قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إنَّ اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، تساعد أفريقيا على اتخاذ خطوات كبيرة نحو معالجة المشكلات الاقتصادية الراسخة، بما فى ذلك ندرة التجارة الإقليمية.
وقد تعزز الاتفاقية، التى دخلت حيز التنفيذ فى 30 مايو الماضى، النمو الاقتصادى فى القارة السمراء، التى تضم 55 دولة ضمن إطار الاتحاد الأفريقى مع إجمالى ناتج محلى مجمع يزيد على 3 تريليونات دولار، وارتفاع الكثافة السكانية الشبابية.
فى الوقت نفسه، تستهدف الاتفاقية القضاء على 90% من التعريفات وإنشاء سوق موحدة لتسهيل تداول السلع والخدمات فى القارة.
وأوضحت الصحيفة، أنه لا تزال هناك عقبات كبيرة تواجه التنفيذ، خصوصاً أن الصفقة ما هى إلا إطار عمل أساسى يفتقر إلى التأثير لحين إضافة كثير من التفاصيل المهمة عليه.
وقال كارلوس لوبيز، أحد مصممى الاتفاقية، الرئيس السابق للجنة الاقتصادية ﻷفريقيا التابعة للأمم المتحدة، إنَّ اﻷمر قد يستغرق ثلاثة أعوام على الأقل قبل تنفيذ الاتفاق النهائى، مضيفاً أن الاتفاق لا يزال ضعيفاً للغاية وبحاجة إلى كثير من العمل رغم وجود دلائل على الزخم والطموح والسرعة.

ووقعت 52 دولة على هذه الاتفاقية، مع تعليق نيجيريا، أكبر اقتصاد فى أفريقيا، لاتفاقها فى ظل الضغط الذى تتعرض له من جماعات المصنعين والمجموعات العمالية.
وقال ألبرت موتشانغا، مفوض الاتحاد الأفريقى للتجارة والصناعة، إنَّ تاريخ الاقتصادات الأفريقية يتلخص فى أنها صغيرة ومجزأة، وهذا أحد المعوقات اﻷساسية للنمو التى تسعى اتفاقية التجارة للقضاء عليها.
وسلطت «فاينانشيال تايمز» الضوء على التحديات الأساسية التى تسعى اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية لمعالجتها، وهى كالآتى:
التجارة بين الدول اﻷفريقية
تقع التجارة بين الدول الأفريقية فى مركز متأخر عن معظم المناطق اﻷخرى على مستوى العالم؛ نظراً إلى المسافات الشاسعة، وسوء حالة الطرق، والشحن وإجراءات عبور الحدود المرهقة.
وعندما يتعلق الأمر بالتجارة داخل المنطقة، فإنه رغم نمو التجارة داخل المنطقة منذ بداية الألفية، فإنَّ أفريقيا تفوقت على السوق المشتركة لدول أمريكا الجنوبية «ميركوسور» فقط.
وقال مؤيدو اتفاقية التجارة الحرة اﻷفريقية، إن هذه الاتفاقية ستسهم فى اقتراب أفريقيا من مستوى رابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان»، لتزدهر التجارة فى جميع أنحاء القارة، فى حين يشكك بعض المتواجدين فى مجتمع الأعمال فى الإرادة السياسية للحكومات.
ووفقاً لهذا الصدد، قال كريم التازى، المدير العام لشركة «ريشبوند» المغربية: «حتى تعمل الاتفاقية التجارية بالفعل، يجب أن يكون لدى الحكومات الرغبة فى تنفيذها، إذ سيتعين عليها الاستعداد للتخلى عن الإيرادات الجمركية وتوفير الخدمات اللوجستية».
دول أفريقيا ترتبط بشكل أفضل مع القارات اﻷخرى
أوضحت الصحفية، أنه غالباً ما يكون من السهل بالنسبة لبعض الدول الأفريقية، التجارة مع الدول الواقعة فى قارات أخرى مقارنة بالدول اﻷفريقية.
فعلى سبيل المثال، غالباً ما يكون من السهل على دولة مثل نيجيريا تحقيق تبادل تجارى مع الولايات المتحدة، مقارنة بدولة الجوار اﻷفريقية بنين.
ويأمل مؤيدو الاتفاقية أن تساعد على تخفيف بعض التحديات التى تواجه التجارة الإقليمية من خلال خفض التعريفات الجمركية التى تعد واحدة من أكبر التحديات، ولكن الاتفاقية لن تحل عجز البنية التحتية الذى يوجه المسار التجارى لمعظم الدول إلى الخارج بدلاً من الداخل.
أفريقيا لا تضيف قيمة كبيرة لصادراتها
لا يزال يجرى استغلال القارة السمراء للحصول على المواد الخام، ومنها البترول الخام والمعادن الخام والمنتجات الزراعية غير المجهزة، بما فى ذلك الغذاء والقطن، لتتجه نحو الغرب والصين وروسيا؛ حيث تبحث تلك الدول عن المواد الخام لتغذية صناعاتها.
وقال «لوبيز»، أحد مصممى الاتفاقية، إن إحدى النقاط المضيئة النادرة فى التجارة البينية الأفريقية تتمثل فى حقيقة أن %42 من تلك التجارة يتكون من السلع المصنعة أو المجهزة.
وإذا كانت اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية تعزز التجارة بين الاقتصادات الأفريقية، فإنها ستقوم بذلك على مستوى القيمة المضافة لمنتجات مثل صلصة الطماطم والمنتجات البترولية والبلاستيك وحديد التسليح.
ومن المتوقع أن تأتى اتفاقية التجارة الحرة اﻷفريقية مع لوائح تنظيمية للمحتوى المحلى، وهى خطوة تستهدف مساعدة المنتجات الأفريقية على التنافس مع الواردات الرخيصة القادمة من الصين وغيرها من الدول.
الاستثمارات اﻷجنبية المباشرة هى اﻷدنى فى العالم
قالت «فاينانشيال تايمز»، إن أفريقيا تحصل على أقل من عُشر الاستثمارات الأجنبية المباشرة التى تتجه لآسيا.
ويأمل مصممو اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية أن تكون السوق الموحدة، بجانب السكان الشباب والطبقة المتوسطة الآخذة فى التوسع، جاذبة أكبر للاستثمارات اﻷجنبية.
وبالنسبة للشركات ذات الطموحات الأفريقية، تترك معظم الشركات فى الوقت الراهن الأسواق الصغيرة للتركيز على الاقتصادات الكبرى، مثل نيجيريا ومصر أو جنوب أفريقيا.
وأوضحت الصحيفة، أن الكتلة التجارية الموحدة لن تجعل قرارات التصدير والاستثمار أسهل فحسب، بل ستوفر أيضاً للمستثمرين وفورات كبيرة.