«الكردى»: الزحف العمرانى وزيادة الإتاوة فى القانون الجديد يهددان الصناعة
التصدير العشوائى بعد الثورة خلق سمعة سيئة للأملاح المصرية
رفعنا مذكرة إلى رئيس الوزراء لإيقاف تراخيص «السياحات»
شركة «إميسال» تستهدف ضخ 200 مليون جنيه استثمارات جديدة
تراجع إنتاج مصر من الأملاح، خلال العامين الماضيين، بنسبة %10، ليصل إلى 3.4 مليون طن سنوياً، مقابل 3.77 مليون طن فى 2016؛ نتيجة خروج بعض الملاحات الرسمية من الصناعة.
والسبب فى هذا التراجع، هو الزحف العمرانى على الملاحات بمحافظتى الإسكندرية وبورسعيد.
ومن المتوقع أن تشهد الملاحات، مزيداً من التراجع بعد تطبيق الإتاوات الجديدة بقانون الثروة المعدنية.
قال الدكتور عبداللطيف الكردى، وكيل غرفة التعدين باتحاد الصناعات، العضو المنتدب لشركة إميسال للأملاح والمعادن، إنَّ إنتاج مصر من الملاحات الرسمية، حالياً، يقدر بنحو 4 ملايين طن سنوياً، فى حين تتضاعف الكمية حال احتساب الملاحات غير الرسمية (العشوائية)، لتصل إلى 8 ملايين طن، مشيراً إلى أن إنتاج هذه الملاحات غير ثابت.. لذلك لا يتم احتسابه.
أضاف «الكردى»، فى حواره لـ«البورصة»، أن محافظة بورسعيد شهدت استحواذ هيئة المجتمعات العمرانية، على ملاحة تابعة لشركة «ماكس» لبناء وحدات سكنية عليها، فى حين توقفت ملاحة أخرى تابعة لشركة النصر بمحافظة الإسكندرية؛ لاستخدامها فى الغرض نفسه.
كما تراجعت صادرات الأملاح بنسبة %21، لتقدر حالياً بمليون و500 ألف طن، مقابل مليون و900 ألف طن قبل ثورة يناير.
وجاء ذلك نتيجة التصدير العشوائى، الذى قامت به الملاحات غير المرخصة بعد الثورة، الأمر الذى تسبب فى خلق سمعة سيئة للأملاح المصرية، عقب قائمة الدول العربية الأكثر تصديراً للأملاح.
أضاف «الكردى»، أن ضعف رقابة الدولة على الملاحات غير الرسمية، أثر على عمل شركات القطاعين العام والخاص على مستوى السوق المحلى والتصدير، ما دفع أكثر من 10 شركات أجنبية مستوردة للأملاح المصرية إلى فسخ تعاقدها.
وتابع: «طالبت غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات، بإحكام الرقابة على عمل جميع الملاحات غير الرسمية؛ للحفاظ على عمل شركات القطاع العام، إضافة إلى ضمها تحت المظلة الرسمية للدولة وإخضاعها للمنظومة الضريبية».
وكشف أن ضعف الرقابة، أدى إلى غش الأملاح الغذائية وبيعها بأسماء الشركات المرخصة، الأمر الذى عرض الأخيرة لخسائر طائلة.
كما أن زيادة الإنتاج غير القانونى، دفعت بعض الشركات إلى الإغلاق؛ نظراً إلى عشوائية الإنتاج والبيع والتصدير.
قال «الكردى»، إنَّ الملح من السلع الاستراتيجية التى كانت تتم المقايضة عليها بالقمح والسلاح فى الستينيات، لافتاً إلى أنها تستوعب نحو 900 ألف عامل.
وأوضح أن القطاع يواجه، حالياً، عدداً من المشاكل، أبرزها تأخر الحصول على تراخيص التصدير من وزارة الصحة، وانتشار المنتجات الرديئة والمقلدة بالأسواق، إضافة إلى تعارض التشريعات والقوانين، وفرض الضرائب العقارية على أراضى الملاحات بجانب زيادة الإتاوات بنسبة 100%.
وأوضح أن القانون الجديد يلزم المستثمر بدفع 26% إتاوة على الطن، فى حين تقدر الإتاوة الحالية بين 5 و12% من قيمة الخام، الأمر الذى يهدد صناعة الملاحات فى مصر.
وأشار «الكردى»، إلى أن تضارب التشريعات فى القانون الجديد يتعلق بتحديد القيمة الإيجارية لأراضى الملاحات من خلال إلزام الشركة بدفع إيجار الأراضى لأكثر من جهة، طبقاً للائحة التنفيذية لكل منها سواء المحافظة التابعة لها الأرض، أو هيئة الثروة السمكية، وقطاع الإصلاح الزراعى، مشيراً إلى أن قانون الثروة المعدنية يلزم الشركات بدفع 100 ألف جنيه لكل كيلو متر مربع لجهة واحدة، ويتم تغيير القيمة الإيجارية لها كل 4 سنوات.
ولفت إلى أن غرفة التعدين، أعدت مذكرة بجميع المشاكل التى تواجه القطاع ورفعتها إلى مجلس الوزراء لحلها، لكن لم يتم حل أى منها حالياً.
وقرر مجلس الوزراء، تشكيل لجنة فنية متخصصة علمياً لوضع ضوابط التصدير؛ حتى تحفاظ على سمعة الملح المصرى فى الأسواق العالمية، إضافة إلى تكليف المختصين منهم بحل مشكلة الضرائب العقارية على أراضى الملاحات.
