كان ثيران سوق البترول، وهم المستثمرن الذى يعتقدون بإمكانية ارتفاع سوق البترول، يعتقدون أن عام 2020 عامهم اﻷفضل.. لكن يبدو أن الوضع سيحول دون ذلك.
وقالت وكالة أنباء بلومبرج، إنَّ كثيراً من المحللين والمستثمرين توقعوا ارتفاع سعر برميل البترول مرة أخرى إلى 100 دولار فى عام 2020، ورغم انتظار السوق تقرير وكالة الطاقة الدولية الذى يقيم السوق فى 2020 يوم الجمعة المقبلة، فإنَّ إلقاء نظرة أولية على توقعات المتداولين وشركات الاستشارات يظهر فوائض مستمرة فى المعروض، وليس عجزاً كان من المتوقع أن يدعم ارتفاع اﻷسعار.
وأرجعت «بلومبرج»، السبب فى ذلك إلى ارتفاع إنتاج البترول الصخرى، وتباطؤ الاقتصاد العالمى، واحتمالية نشوب حرب تجارية عميقة.
وقال روجر ديوان، مراقب منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) لدى شركة «أى. أتش. أس ماركيت» المحدودة: «إن توقعات عام 2020 مثيرة للقلق بالفعل، كما أن خفض توقعات الطلب يحول اﻷمور إلى مستوى سيئ للغاية».
وتظهر توقعات شركات الاستشارات والتداول، أن سوق البترول سيكون متوازناً فى أفضل اﻷحوال. ولكن يتوقع كثيرون أن يتجاوز المعروض المتوقع الاستهلاك ربما بهامش كبير.
وفى الوقت نفسه، بدأ سوق البترول، الذى يظهر خصائص نموذجية لسوق الأسهم، يعكس بالفعل احتمال وجود فائض فى عام 2020.
ورغم قلة المعروض الناتجة عن أزمة تلوث خط أنابيب روسيا والعقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا، فقد انخفضت أسعار البترول لفترة وجيزة إلى مستوى أقل من 60 دولاراً، الأسبوع الماضى، بتراجع يزيد على %20 من مستوى أعلى من 75 دولاراً فى نهاية أبريل.
وقالت «بلومبرج»، إن التوقعات التشاؤمية للعام المقبل تمثل مشكلة لتحالف «أوبك بلس» بقيادة السعودية وروسيا. فقد تضطر مجموعة الدول المنتجة للحفاظ على خفض إنتاجها لفترة أطول بكثير مما كان متوقعاً فى اﻷصل؛ لمنع زيادة مخزونات البترول العالمية، حال ثبوت صحة التوقعات.
من المقرر اجتماع تحالف «أوبك بلس»، خلال الأسابيع القليلة المقبلة فى مدينة فيينا؛ لمناقشة سياسة الإنتاج الخاصة بها للنصف الثانى من العام الجارى. ولم يكن «ثيران البترول» مخطئين تماماً فى تحليلهم للعام المقبل. فمن المؤكد أن تغييرات سياسة وقود الشحن، وفقاً لمعايير المنظمة البحرية الدولية 2020، ستعزز الطلب على الديزل، ما قد يخلق عجزاً، ولكن ما لا يمكن للثيران أو الدببة توقعه هو الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب وسياساته الخاطئة التى تؤثر سلباً على الاقتصاد العالمى.
وخفض صندوق النقد الدولى، فى بداية يونيو الحالى، توقعاته للنمو الاقتصادى للصين، المحرك العالمى للطلب على السلع، إلى %6 فى العام المقبل، وهو أدنى مستوى منذ عام 1990 وأقل من نصف ذروته البالغة %14.2 التى سجلها فى عام 2007.
وقال مارتن راتس، محلل البترول لدى مؤسسة «مورجان ستانلى» للخدمات المالية فى لندن، إنَّ هناك أدلة متزايدة على تباطؤ الطلب بشكل أكثر من المتوقع.
أشارت «بلومبرج»، إلى أن نمو الاستهلاك السنوى بين أكبر مستهلكى البترول فى العالم ظل ثابتاً فى مارس الماضى، فى حين أظهرت الأرقام الأولية للطلب فى أبريل الماضى زيادة طفيفة.
بالإضافة إلى ذلك، تتجه التوقعات الأولية لمستشارى البترول بشأن عام 2020 بالإجماع تقريباً، نحو احتمالية زيادة العرض، وهى وجهة نظر تشترك فيها شركات تداول السلع الأساسية فى القطاع الخاص.
وتتجه اﻷنظار بشكل أكبر نحو المعروض البترولى فى ظل عدم توقع حدوث انتعاش فى إنتاج إيران وفنزويلا، الذى انخفض إنتاجهما بنحو 2.2 مليون برميل يومياً فى العام الماضى، وهو ما يعادل الكمية التى تستهلكها ألمانيا.
وتتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس» فائضاً بترولياً يقدر بـ400 ألف برميل يومياً، فى العام المقبل، بينما تتوقع إدارة معلومات الطاقة إمكانية وصول الفائض إلى 100 ألف برميل يومياً، وتتوقع شركة «إينرجى أسبيكتس» نصف مليون برميل يومياً، أما مؤسسة «أى. أتش. أس ماركيت»، فهى تتوقع وصول الفائض إلى 800 ألف برميل يومياً فى العام المقبل.
ورغم أن وكالة الطاقة الدولية لم تنشر بعد أول نظرة تفصيلية لها عن عام 2020، فقد قدمت لمحات عن وجهات نظرها فى بداية العام الجارى، عندما نشرت توقعاتها على مدى 5 أعوام، فى الفترة من 2019 إلى 2024، إذ توقعت خلال ذلك التقرير وصول الطلب على البترول إلى 102 مليون برميل يومياً فى 2020. كما توقعت، أيضاً، وكالة الطاقة الدولية وصول إنتاج الدول غير الأعضاء فى أوبك، بجانب إنتاج أوبك من المكثفات، إلى 71.9 مليون برميل، ما سيترك فجوة فعلية بالنسبة للبترول الخام الخاص بأوبك.
بالإضافة إلى ذلك، رفعت وكالة الطاقة توقعاتها للمعروض القادم من خارج أوبك لعام 2019، وخفضت توقعاتها للطلب، ما يشير إلى أنه إذا استمرت المنظمة فى ضخ البترول عند المستويات الحالية، فإن الإنتاج سيتجاوز الطلب فى 2020.