بقلم: أندى موخرجى ؛كاتب مقالات رأي لدى بلومبرج ويغطي الشركات الصناعية والخدمات المالية
تقترب باكستان من أزمة أسواق ناشئة نموذجية. فقد انتهت طفرة استثمارات غير مستدامة، ورفع البنك المركزى أسعار الفائدة لتقليص الفجوة فى الحساب الجارى، وانهار النمو لأدنى مستوى فى تسع سنوات، والبطالة بين الشباب عند نسبة مكونة من رقمين، والتضخم يرتفع، وتتراجع إيرادات الحكومة.
وإخراج إسلام آباد من هذه الورطة، هو مجدداً وظيفة صندوق النقد الدولى.
ووافق الصندوق على حزمة الإنقاذ الثالثة عشر للدولة منذ أواخر الثمانينيات، ولكنه لا يريد حزمة إنقاذه البالغة 6 مليارات دولار أن تستخدم فى سداد الديون الصينية لتمويل مشروعات الطريق والحزام، واقتراح الصندوق بتعويم العملة قد يعمق انخفاضها أمام الدولار الذى يبلغ حالياً %30 منذ ديسمبر 2017.
وإذا أضفنا التقشف المالى، الذى بدا جلياً فى الموازنة الحكومية التى أعلن عنها يوم الثلاثاء الماضى، فإن الألم سيسوء قبل أن يتحسن، وبدلاً من الاضطرار للتعامل مع الركود التضخمى والعجوزات فى ميزان المدفوعات، ربما يتمنى رئيس الوزراء، عمران خان، أن يكون فى إنجلترا لمتابعة بطولة كأس العالم للكريكيت، التى فازت فيها باكستان مرة واحدة فى عام 1992.
وفى هذا الوقت، كان الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى للفرد فى باكستان، والمعدل وفق القوة الشرائية للعملة، أعلى من الهند بنسبة %65، واليوم هو أقل من الهند بنسبة %28، ويتوقع صندوق النقد الدولى أن تواصل الفجوة التوسع.
وعلى الأرجح سينمو الاقتصاد الهندى بوتيرة أبطأ بكثير من الـ%7 التى تدعيها الإحصاءات الرسمية، ولكن منافستها الرئيسية تؤدى بشكل أسوأ بكثير، وهدأت نوبة الجنون الإنشائية نتيجة مشروع الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى بقيمة 62 مليار دولار، ومنيت ثلاث من أكبر شركات الأسمنت فى بورصة كاراتشى بأسوأ الخسائر العام الجارى، وهبطت أسعار أسهمها بنسب تتراوح من %45 إلى %55، حتى الشركة الأسوأ أداء على المؤشر «فاوجى فودز»، استطاعت ابتلاع انهيار أسهمها بصعوبة من خلال صفقة مع مجموعة «يلى» الصناعية من منطقة منجوليا الداخلية، وكان من المفترض أن تشترى الشركة الصينية %51 من شركة الألبان الباكستانية.
إذاً.. كيف سيعكس صندوق النقد الدولى مسار باكستان؟
لمعرفة الإجابة، انظر إلى المناشف والسراويل والسراويل القصيرة. فمع تصاعد حرب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ضد بكين، ينوع المشترون الأمريكيون قاعدة مورديهم بعيداً عن الصين، والمصدر رقم واحد لهذه البضائع إلى أمريكا بالفعل هو بنجلاديش. وتأتى باكستان فى المركز السادس، ولكنها رفعت شحناتها إلى الولايات المتحدة العام الحالى بمقدار %12، وقد تتجاوز الهند التى لم ترتفع صادراتها للولايات المتحدة.
وتتمثل الأنباء الجيدة، فى أن العملة الباكستانية وهى الروبية تراجعت بحوالى %20 منذ 2017، وهو ما قضى نظرياً على فروق ارتفاع قيمة العملة المعدلة، وفقاً للتضخم مع شركائها التجاريين، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولى.. وبالتالى، إذا تراجعت العملة أكثر، ولم يرتفع التضخم، فإن صادرات باكستان سوف ترتفع بشرط صمود النمو العالمى وتوافر القطن لصناعة المنسوجات.
وانكمشت مبيعات السيارات بنسبة %24 منذ عام فى أبريل، مع تمويل خمسى المبيعات من قبل القروض.
ولن يحدث تحرك ذو معنى فى الطلب إلا من خلال خفض كبير فى أسعار الفائدة، خاصة أن صناع السيارات يمررون الجزء الأكبر من عبء سعر الصرف الضعيف (وتكاليف الاستيراد) إلى المستهلكين.
وفى استطلاع رأى أجرته وكالة أنباء «بلومبرج» لتقييم أسهم «سوزوكى موتور كو» الباكستانية، قدر 2 فقط من 14 محللاً أن ذلك السهم فرصة شراء.
وقد تعزز أسعار الفائدة المدعمة على المنازل منخفضة التكلفة الطلب إلى حد ما، ولكن المساحة المالية لتنفيذ مثل هذه البرامج الطموحة محدودة للغاية، بجانب أن تعزيز الإيرادات الزراعية قد يكون أولوية أكبر من دعم المستهلكين فى المدن.
وكانت حكومة خان، مترددة فى اللجوء إلى صندوق النقد الدولى؛ لأنها تعلم أنه من الصعب إقناع العامة بالمصاعب التى يجب تحملها، كما أن التعديلات الهيكلية لها تكاليفها السياسية، وخان، الذى تولى مهام منصبه منذ 9 أشهر، هو رئيس الوزراء المنتخب رقم 19، ولم ينجح أحد من الثمانية عشر السابقين فى إنهاء فترة رئاسته التى تمتد لـ5 سنوات.
والآن، لم يعد أمامه فرصة سوى تبنى الشروط التى جاءت مع حزمة الإنقاذ، ولا يوجد بيد رئيس الوزراء شىء سوى الأمل فى أن إعادة ترتيب سلاسل التوريد العالمية سوف تخلق فرصاً وتخفف ألم تعافى باكستان، وربما أن مكسب الدولة فى «كأس العالم فى الكريكيت» يرفع المعنويات، ولكن احتمالات ذلك بعيدة أيضاً.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: بلومبرج