
العملاء اتجهوا للاستيراد من الإمارات لانخفاض الأسعار وارتفاع الجودة
«محمد»: «النيل للنحاس» تتوقف عن التصدير وتخفض الإنتاج %50
«حامد»: عدد مصانع السوق الموازى يتجاوز القطاع الرسمى
تباينت آراء العاملين فى سوق النحاس حول أداء القطاع، فمصانع الأجهزة الكهربائية تستورد بعض احتياجاتها الضرورية من المادة الخام؛ لعدم توافرها محلياً، فى حين انقسم العاملون فى صهر وتشكيل النحاس إلى فريقين، الأول يرى أن السوق المصرى وحده لا يكفى لضخ كامل إنتاجهم، والآخر يزعم أن القطاع غير الرسمى زاحمهم لدرجة شلّت القطاع الرسمى ورفعت سعر خردة النحاس إلى مستويات تفوق قيمتها الحقيقية.
قال عبدالوهاب محمد، رئيس مجلس إدارة شركة النيل للنحاس، المتخصصة فى سحب وصهر الأسلاك النحاسية، إن فرض رسم صادر على خردة النحاس، لم يُطبق بالشكل الأمثل الذى يحقق الاستفادة القصوى من مادة النحاس محلياً.
وأضاف أن بعض المصنعين تحايلوا على القرار لتهريب النحاس بدعوى أنه منتج تام الصنع، ما تسبب فى ارتفاع السعر المحلى إلى نحو 95 ألف جنيه للطن، وفقدان ميزته التنافسية عالمياً.
وأوضح أن ارتفاع السعر جاء بالتزامن مع نمو القطاع غير الرسمى، الذى يستلزم رقابة مشددة من جانب وزارة التجارة والصناعة، بجانب تشديد الرقابة على المصانع التى تتحايل على قرار رسم الصادر.
وأصدرت وزارة التجارة والصناعة، ديسمبر الماضى، قراراً باستمرار رسم الصادر المفروض على النحاس نصف الخام والنقى وغير النقى والمرسب والخلائط النحاسية بأشكال خام، وفضلات وخردة النحاس بواقع 20 ألف جنيه للطن.
أكد «محمد»، أن بعض المُصدرين يسحبون خردة النحاس من السوق بأسعار أعلى من معدلاتها الطبيعية، خصوصاً أنهم لا يهتمون برسم الصادر لقيامهم بتهريبه، ما يؤدى إلى ارتفاع سعر خردة النحاس، ومن ثم اضطرار المصانع المحلية إلى الشراء بتلك الأسعار فى ظل انخفاض المعروض.
وأشار إلى أن خردة النحاس الأحمر لها درجات مختلفة، أعلاها سعراً يتراوح بين 93 و95 ألف جنيه للطن، وأقلها جودة وسعراً بين 80 و85 ألف جنيه للطن.
وكشف أن تلك الأزمة لا تواجه خردة النحاس الأصفر، إذ إن تشديدات السلطات الجمركية ضد المهربين أكثر صرامة وحزماً، مقارنة بالإجراءات المتبعة مع خردة النحاس الأحمر.
وطالب رئيس شركة النيل للنحاس، وزارة التجارة والصناعة، بإعداد زيارات مفاجئة للمصانع، لأن بعضها تدعى أنها صناعية فى الوقت الذى تستخدمها كمخازن.
فالتلاعب يحدث من خلال تلك الكيانات عبر تصدير خردة النحاس على أنها منتجات تامة الصنع.
قال «محمد»، إنه اضطر للتوقف عن التصدير؛ بسبب ارتفاع سعر الخردة محلياً، ما أفقده قدرته التنافسية عالمياً، وارتفع سعر الخردة محلياً ليماثل السعر العالمى، ثم يُضاف إليه قيمة التصنيع ومصاريف التشغيل، ليصل السعر إلى مستويات تتجاوز قيمة جودة المنتج.
وأشار إلى أن بعض عملاء الشركة اتجهوا إلى الاستيراد من المصانع الإماراتية؛ لانخفاض أسعارها، وارتفاع جودتها نسبياً عن المصانع المصرية، إذ تعتمد مصانع الإمارات فى التصنيع على النحاس الخام وليس الخردة.
ولفت إلى أن التوقف عن التصدير أدى إلى انخفاض طاقة شركة النيل الإنتاجية من 120 طناً شهرياً إلى 60 طناً بنسبة %50 الأمر الذى اضطره لرفع السعر، وأفقده قدرته التنافسية محلياً أيضاً، وقال إن العميل الأجنبى يشترى كميات كبيرة عكس المصرى، والسوق المحلى لا يستطيع استيعاب الطاقة الإنتاجية للمصنع كاملة.
