صعوبة الحصول على الخردة وغرامات البيئة تغلق معظم الورش
فتح الله: عرضنا أراضى «الصفا الصناعية» للبيع لضعف السيولة
عبدالعزيز: لا نزال نعمل بالطريقة الرملية بعيدا عن التكنولوجيا
موسى: نصنف ضمن المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ولا نجد أى دعم
قبل 25 عامًا، اشتهرت منطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية بورش صهر المعادن وتصنيع قطع الغيار من النحاس، والألومنيوم وبعض المنتجات المعدنية الأخرى.
لكن ارتفاع أسعار الخردة وصعوبة الحصول عليها بجانب المغالاة فى الغرامات من جانب وزارة البيئة دفع غالبية الورش، إلى إغلاق أبوابها.
ولم يطرأ على المسابك أى تطور يذكر خلال السنوات الماضية، خصوصا بعد فرض رسم صادر على خردة النحاس عام 2002، إذ إن بعض المسابك كانت تعيد تدوير النحاس وتوريده فى شكل سبائك إلى شركات متخصصة فى تصنيع منتجات نهائية ثم التصدير.
قال حسن عمارة، صاحب ورشة لسبك النحاس، إن ارتفاع أسعار خردة النحاس خلال السنوات الماضية أدى إلى عزوف عدد كبير من المستهلكين عن شراء المنتجات النحاسية المحلية، واستبدالها بالمنتج المستورد لانخفاض سعره.
وأضاف عمارة فى جولة لـ«البورصة»، بمنطقة المسابك فى شبرا الخيمة، أن الورشة تعتمد على خردة النحاس فى إعادة التدوير لتصنيع قطع غيار المعدات والآلات الهندسية مثل صواميل النحاس والتروس بجميع أحجامها.
ويمتلك عمارة، مسبكا على مساحة 100 متر بمنطقة شبرا الخيمة.
وبدأ المسبك، العمل فى إعادة تدوير خردة الألومنيوم، إلا أن تراجع الطلب عليها من قبل المستهلكين بسبب ظهور منتجات أخرى ومنها السيراميك والجرانيت، دفعه إلى التحول إلى صناعة المنتجات النحاسية.

أضاف أن الورشة كانت تعتمد على تجار الخردة فى توريد المادة الخام.. لكن ضعف الكمية المطلوبة أدى إلى توقف التجار عن التوريد، وهو ما دفع الورشة إلى الاعتماد على وكالات الخردة بمنطقة السبتية، والتى يرتفع سعرها عن التجار بحوالى 2000 جنيه فى الطن.
وقال سيد فتح الله، صاحب مسبك، إن أغلب المسابك فى منطقة شبرا الخيمة تم إنشاؤها قبل المبانى السكنية، ومع ذلك فإن المغالاة فى الغرامات من قبل وزارة البيئة لعدم مطابقة المسابك للمعايير البيئية «غير مبررة».
أضاف أن أصحاب المسابك طالبوا الإدارة المحلية التى تحرر المخالفات للمسابك، بتوفير منطقة صناعية بعيده عن الكتل السكنية حتى تستطيع العمل وفق المعاير البيئية.
وأوضح أنه تمت الاستجابة لمطالبهم بالفعل، وخصصت منطقة الصفا الصناعية لنقلهم إليها.. إلا أن نقص المرافق أعاق نقل المسابك.
وتابع: «أغلب أصحاب المسابك عرضوا الأراضى التى حصلوا عليها بمنطقة الصفا عام 2009 للبيع بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز وخام النحاس.. فالاستثمار فى المنطقة الصناعية يحتاج إلى رأسمال كبير، وهو ما لا يتوافر لأصحاب المسابك».
وأرجع انخفاض عدد المسابك العاملة فى صناعة النحاس إلى صعوبة الحصول على المادة الخام، بجانب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج مثل الكهرباء والغاز وأجرة العمال.
ورهن فتح الله، نهضة صناعة النحاس، بالتحكم فى سوق الخردة من خلال تشكيل لجنة تراقب عمل هذا القطاع لضمان توفير المادة الخام للمسابك بأسعار مخفضة بدلا من تركها للسوق الحر.
وتقع منطقة الصفا على مساحة 143 فداناً بمحافظة القليوبية، وخصصت المنطقة لنقل المسابك الملوثة للبيئة فى منطقة شبرا الخيمة، ومنحت المحافظة اصحاب المسابك الراغبين فى نقل مسابكهم، المتر المربع كامل المرافق بسعر 100 جنيه، على أن يسدد %10 كمقدم والباقى على7سنوات بفائدة %3.
وقال محمد عبدالعزيز صاحب مسبك، إن أغلب الورش تعمل بالطريقة الرملية فى حين تعتمد المسابك الجديدة على التكنولوجيا فى عملية التصنيع لتوفير التكاليف ومحاكاة المنتجات المستوردة.
وأضاف: «لماذا لا توفر الدولة تمويلات للمسابك بفائدة مخفضة حتى يتمكنوا من التوسع فى أنشطتهم؟»
واكد انه حال توافر التمويل، سيحدث تطوير للمسابك، وسيلتزم أصحابها بالاشتراطات التى تفرضها الدولة، ودفع الضرائب وتقنين الأوضاع.
وأشار إلى أن المسابك الحالية لاتزال تعمل بالطريقة التقليدية، إذ تقوم بتصنيع النموذج الذى سيتم الصب فيه، ثم تجهيز رمل المسبك لصهر المعدن وصبه فى النموذج لإنتاج الأشكال النهائية.
وقال حمادة الجمال، صاحب مسبك نحاس، إن مفتاح تطوير أى صناعة فى يد الحكومة، وكى نطور صناعة النحاس لابد من مساندة المسابك، سواء فيما يخص توفير تمويلات مالية، أو توفير الخامات.
وأضاف أنه تم تخصيص أرض له بمنطقة الصفا الصناعية منذ 2009، إلا أنه لم يتمكن من الانتقال إليها لضعف السيولة المالية.
كانت محافظة القليوبية وقعت بروتوكول تعاون مع هيئة التنمية الصناعية وغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات ووزارة البيئة عام 2007، لتنظيف هواء القاهرة ونقل المسابك من شبرا الخيمة إلى منطقة الصفا الصناعية.
وقال سمير موسي، صاحب مسبك، إن المسابك تصنف من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولا تجد أى دعم من الدولة، سواء بإتاحة قروض ميسرة بفوائد منخفضة لتطوير أنشطتها وتشغيل مزيد من العمالة، أو أى دعم آخر.
وأضاف أن من يمكن أن يرتفع الطلب على قطاع النحاس، لاعتماد عدد كبير من الصناعات عليه، مثل صناعة خطوط الإنتاج والآلات والمعدات الهندسية والكهربائية.
وذكر أن المسابك العاملة فى المنطقة متنوعة الأنشطة منها مخصص لإنتاج الألومنيوم والحديد، إلا أن الأغلبية لصالح النحاس.
وأشار إلى أن أبرز المشكلات التى تواجه عمل المسابك الفترة الحالية، هى صعوبة توفير المادة الخام المتمثلة فى خردة النحاس، بالإضافة إلى صعوبة تسويق المنتجات بسبب المنافسة الشرسة مع المنتجات المستوردة.