قال «الكردى»، إن مصر تستطيع أن تتصدر قائمة الدول الأكثر إنتاجاً للملح فى العالم إذا تم استغلال الثروات المهدرة من البحيرات والبحار الموجودة، وإذا أوقفت عمليات الزحف على الأراضى التابعة للملاحات، ووضعت ضوابط لوقف الإنتاج العشوائى.
وأشار إلى أن مصر، احتلت المركز الـ13 فى قائمة الدول الأكثر إنتاجاً للملح، نهاية عام 2009، وسجل إنتاجها %1.9 من الإنتاج العالمى، لكن مشاكل القطاع أخرجها من هذا التصنيف.
وأوضح أن الإنتاج العالمى من الملح يقدر بنحو 280 مليون طن، وتأتى الصين فى المرتبة الأولى فى قائمة الدول الأكثر إنتاجاً بنحو 60 مليون طن سنوياً، تليها الولايات المتحدة بـ42 مليون طن، ثم الهند بـ19 مليون طن.
أضاف أن صناعة الملح تحتاج إلى مزيد من التسهيلات والدعم فى الوقت الحالى؛ لكى تتعافى من هذه المشاكل التى تجذب المستثمرين للدخول فى هذه الصناعة، من خلال إلغاء الضريبة العقارية على أراضى الملاحات أو تعديلها لدفع هامش بسيط لا يزيد على%5 من رأسمال المشروع.
أشار «الكردى»، إلى أن سبب عزوف المستثمرين فى الوقت الحالى عن ضخ استثمارات جديدة فى هذه الصناعة هو استغراقها وقتاً طويلاً حتى تبدأ عملية الإنتاج والتى تصل إلى 7 سنوات، إضافة لاحتياجها إلى رأسمال ضخم يصل إلى 400 مليون جنيه؛ حتى تستطيع منافسة الشركات العاملة فى السوق.
وأكثر المناطق إنتاجاً للملح فى مصر هى بورسعيد، إذ توجد فيها شركة المكس للملاحات، وتصل طاقتها الإنتاجية إلى 350 ألف طن سنوياً، و«برج العرب» وتوجد بها شركة النصر للملاحات، وتصل طاقتها الإنتاجية إلى 300 ألف طن سنوياً.
قال «الكردى»، إن انتشار ملاحات السياحات من أبرز المشاكل التى تهدد المجتمع بوجه عام والصناعة بوجه خاص، إذ يقتصر عملها على ترسيب الأملاح من مياه الصرف الصحى، والمياه الراكدة فى المستنقعات، وبدلاً من استخدامها فى إنتاج الأملاح الصناعية تستخدم فى إنتاج أملاح المائدة.
ولفت إلى أن الغرفة رفعت مذكرة إلى رئيس الوزراء؛ لإيقاف تراخيص هذه الملاحات، لحين ضبط عملها، وتشديد الرقابة عليها من قبل الحكومة؛ نظراً إلى احتوائها على شوائب سامة تسبب الفشل الكلوى. كما أنها تضر بالصناعة الرسمية؛ نظراً إلى أنها تطرح منتجها بسعر أرخص%50 من منتجات الشركات الأخرى.
وأشار إلى أن أغلب ملاحات السياحات تمتلك مطاحن فى أماكن عملها، وتقوم بطحن الملح بعد استخراجه دون أى معالجات أو غسله، ثم تقوم بتعبئته فى عبوات بلاستيكية وطرحه فى الأسواق بأسعار رخيصة للمستهلكين.
وأضاف أن الغرفة عرضت على ملاحات السياحات، المشاركة فى تطوير منتجها والتوسع فى الأسواق ومساعدتها فى إنتاج ملح صحى، لكنَّ عدداً كبيراً منها أبدى عدم الرغبة فى التعاون؛ خوفاً من تراجع أرباحه، مشيراً إلى أن شمال سيناء من أكثر المناطق المتخمة بهذه الملاحات.
قال العضو المنتدب لشركة «أميسال»، إنَّ الشركة تستهدف إنشاء 4 مصانع لإنتاج كلوريد الماغنسيوم وكبريتات البوتاسيوم المتبقية من الأملاح الرئيسية.
وأشار إلى أن «إميسال» حصلت على موافقة وزارة البيئة لإنشاء المشروع بمحافظة الفيوم على المساحة المخصصة للشركة، وهى 1750 فداناً، وتنتظر الموافقة على تمويله من عدد من البنوك، لافتاً إلى أن القيمة الاستثمارية له تقدر بـ200 مليون جنيه.
وتمتلك «إميسال» 4 مصانع، حالياً، لكبريتات الصوديوم، وكلوريد الصوديوم، وكبريتات الماغنسيوم، ومصنعاً آخر لإنتاج الملح الطبى، ومن المتوقع زيادتها إلى 8 مصانع بعد افتتاح المصانع المستهدف إنشاؤها.
ويتراوح إنتاج الشركة بين 350 و400 ألف طن سنوياً، تطرح%90 منه بالسوق المحلى، والباقى يتم تصديره إلى سوريا والعراق والأردن وبعض الدول العربية.
ويقدر رأسمال الشركة الحالى بـ600 مليون جنيه، مستهدفاً زيادته إلى 800 مليون جنيه بنهاية 2020، بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع الجديد للشركة.
وتستهدف «إميسال»، الوصول بقيم مبيعاتها إلى 500 مليون جنيه نهاية العام الحالى، مقابل 400 مليون جنيه العام الماضى و300 مليون جنيه فى 2017.