
مما لا شك فيه أن الطبيعة الخاصة التى تتسم بها عقود التأمين من حيث صياغة العقود وبنودها نتيجة امتزاج النواحى الفنية بالنواحى القانونية، تتطلب معاملة العقود التامينية معاملة خاصة لاستخلاص وتفسير بنودها وصوﻻً إلى إزالة الكثير من اللغط بين العملاء وشركات التأمين حول تفسير تلك البنود وطبيعة التغطيات، والذى قد يصل فيه اﻷمر فى بعض اﻷحيان إلى مرحلة التصادم بين الطرفين، مما ينتج عنه رفض تلك التعويضات وإثارة المنازعات بين الطرفين.
وأصبح التحكيم من أهم صور فض المنازعات فى العصر الحديث حيث يحتل فى الحياة القانونية المعاصرة درجة الصدارة للموضوعات ذات الطابع الاقتصادى سواء على المستويين الدولى والمحلى، نظراً لإسهاماته الكبيرة التى تتوافق وطبيعة التجارة بشقيها المحلى والدولى.
ونظراً لأهمية التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التى تنشأ بين الأطراف المتنازعة ولاسيما فى مجال التأمين وخصوصاً أن التحكيم أصبح شرطاً رئيسياً وطريقاً جوهرياً لفض المنازعات التى تثار بين الأفراد وهيئات التأمين ومؤسساته، والتى يساهم فى إثارتها طبيعة عقود التأمين التى تحمل صبغة الشروط الأجنبية من كونها صيغت فى بيئات قانونية وظروف اقتصادية تختلف عن بيئتنا الاقتصادية وتركيباتنا الاجتماعية وثقافتنا القانونية، الأمر الذى ترتب عليه وجود تعارض بين تلك الشروط المطبقة والقوانين السارية الأمر الذى يصبح مع التحكيم وسيلة رائعة للعمل بدون قيود نحو تحقيق العدالة من جهة والإنصاف من جهة أخرى.
ولما كان اللجوء للتحكيم وفقاً لشروط وثائق التأمين اصبح هو الوسيلة الاولى لفض المنازعات التى تنشأ بين شركات التأمين ما يتطلب ضرورة توفر الخبرة الفنية التأمينية، بالإضافة الى الخبرة القانونية وأيضاً الدراسات التحكيمية وكلها نراها ضرورية لمن يتمكن فى الفصل فى المنازعات عن طريق التحكيم فى منازعات التأمين.
ويرجع ذلك إلى أن المجال المهنى المتخصص الذى يعمل فيه مستشارو التحكيم الدولى يتميز بالإفراط فى الخصوصية والتعقيد من حيث خصوصية أنشطته والظروف التى يتم ممارستها فيه والأخطار الكبرى التى يغطيها التأمين، بالإضافة إلى اشتماله على معطيات فنية وقانونية وتجارية معقدة الأمر الذى يتطلب من أطراف النزاع ضرورة اللجوء لفض منازعاتهم إلى جهة متخصصة فنيا وقانونيا تساعدهم وبسرعة فى حل منازعاتهم وبصورة لا تتوافر فى المحاكم القضائية ولاسيما فى دولة مثل مصر تكتظ فيها المحاكم وجلساتها بأعداد كبيرة من القضايا.
ويجدر بنا اﻹشارة إلى أن الشرط المدرج بالوثائق بتطبيق شرط التحكيم وفقاً للقانون رقم 27 لسنه 1994 ينص على أنه «من المتفق عليه صراحة أنه إذا اختلف الطرفان فى تحديد قيمة اﻷضرار الناشئة عن الحريق والمضمونة بمقتضى هذه الوثيقة يتحتم تقدير ذلك بواسطة محكمين يعين كل طرف واحد منهما وعلى هذين المحكمين بعد تعيينهما وقبل بدء عملهما أن يختارا محكما ثالثا يرجح فى المسائل التى يختلفان عليها، وإذا لم يقم أحد الطرفين بتعيين محكم من طرفه فى ظرف شهر من تسلمه خطاباً موصى عليه يرسله إليه الطرف الآخر ويكلفه فيه بذلك، كان لهذا الآخر الحق فى أن يطلب من قاضى اﻷمور المستعجلة تعيينه بناءً على طلب أحد الطرفين، وﻻ يترتب على وفاة الطرفين أو إحداهما خلال إجراءات التجكيم أى تعديل فى مهمة المحكمين».
وهناك العديد من مزايا اللجوء إلى التحكيم نذكر منها السرية والخصوصية فى عرض جميع البيانات والسرعة فى الفصل فى المنازعات سواء بموجب الاتفاق او نص القانون والاعتماد على هيئة متخصصة فنياً، كما يهدف التحكيم إلى المحافظة على العلاقة بين الأطراف المتنازعة، ونظراً لأن طريق التحكيم يكون بناءً على اتفاق طرفى النزاع فانه يحدث نوعاً من الرضائية بقبول الحكم من الطرفين أياً كانت النتيجة، فضلاً عن البعد عن التعقيد وطول الإجراءات.
يتبقى اﻹشارة إلى ملحوظه مهمة وهى أن إحكام هيئات التحكيم نهائية وتنفذ فوراً بعد الحصول على الصيغة التنفيذية ولا يجوز الطعن عليها بأى صورة من صور الطعن بخلاف البطلان إذا توافر.