بالأمس القريب فاز المهندس إبراهيم العربى بمنصب رئيس اتحاد الغرف التجارية؛ ليحمل لقب «شهبندر تجار مصر المحروسة»، وهو منصب كبير لكيان اقتصادى كبير مثل الغرف التجارية المنتشرة فى كل محافظات مصر ويصل أعضاؤها لنحو 4 ملايين تاجر.. ولقد نجح العربى الصغير فى أن يستعيد منصب رئيس اتحاد الغرف التجارية، الذى سبق أن تولاه لسنوات طويلة والده الاقتصادى العصامى محمود العربى، وأيضاً استعاد العربى الصغير منصب رئيس الاتحاد لغرفة القاهرة بعدما استأثرت به غرفة الإسكندرية لعدة دورات متعاقبة منذ أن تولى رجل الأعمال خالد أبوإسماعيل رئاسة الاتحاد قبل ثورة يناير 2011 ثم رجل الأعمال أحمد الوكيل حتى أيام قليلة.
ويُحسب لأحمد الوكيل أنه فرض اسم اتحاد الغرف التجارية فى كثير من المناسبات وفى المنظمات.. كما كان للاتحاد موقف حاسم فى كثير من القضايا الاقتصادية.

ولكن مع انتهاء فترة الوكيل ماذا ينتظر التجار من إبراهيم العربى.. وهل سيسير العربى على نهج الوكيل؟ الإجابة: بالطبع لا، فهناك اختلاف بين الشخصيتين، فالوكيل رجل أعمال، أما العربى، فهو تاجر ابن تاجر، والده كان ومازال يتمتع بشعبية كبيرة بين أوساط التجار.. كان سهل الوصول إليه حال حدوث أى مشكلة لأى تاجر.. كان شبه متفرغ لمنصبه كرئيس لغرفة القاهرة أو اتحاد الغرف.. يحضر غالبية اجتماعات الشُعب النوعية، فكان على علم بمشاكل كل قطاعات التجارة، وهذه الخبرة يجب أن تكون متوفرة لدى إبراهيم العربى، فالمنصب الجديد له ثمن قد يكون على حساب منصبه كرئيس لمجموعة شركات العربى، ولكن شهبندر التجار يجب أن يكون موجوداً بين التجار.. ولا يجب أن يكرر تجربته فى غرفة القاهرة أن يفرض البعض فى إدارة شئونها.. فهذا الأمر غير مجدٍ ونتج عنه بعض الخلافات.
العربى مُطالب برؤية واضحة للنهوض بالتجارة الداخلية وفى التعامل مع كثير من القضايا المُلحة، مثل تحديث وتطوير أسواق الجملة بالمحافظات مع غزو السلاسل التجارية وأهمية أن يكون للغرف التجارية دور رئيسى وفعال فى إدارة وتحديث أسواق الجملة.. كيف سيتعامل مع توجه الدولة لتطوير بعض الأسواق، مثل سوق الخضار بالعتبة، وما حوله من مناطق تجارية كالموسكى وسوق غزة والباعة الجائلين.. العربى مُطالب أيضاً بتطوير أداء الغرف التجارية بالمحافظات لتتحول من مجرد مكاتب لاستخراج الشهادات والسجلات إلى كيان اقتصادى له دور فى تنشيط حركة التجارة والمشاركة فى الترويج للاستثمار فى المحافظات.. والأهم التعامل مع المستحدثات فى إنشاء بورصات سلعية واقتراح الحلول والتيسيرات لدمج الاقتصاد غير الرسمى فى منظومة الاقتصاد القومى..
لقد كان اتحاد الغرف التجارية مؤثراً فى طرح القضايا التى تهم الاقتصاد القومى من خلال مؤتمره السنوى، الذى كان أهم مؤتمر اقتصادى فى مصر، إذ كان يحضره رئيس الوزراء بنفسه ومعه وزراء المالية والتجارة والاقتصاد والاستثمار ورؤساء الهيئات، فكان حواراً مهماً وفعالاً بين الحكومة والتجار وتخرج عنه قرارات وسياسات مهمة.. بل كان اتحاد الغرف التجارية يدعو رؤساء منظمات الأعمال الأخرى مثل اتحاد الصناعات وجمعية رجال الأعمال وجمعيات المستثمرين بالعاشر و6 أكتوبر للقاء دورى بهدف التنسيق فيما بينهم بشأن القضايا الاقتصادية وفى توحيد موقفهم تجاه بعض السياسات الحكومية.. أين كان ذلك لم يعد موجوداً..
العربى الصغير مُطالب أيضاً بضبط وتحسين علاقة الغرف التجارية بالمحافظين، فالغرف التجارية ليست إدارة تابعة لمديرية التموين، بل كيان اقتصادى مستقل له دوره فى طرح وحل قضايا التجار مع المحليات وفى إدارة الأسواق التجارية وفى تقديم الرؤية للترويج للاستثمار وتوفير فرص عمل للشباب..
فالاقتصاد الحر يعطى سلطة أكبر ودور فعال لمنظمات الأعمال فى أن يكون لها صوت مسموع ومؤثر فى المشاركة فى صياغة وتخطيط السياسات الاقتصادية سواء على المستوى المحلى أو القومى.. ولكن هذا يتطلب وجود غرف تجارية لديها جهاز لإعداد الدراسات الاقتصادية وقاعدة بيانات عن أعضائها والأنشطة التجارية بالمحافظة.. وقد تكون هذه الدورة لمجالس إدارات الغرف بداية للتحديث والتطوير ومواكبة اتجاه الدولة نحو التحول الرقمى.
بقلم: حسين عبدربه
رئيس تحرير جريدة «البورصة»