عادة ما يستطيع رجل الأعمال البرازيلى ريكاردو بيلينو معرفة الصفقة الجيدة حينما يراها.. لذا بعد مرور أكثر من عقد على تواجده فى مدينة ميامى، قرر الانتقال عبر المحيط الأطلسى إلى البرتغال، حيث يجتذب سوق العقارات المزدهرة والإعفاءات الضريبية عددا متزايدا من البرازيليين الأثرياء.
قالت وكالة أنباء بلومبرج إن البرتغال قدمت الحوافز الضريبية قبل عقد من الزمن فى محاولة لجذب الأجانب الأثرياء إلى الدولة الواقعة فى جنوب أوروبا.
وفى عام 2012، أى بعد عام من السعى لخطة إنقاذ مالى دولية، بدأت البرتغال، ذات الكثافة السكانية البالغة 10 ملايين نسمة، فى تقديم تصاريح إقامة لغير الأوروبيين ممن اشتروا عقارات بقيمة تزيد على 500 ألف يورو «أى 560 ألف دولار».
وأوضحت بلومبرج أن الحوافز التى تقدمها البرتغال للمهاجرين الأثرياء تتناقض مع جهود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للحد من الهجرة، رغم اقتراحه بالتحول نحو نظام الهجرة القائم على الجدارة، الذى يهدف من خلاله إلى تفضيل المهاجرين ذوى المهارات الخاصة.

وجاءت الطفرة السياحية والعقارية فى البرتغال عقب تقديم الحوافز المتعلقة بالهجرة، التى حفزت الاقتصاد لتسجيل أقوى معدل نمو منذ نحو عقدين من الزمن فى عام 2017.
ومع ذلك، آثارت تلك الطفرة حالة من الغضب بين البرتغاليين الذين لم يتمكنوا من تحمل ارتفاع أسعار سوق الإسكان.
وكان الفرنسيون، الذين يمتلكون واحدة من أعلى الأعباء الضريبية بين 34 دولة متقدمة، أكبر المشترين الأجانب للمنازل فى البرتغال فى عام 2017، مستحوذين على نسبة %29 من الاستثمارات العقارية الأجنبية، فى حين احتل البرازيليون المرتبة الثانية بنسبة %19 من إجمالى الاستثمارات الأجنبية، يليهم البريطانيون بـ %11، ثم الصينيون بـ %9.
وأوضحت بلومبرج، أن البرازيليين كانوا يحاولون مواكبة الفرنسيين سريعا، مشيرة إلى أنهم يعدون بالفعل أكبر مستثمر عقارى أجنبى فى العاصمة لشبونة فى الجنوب ومدينة بورتو فى الشمال.
وفى الوقت الذى تدفقت فيه الهجرة بين البرازيل والبرتغال ذهابا وإيابا بما يتماشى مع الازدهار والكساد الاقتصادى، كان البرازيليون الأثرياء يفضلون ميامى لعقود من الزمان، معتقدين أن البرتغال مجرد أمة حزينة تحن إلى ماضيها المجيد، ولكن كل تلك الأمور تغيرت بعد استكمال البرتغال لبرنامج الإنقاذ الدولى فى عام 2014.
وساعدت الطفرة السياحية والعقارية فى تحول المدن بأكملها لتصبح ممتلئة بالفنادق والمطاعم الحائزة على نجمة ميشلان والشقق الفاخرة والمتاجر التى تلبى احتياجات الأجانب، فضلا عن أن الحوافز الضريبية والاعتقاد السائد بأن البرتغال ملاذ آمن، حيث احتلت المرتبة الرابعة فى مؤشر السلام العالمى لعام 2018، كانت تشكل جانب إيجابى آخر بالنسبة للكثير من البرازيليين.
وأوضحت بلومبرج أن ارتفاع الأسعار فى سوق العقارات، التى يشكو منها كثيرا من السكان المحليين، تشكل مصدر قلق كبيراً، فقد أشارت بيانات المعهد الوطنى البرتغالى للإحصاء إلى ارتفاع متوسط أسعار المنازل فى لشبونة بنسبة %23.5 العام الماضى لتصل إلى نحو 3 آلاف يورو للمتر المربع، بينما ارتفع صافى متوسط الأجر الشهرى للعمال البرتغاليين بنسبة %3.7 ليبلغ 888 يورو.
ومع ذلك، لا تزال أسعار العقارات الرئيسية فى لشبونة أرخص بكثير فى مدن أخرى، مثل لندن ونيويورك.