك في الدول الغنية، وقال موبيوس في لقاء تلفزيوني على “بلومبرج” إن “التقييمات جذابة للغاية”.
ومع ذلك، فإن الأصول الأرخص وحدها ليست كافية لاستمرار الارتفاع.. فالعالم النامي لا يزال لديه مشكلة الصين، وفقا للاستراتيجين في “سيتي جروب”، و”يو بي إس”، والتعقيدات مركبة، فأولا، الاحتكاكات التجارية بين الصين والولايات المتحدة بجانب ديون الشركات المتراكمة في بكين تسببا في تراجع النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الذي يشتري كل شيء من الحديد الخام في جنوب أفريقيا، إلى رقاقات الحواسب من كوريا الجنوبية.
ثانيا، تجنبت الحكومة الصينية إغراق الاقتصاد بمحفزات كبيرة، وبدلا من ذلك تتبع نهج التقطير مركزة على الإنفاق على البنية التحتية، وخفض الضرائب، وجعل الائتمان متاح للشركات الصغيرة.
وهذا الإنفاق المركز لن يكون له على الأرجح إثار إيجابية مرتدة على بقية العالم، مقارنة بطفرة الإنفاق على العقارات منذ ثلاثة أعوام التي ساعدت على دفع التعافي العالمي، ويقول بانو باويجا، نائب رئيس الاستراتيجية الكلية العالمية في “يو بي إس”، إن الرغبة الصينية في تقديم نفس النوع من المحفزات أصبحت أقل بكثير.
وأوضح مدير الأسواق الناشئة في “سيتي جروب”، ديفيد لوبين، أنه حتى دون التباطؤ الكبير في اقتصاد الصين، يهدد التحول الهيكلي في نموذجها الاقتصادي نحو الاستهلاك الأسواق النامية لسنوات.
واعتادت الصين، أن تعتمد على الاستثمار في القطاعين الصناعي والعقاري لتوليد النمو، إما الآن شكل الاستهلاك ثلاثة أرباع نموها العام الماضي، أي ضعف نسبته في 2010، واعتمدت الأسواق في البرازيل وجنوب أفريقيا بشدة على شراهة الصين للحديد الخام والنحاس، وبالأخير لا تنتج هذه الدول السيارات ومساحيق التجميل والبضائع الأخرى التي يريدها المستهلكون الصينيون.
وقالت الاقتصادية من جامعة هارفارد، كارمن رينهارت، إن عقد الرخاء الذي شهدته الأسواق الناشئة كان نتيجة أطول فترة انتعاش في أسعار السلع منذ أواخر القرن السابع عشر، ولكن انخفضت حصة الدول النامية من إجمالي واردات الصين إلى 33% في 2017 بعد الارتفاع لأعلى مستوى على الإطلاق في 2012 إلى 36%، وفقا لبيانات جمعتها “بلومبرج”.. وهبطت واردات الصين من الحديد الخام وفول الصويا العام الماضي ﻷول مرة منذ 10 سنوات، كما هبطت شحنات الخام إلى أدنى مستوى في 7 سنوات.
ويعد المتشائمون بشأن الأسواق الناشئة قلة الآن خصوصا بين المتداولين. وأوضح استطلاع رأي أجرته “بلومبرج” في ديسمبر الماضي أن 80% من المستثمرين والاستراتيجيين يتوقعون عائدات إيجابية على أصول الأسواق الناشئة العام الحالي.. وكانت البرازيل الخيار الأول لفئات الأصول الرئيسية، وكانت اندونيسيا أيضا بين أبرز الخيارات.
وكان الأداء الفاتر هو القاعدة اكثر منه الاستثناء في الأسواق الناشئة على مدار العقد الماضي، ومنذ بداية 2008، بلغت عائدات أسهمها 14% فقط، بما في ذلك الأرباح المعاد استثمارها، وهو تباين صارخ مع العائد بنسبة 139% لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500”، في حين بلغ عائد أسهم الأسواق الناشئة في السنوات السبع التالية لعام 2001 عندما انضمت الصين لمنظمة التجارة العالمية 349%، أي 13 ضعف الأسهم الأمريكية.
وقال المدير التنفيزي بشركة “يوريزن كابيتال”، واقتصادي سابق في صندوق النقد، ستيفين جين، إن الأسواق الناشئة استفادت اكثر من الدول الغنية من المرحلة الأولى من التنمية الحديثة في الصين، ولكن المستقبل سوف يكون مختلفا تماما.
وباختصار، يعني تحول الصين إلى اقتصاد قائم على الاستهلاك أن نموها لن يشكل نعمة للأسواق الناشئة التي اعتادت امدادها بالمواد الخام.