رهن مستثمرون، التوجه نحو التصنيع المحلى بدلاً من الاستيراد، بتمويل المستوردين بفائدة مخفضة، وتفضيل المنتج المحلى فى العقود والمناقصات الحكومية، وتوجيه المصنّعين نحو الاستثمار فى المجالات المُثلى التى يحتاج السوق المحلى إلى تعميق التصنيع المحلي بها.
قال محمد سعد الدين، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، إن تحرير سعر الصرف الذى أدى بدوره إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد، كان الخطوة الأولى والأهم نحو تحول المستوردين نحو التصنيع محلياً، ومن ثم خفض حجم وقيمة الواردات.
وأضاف أن على الحكومة، التوسع فى إنشاء مناطق ومجمعات صناعية، وإعطاء المستوردين أراضى بأسعار مخفضة لتقليل التكاليف عليهم، وبالتالى تشجيعهم على التحول للتصنيع وتحقيق التكامل الصناعى بين القطاعات المختلفة، بجانب إتاحة الصناعات المغذية محلياً.
وأشار «سعد الدين»، إلى أهمية منح المستوردين المتحولين نحو التصنيع، قروضاً بفائدة %5 ضمن مبادرة البنك المركزى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وطالب «سعد الدين» الذى يشغل منصب نائب رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، بضرورة الرقابة على قانون تفضيل المنتج المحلى فى المناقصات والعقود الحكومية لتشجيع المستثمرين المحليين.
وقال إن إنشاء بوابة إلكترونية بهدف توفير جميع المعلومات عن المنتجات التى يمكن تصنيعها فى مصر، يعد أول خطوة نحو طريق النجاح فى التحول إلى التصنيع بدلاً من الاستيراد.
وتابع: «ستساهم تلك البوابة فى توجيه المُصنّعين الجدد نحو المنتجات الأمثل الأكثر طلباً فى السوق بدلاً من التدافع على تصنيع منتج واحد.. فالمستثمر كثيراً ما يفاجأ بوجود فائض فى المنتج الذى يصنعه، رغم وجود منتجات أخرى عليها طلب».
ولفت إلى أن وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، تعمل حالياً على إنشاء تلك البوابة بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية.

سعد الدين:
تفضيل المنتج المحلى يشجع المستوردين على التصنيع
وقال محمد خميس شعبان، رئيس جمعية مستثمرى 6 أكتوبر، إن الصناعة فى مصر ليست فى حاجة إلى مزيد من بناء مصانع لإنتاج سلع جديدة بقدر ما تحتاج إلى حل المشكلات الأزلية المتراكمة على العامل منها والمتعثر والمتوقف.
وأضاف أن التحول من الاستيراد للتصنيع ليس اختيارياً، بل أصبح إجبارياً؛ نتيجة زيادة الرسوم الجمركية على بعض مدخلات الإنتاج من قبل الدولة، وهو ما دفع الصناع إلى البحث عن بدائل أخرى، سواء من خلال تصنيعها أو الاعتماد على مورد محلى.
وأوضح أن التحديات التى تواجه المستثمرين أكبر من المميزات التى تمنحها الدولة والتى كان آخرها انخفاض سعر الفائدة.
وحصر «شعبان»، المعوقات التى تواجه المستثمرين فى المغالاة فى الضرائب وارتفاع أسعار الغاز والكهرباء.
وقال صبحى نصر، عضو جمعية مستثمرى بدر، إنَّ استبدال السلع المستوردة بالتصنيع المحلى، لا يحتاج إلى زيادة الجمارك لمنع استيرادها أو فرض حظر عليها، بل إلى خلق صناعة حقيقية، وبالتالى ارتفاع معدل النمو الصناعى، ونتحول للتصدير بدلاً من الاستيراد.
أضاف أن الصين تسمح لأى مصنع بالاستيراد والتصدير بحرية، ولا تقيده بأى شروط لتأكدها من أن جميع الدول لن تستطيع منافسة المنتج الصيني.
وأوضح أن الحكومة الصينية تدعم الصناعة بشكل كبير، سواء فيما يخص مستلزمات الإنتاج أو بعض المميزات الاستثمارية الأخرى، مثل منح المستثمرين الأراضى مجاناً وإعفائهم من الضرائب لفترات زمنية طويلة، بجانب إتاحة تمويلات بفائدة ميسرة لهم.
