تُحمل فاتورة استيراد اللحوم ميزانية الدولة أعباء تنمو مع مرور السنوات، مدفوعة بنمو الاستهلاك بسبب التزايد السكانى بنحو %2.5 كل عام، رغم ذلك لا تتناسب مجهودات تطوير قطاع الثروة الحيوانية محليًا مع ذلك، ويقف أمام التنمية الحقيقية حجر عثرة مكون من ثالوث خطر، هم (الأعلاف، والمياه، والأمراض)، ورغم خطورته فالحلول تكاد تكون مستحيلة.
فى البداية، قال برعى أبوالمجد، تاجر ماشية إن الأعلاف تُمثل حجر العثرة الأول أمام تنمية الإنتاج، والتى تضاعفت منذ نهاية العام 2016 بنحو %150 بموجب تحرير أسعار الصرف وخسارة الجنيه ما يزيد على %50 من قيمته أمام الدولار.
أوضح أن أسعار أعلاف الماشية قبل قرار تحرير العملة كانت تتراوح بين 2000 و2000 جنيه للطن، وبعض الأنواع تنخفض حتى 1800 جنيه، لكنها بعد القرار تضاعفت لتصل إلى 5200 جنيه للطن فى المتوسط.
قال محمود نادى، صاحب مزرعة، إن ارتفاع التكلفة مع بقاء أسعار بيع الماشية عند مستويات متدنية رفع من الأعباء على المربين، وعظم الخسائر، ما أجبر العديد من المزارع على الخروج من السوق، وبالتالى تراجع الإنتاج، وإن كان قد زاد بسبب التمويلات التى وفرتها الدولة مؤخرًا.
لفت إلى أن زيادة الإنتاج ما زالت لا تتناسب من قدرات السوق الإنتاجية، وكذلك من الاحتياجات الحقيقية للمستهلكين، ويجب أن تتدخل الدولة لوضع حلولًا جذرية فى هذا الشأن.
وقال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن خفض أسعار الأعلاف يحتاج لزيادة المساحات المنزرعة بمحاصيل الإنتاج (الذرة الشامية والصفراء، والفول الصويا)، للقدرة على خفض تكلفة إنتاجها من ناحية، وتوفير العملة الصعبة من أخرى.
أوضح صيام، أن الدولة يجب أن تتوسع فى زراعات تلك المحاصيل، واعتبر أن زراعة مساحات تتراوح بين 500 و700 ألف فدان من الذرة، وأقل من 30 ألف فدان من الصويا سنويًا أمرًا غير مُجديًا بالنسبة للقطاع.
قدر ثروت الزيني، رئيس شركة الأسد للأعلاف احتياجات القطاع سنويًا بنحو 7 ملايين طن من الذرة الصفراء ومليون طن من الفول الصويا لتغطية احتياجات المصانع العاملة فى السوق.
أوضح الزيني، أن زيادة المساحات المنزرعة من الذرة والصويا محليًا يضمن خفض الأسعار وتكلفة التصنيع، وبالتالى تراجع قيمة الأعلاف النهائية ثم انضباط أوضاع تكلفة قطاع الثروة الحيوانية.
حسمت مصادر فى وزارة الزراعة، قضية إمكانية زيادة مساحات محاصيل الأعلاف، والتى لا يمكن تنفيذها لاعتراضها خطط الدولة لتنمية محاصيل أبرزها القمح والفول البلدى لتوفير احتياجات المستهلكين من الغذاء.
المشكلة الثانية أمام القطاع هى المياه، والتى صرح مسئولون فى وزارة الزراعة أكثر من مرة بأنها أزلية، خاصة وسط الخلاف مع إثيوبيا على بناء سد النهضة، والذى يُهدد بتراجع حصة مصر السنوية من المياه.
فى تصريحات سابقة لنائب وزير الزراعة لشئون الثروة الحيوانية، منى محرز، قالت إن ضعف المياه فى مصر واستحواذ القطاع الزراعى على نحو %70 منها وتوزيع النسبة المتبقية على الاستهلاك الصناعى والآدمى يمنع من قدرة مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتى من اللحوم.
الأزمة الثالثة هى الأمراض والنافق، والتى ترفع من خسائر المربين، خاصة فى موسم الشتاء بمساعدة البرودة لها على الانتشار بين القطاع، وأبرزها (الحمى القلاعية، وحمى الوادى المتصدع، والجلد العقدى الذى يُصيب الأبقار على وجه الخصوص).
وفقًا لاحصائيات وزارة الزراعة الأمريكية، تسببت الأمراض فى نفوق 200 ألف رأس ماشية فى 2018، وتوقعت ارتفاعها إلى 290 ألف رأس فى العام الحالي، بنمو يصل إلى %45.
عزت «الزراعة الأمريكية» الخسائر إلى زيادة الوفيات إلى تفشى مرض الجلد العقدي، وقالت إنه يأتى فى موسم الشتاء مُتكتلًا بالعديد من المحافظات، خاصة أن التحصينات فى 2018 بلغت 2.8 مليون رأس من إجمالى 9.5 مليون رأس فى الفترة بين يناير وسبتمبر، ما يعنى أن %62 من الماشية لم يتم تطعيمها.
وأوضحت مصادر فى وزارة الزراعة، المصرية أنها اعتمدت تدابير لاحتواء المرض، بينها القيود المفروضة على حركة الماشية بين المحافظات وتوفير اللقاحات وتكثيف الخدمات البيطرية فى المُحافظات المتضررة.
أشارت المصادر، إلى تحصين نحو 2.61 مليون رأس ماشية ضد الأمراض خلال شهر مارس فقط بجميع المحافظات، بواقع 1.289 مليون رأس ضد حمى الوادى المتصدع، و27.976 ألف رأس ضد جدرى الضأن والجلد العقدى، و37.153 ألف رأس ضد التسمم الدموى و1500 رأس ضد طاعون المجترات الصغيرة، والرؤوس المتبقية ضد الجمة القلاعية.