وطالب «محمد»، بإزالة المعوقات التى تواجه مصانع ومُصدرى النحاس الحقيقيين، وتوجيه جهود الدولة للملتزمين بقوانينها والتصدى بحزم لمن يُهدرون ثروات الوطن بالتحايل أو بالغش.
وأشار إلى أن للنحاس استخدامات متعددة، أبرزها تصنيع الأسلاك الكهربائية بكل أنواعها، وتصنيع وصلات أجهزة التكييف، وأعمدة الإنارة، ومحركات ماكينات الصناعة والأجهزة الكهربائية المنزلية.
ولفت إلى أن صادرات النحاس تندرج ضمن قائمة من 14 سلعة استراتيجية يجب الحصول على عائداتها من خلال التعاملات البنكية فقط.
وقال سعيد حسن حامد، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات المعدنية، إنَّ عدد مصانع القطاع غير الرسمى العاملة فى تصنيع النحاس أكبر من عدد المصانع الرسمية.
وأضاف أن المصانع غير الرسمية تشهد نمواً كبيراً، مقارنة بالعاملة بشكل رسمى؛ لأنها لا تدفع ضرائب أو جمارك وغير ذلك من الالتزامات الرئيسية.
وقال راشد توكل، رئيس شركة توكل للصناعات المعدنية، إنَّ البعض يتحايل على قرار وزارة التجارة والصناعة بفرض رسم صادر على خردة النحاس، ما أسهم فى نقص المعروض بالسوق المحلى، حتى ارتفع سعره ليضاهى الأسعار العالمية.
وأضاف أن البعض يلجأ إلى تجميع خلاطات المياه وتصديرها كأنها منتج نهائى، الأمر الذى يسبب نقصاً فى المعروض من خردة النحاس بالسوق، خصوصاً أن مصر دولة غير منتجة له.
وأكد حسن مبروك، نائب المدير العام لمصانع يونيفرسال فى مصر، صعوبة تغيير بعض منتجات النحاس المستوردة التى تدخل فى صناعة بعض الأجهزة الكهربائية إلى أى خامات أخرى، لا سيما التى تستخدم فى البوتاجازات والسخانات.

وأضاف أنه يمكن استبدال بعض المواسير النحاسية بأخرى ألومنيوم، وذلك فى أجهزة تكييف الهواء والثلاجات، لكن لا يمكن تطبيق ذلك فى كل الأجهزة الكهربائية.
وقال محمد البريدى، ممثل شركة توشيبا العربى بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إنَّ أسعار الأسلاك المحلية فى مصر تماثل الأسعار العالمية، رغم أن الصُناع المحليين يعتمدون على خامات محلية.
وأضاف أن استخدامات الأسلاك الألومنيوم محدودة جداً، ولا يمكن أن تحل أخرى محلها؛ بسبب صعوبة لحام السلك الألومنيوم، ما تسبب فى فشل استخدام الأسلاك الألومنيوم فى بعض الأجهزة.
وقال محمود شكرى، رئيس مجلس إدارة شركة رويال بالاس للأجهزة الكهربائية، إنه يتم استيراد بعض القطع النحاسية التى تُستخدم فى تصنيع الأجهزة الكهربائية، خاصة أنها غير متوفرة محلياً بالمواصفات المطلوبة.
وأضاف أنه لتصنيع الثلاجات أو الفريزر، يستلزم توفير ماسورة عشرية يبلغ قطرها نحو 0.0028 ملى، وهو ما لا تستطيع المصانع المحلية توفيره، فيتم استيراد المواسير من كوريا أو إيطاليا.
وقال عاطف عبدالمنعم، رئيس مجلس إدارة شركة إيجيترافو، إنَّ المصانع المتخصصة فى صناعة الأسلاك الكهربائية النحاسية، تضطر لاستيراد الخامات من الخارج، إذ إن المعروض فى السوق المصرى لا يكفى المصانع.
وقال رفيق عباسى، رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية، إنَّ نسبة النحاس التى تدخل فى صناعات المشغولات الذهبية فى عيار 18 أوعيار 14، هى نسبة قليلة، خصوصاً أنه يستخدم معها معدن الفضة.

أما بالنسبة لصناعة النجف النحاسية، فقال مجدى عبدالله، رئيس شركة الإخلاص للنجف، إنَّ ثمة مغالاة شديدة فى سعر النحاس، خصوصاً عقب الزيادة الأخيرة فى أسعار المواد البترولية.
وأضاف أن سعر طن خردة النحاس تخطى 100 ألف جنيه خلال الأشهر الماضية، وهو سعر مبالغ فيه للغاية، ما أدى إلى تراجع المبيعات.
أوضح «عبدالله»، أن النجف الصينى ينافس المنتجات المحلية بشكل كبير، فى ظل اتجاه المصانع المحلية إلى التصنيع من خامات أرخص بعد تردى الأوضاع الاقتصادية للمستهلكين.
كتبت: مي خاطر