تعتبر مدينة جيلدفورد البريطانية مركز ازدهار الديون الشخصية، التي أثارت المخاوف بين خبراء الاقتصاد بشأن استدامة الاقتصاد البريطاني، فقد ارتفعت الديون الشخصية دون ضمان في المنطقة بأكثر من 30% بين عامي 2013 و2018، وهي واحدة من أعلى المعدلات في البلاد.
ولكن جيلدفورد ليست وحدها، فقد شهدت المدن الأخرى الثرية حول العاصمة البريطانية ارتفاعا مماثلا في الديون الشخصية، حيث ارتفعت بنسبة 36% في مقاطعة هيميل هيمبستيد وبنسبة 39% في سانت ألبانز و31% في ريدهيل.
وأوضحت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن ما يربط هذه المدن هو الزيادة في مبيعات السيارات الممولة بالقروض، وهو الاتجاه الذي يتسع نطاقه الآن إلى قطاع السيارات المستعملة الأكثر خطورة.
وبشكل عام، كشف التحليل الذي أجرته “فاينانشيال تايمز” عن وجود علاقة قوية بين زيادة معدلات الاقتراض الشخصي وملكية السيارات، نتيجة لتحول سوق السيارات البريطانية من خلال مشتريات العقود الشخصية خلال العقد الماضي، مما سمح للمستهلكين بدفع مبلغ أولي ورسوم شهرية لفترة محددة، عادة تصل إلى 3 أعوام، ومن ثم يتم منحهم خيار شراء السيارة من الشركة المصنعة مقابل سعر ثابت.
ومع ذلك، تنتشر المخاوف الآن نتيجة نمو سوق السيارات الجديدة حد التشبع، حيث يقترب الازدهار بذلك من نهايته، وبالتالي قد ينخفض النشاط في الاقتصاد ويؤدي إلى زيادة في القروض ذات المخاطر العالية للسيارات المستعملة.
وأظهرت بيانات حديثة، صادرة عن بنك إنجلترا، أن معدلات الحصول على القروض الاستهلاكية انخفضت إلى 6.4% في ديسمبر الماضي، بعد أن وصلت إلى ذروتها البالغة 11.6% في نوفمبر 2016.
وقال أدريان دالي، رئيس قسم تمويل السيارات في جمعية التمويل والتأجير، إن مشتريات العقود الشخصية، التي تسمح للسائقين بالدفع فقط مقابل استهلاك السيارة، أصبحت الشكل المهيمن للتمويل على مدى الـ 10 أعوام الماضية.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن انخفاض أسعار الفائدة ساعد في نمو اﻷسواق، ولكنه عزز من ظهور أشكال جديدة من الديون التي سمحت للسائقين باستخدام سيارة دون دفع تكاليف الشراء اﻷولية المرتفعة.
وأوضح دالي أن هذه الصفقات تدل على أن السائقين بإمكانهم دفع نفس الرسوم الشهرية والحصول على سيارة أفضل.
وفي الوقت الذي تسبب فيه الاقتراض في حدوث رياح معاكسة للاقتصاد المدفوع بالاستهلاك بعد تعافيه من الركود الأخير، إلا أن التحول من الملكية الخاصة أو الكاملة إلى التأجير لا يمكن أن يحدث إلا مرة واحدة، كما أن نمو الاقتراض يمكن أن يتباطأ الآن.
ويمكن أن تنظر تجارة السيارات الآن إلى السيارات المستعملة كسوق نمو محتملة، فقد نمت قروض السيارات المستعملة بنسبة 13% في العام الماضي حتى نهاية نوفمبر الماضي، مقارنة بنسبة نمو تقدر بـ 2% فقط للسيارات الجديدة.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن متوسط أجور العاملين بدوام كامل ممن يعيشون في غيلدفورد، على سبيل المثال، يبلغ 723 جنيه إسترليني أسبوعيا، أي أعلى بنسبة 26% من المتوسط البريطاني.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت المناطق الأقل رخاء مثل مقاطعة دورهام في شمال شرق إنجلترا وباويس في ويلز، حيث الأجور أقل، زيادة في الديون أيضا حيث يعتمد الأفراد هناك على السيارات نظرا لمحدودية النقل العام.