معادلة النمو والاستدامة تحتاج إلى استثمارات طويلة الأجل
اقتراح بإعادة شراء الملابس المستعملة بـ«10 إسترلينى للكيلو»
أصدرت لجنة برلمانية فى المملكة المتحدة، خلال فبراير الماضى، توبيخاً للطريقة التى يجرى بها صنع الملابس واستخدمها والتخلص منها أيضاً.
ولفت تقرير برلمانى الانتباه إلى أنه يجرى إرسال حوالى 300 ألف طن من المنسوجات، بقيمة 140 مليون جنيه إسترلينى، إلى المكب أو المحارق كل عام فى المملكة المتحدة، وهذا يعنى أن إنتاج المنسوجات يسهم فى أضرار للمناخ أكثر من قطاعى الطيران الدولى والشحن مجتمعين.
وتقول مارى كريج، رئيسة اللجنة البيئية فى مجلس العموم البريطانى، إنه لا ينبغى أن تتحمل الكرة الأرضية تكلفة ازدهار عالم الموضة والتى باتت فى طريقها لأن تصبح مسئولة وحدها عن %25 من الرصيد الكربونى للبلاد بحلول عام 2050.
وأضافت أن على قطاع الأزياء تحمل مسئولية تحديد الكيفية التى سيصل بها إلى المستوى صفر.
وتؤكد جورجينا والتير، مديرة الاستدامة بشركة «إتش آند إم» فى بريطانيا وأيرلندا، أنهم يدعمون تماماً عمل اللجنة المختارة للتدقيق البيئى، ولكن من أجل حدوث تغيير نظامى إيجابى التطرق لإدخال معايير الصناعة إلى عناصر متعددة بداية من سلسلة التوريد مع تعاون جميع الأطراف بما فى ذلك الحكومات والعلامات التجارية والخبراء، بالإضافة إلى طرف ثالث متمثل فى النقابات العمالية والمنظمات غير الحكومية.
ووضعت الشركة البريطانية العريقة خطة لضمان الحصول على %100 من موادها بشكل مستدام بحلول عام 2030 وقد وصلت حالياً إلى نسبة %57 كما تعهدت بأنها بحلول العام المقبل ستزيد استخدامها للقطن المعاد تدويره أو من مصادر مستدامة من 95 إلى %100.
وأشارت «والتير» إلى أن شركتها انضمت إلى مجموعة الأبحاث السويدية «رايز» فى مشروع MinShed، والذى يهدف إلى إيجاد طرق لتصميم الملابس باستخدام ألياف قابلة للتحلل، كما أن حرص الشركة على الشفافية دفعها لتوضيح مكونات منتجاتها على موقعها الإلكترونى؛ لأن الشفافية تقود إلى تغيير إيجابى.
ووفقاً لتصريحات والتير لصحيفة «التايمز» البريطانية، فإنه لا يمكن فى الوقت الحالى إعادة تدوير نسبة كبيرة من المنسوجات، لذلك يرتبط الاستهلاك المتزايد بشكل مباشر بزيادة النفايات والحل يكمن فى سد الفجوة بين الاستهلاك والنفايات عن طريق التحول إلى نموذج أعمال دائرى؛ حيث تنتج شركتها فقط ملابس مصنوعة باستخدام مواد يمكن إعادة تدويرها وتجديدها.
ومع ذلك لا يمكن لتجار التجزئة الاستمرار فى تقديم المزيد من المنتجات مهما كانت مستدامة دون البحث عن تدفقات إيرادات جديدة أيضاً.
ومن وجهة نظر ريبيكا طومسون، رئيسة المحتوى التجارى فى «درابرز»، أنه سيكون من الأنسب تحقيق النمو بطريقة مستدامة، ويمكن للأمرين «الاستدامة والنمو» التعايش بشكل مطلق، ولكن توجد تكلفة مبدئية وتحتاج الشركات إلى النظر إليها كاستثمار طويل الأجل لضمان مواكبة حاجة مستهلكيها.
وفى تقرير حديث لمجلة تجارة الأزياء ثبت أن نصف المتسوقين من جيل ما بعد الألفية «مواليد بين آخر التسعينيات وعام 2000» تخلو عن مشترياتهم لأن التجار لم يقدموا منتجات مطابقة لقيم الاستدامة التى يؤمنون بها”.
ودعت لجنة مجلس العموم البريطانى إلى فرض رسم قدره «بنس واحد» لكل ثوب لدفع تكاليف جمع الملابس وإعادة تدويرها بشكل أفضل، كما دعا لاستخدام نظام الحوافز الضريبية لصالح إعادة الاستخدام والإصلاح وإعادة التدوير لدعم الشركات التى تتحمل المسئولية.
ويعتبر جرايم رايبورن، مدير الأداء فى شركة رايبورن للأزياء، أن رسم البنس الواحد لا يكفى، مشيراً إلى أثر تطبيق ضريبة «5 بنس» على الحقائب البلاستيكية.
وطالب بتبنى مزيد من السياسات الشجاعة وتطبيق أفكار مبدعة مثل نظام إيداع الملابس القديمة لدى موردى المنسوجات بحيث يدفع المورد للمستهلك 10 جنيهات إسترلينية للكيلو الواحد مع العلم بأن بنطلون جينز يزن 250 جراماً حال استرجاعها من المستهلك.
وأوضح أن هذه الرسوم ستضطر الموردين إلى تصميم منتجات ذات جودة أفضل أو أكثر ملاءمة لإعادة تدوير الألياف إذا علموا أن المستهلكين سيعودون بها فكل شخص يعود بـ4 سراويل طويلة سيحصل على 10 جنيهات إسترلينية.
وإلى جانب معايير وتشريعات الصناعة، يجب أن تتعامل الموضة مع الأسباب الجذرية لسبب وصولنا إلى هذه المستويات المتهورة من النفايات والاستهلاك.
ويعتقد البروفيسور ديلس ويليامز، مدير مركز الأزياء المستدامة فى كلية لندن للأزياء بجامعة الفنون، أن تغير المناخ يجب أن يكون جزءاً من المناهج الدراسية.
وأضاف أن النظام برمته محطم، فكيف يمكن للحكومة تحفيز الشركات التى تنبعث منها مستويات عالية من ثانى أكسيد الكربون؟
وأوضح أنه يجب على الشركات أن تسأل نفسها كيف يمكن أن تخلق الرخاء فى 4 أبعاد هى الطبيعة والاقتصاد والمجتمع والبيئة، كما تفعل مجموعة «كيرينج» الفرنسية للملابس الفاخرة التى أضافت الخسارة البيئية للنظام المحاسبى لديها لتقييم الربح والتى تكشف عن مستوى ديون رهيب للطبيعة لكنها خطوة جريئة وستصبح شيئاً يحسب حسابه المستثمرون.