ورهن انخفاض معدل الواردات وزيادة الصادرات بمراجعة القرارات التى اتخذتها الحكومة مؤخراً، خصوصاً ما يتعلق بالضريبة العقارية على المصانع وأسعار الغاز والكهرباء.
وقال نادر عبدالهادى، عضو مجلس إدارة شعبة البلاستيك بغرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، إنه يمكن تصنيع بعض أجزاء ماكينات البلاستيك محلياً، بالإضافة إلى بعض الكيماويات المستخدمة، ضمن خطة تقليل واردات القطاع.
وأضاف أن الماكينات هى عصب قطاع البلاستيك، خصوصاً أنه يتم تغيير بعض أجزائها كل نحو عامين؛ لأنها تتكون من 3 أجزاء رئيسية تتمثل فى الفتيل والفرن والجيربوكس.
أكد أنه بتصنيع تلك المكونات محلياً لن تكون هناك مشكلة فى تصنيع باقى الماكينة، إذ لم يتبق سوى لوحة الكهرباء وبعض أنواع الحديد والاكسسوارات الأخرى، والتى يمكن توفيرها محلياً بسهولة.
وأشار عضو مجلس إدارة شعبة البلاستيك، إلى أن جودة المنتج النهائى من البلاستيك تتوقف على المكونات الثلاثة الرئيسية فى الماكينات.
وذكر أن القطاع يحتاج أيضاً إلى تصنيع بعض الكيماويات التى تضاف إلى البلاستيك، لتحسين جودته ومقاومة أشعة الشمس أو إضافة سمات معينة عليه.
تابع «عبدالهادى»: «التحدى أمام تصنيع تلك الإضافات، أنه لا يوجد مستثمرون يقدرون حجم الطلب عليها بالنسبة للقطاع، بالإضافة إلى عدم وجود بيانات دقيقة أمام الشركات تظهر حجم الواردات من تلك المكونات».
وقال إبراهيم غالى، رئيس شعبة المحاجر بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، إن استقبال السوق المحلى كمية كبيرة من واردات القطاع يعود إلى اشتراط بعض الاستشاريين بالمشروعات الكبرى، جلب رخام وجرانيت مستورد لاستخدامه فى تلك المشروعات.
وأضاف أنه على الحكومة أن تولى المنتجات المحلية الأولوية فى المشروعات القومية بدلاً من المستورد، فى ظل وجود طفرة فى صناعة الرخام المرحلة الماضية.
وذكر أن المنافسة مع منتجات الرخام والجرانيت محلياً وخارجياً، تتطلب تصنيع مستلزمات الإنتاج محلياً، ومنها الكيماويات وبعض الأحجار، وتمثل نحو %35 من التكلفة النهائية للمنتج.
وقال رفيق البحر، مدير قطاع المشتريات والمبيعات بشركة المستقبل للصناعات الدوائية، إن إنتاج المواد الخام للأدوية يتطلب استثمارات ضخمة، وهو ما يصعب تصنيعها محلياً، بجانب أنه إذا لم يتم تسويقها على نطاق واسع فى مناطق إقليمية متعددة فلن تغطى تكلفتها.
وأضاف أن مصانع المواد الخام الخاصة بالأدوية، تتطلب شهادات جودة متعددة ومعترف بها عالمياً، ووزارة الصحة لا تُصدر إلا شهادة واحدة، وهى غير كافية لمن أراد البيع على نطاق عالمى.
وأشار إلى أن مستثمرين صينيين، أنشأوا مصنعاً للمواد الخام فى تونس رغم أن سوقها محدود. ولكن الدافع كان غياب قوانين الملكية الفكرة فى تونس، مضيفاً: «أحياناً يكون غياب بعض القوانين محفزاً لاستثمارات كبيرة».

إبراهيم غالى:
المنافسة تتطلب توفير مستلزمات الإنتاج محليا
وقال علاء السبع، رئيس مجلس إدارة شركة السبع أوتوموتيف، إنَّ حركة تصنيع ومبيعات سوق السيارات فى مصر ضعيفة للغاية، ولا تشجع على إنشاء مصانع لإنتاج قطع الغيار فى ظل تكلفتها العالية التى قد تعود على المستثمر بالخسارة.
وأضاف أنه إذا انتعش السوق المصرى بما يتناسب مع التعداد السكانى الذى جاوز 100 مليون نسمة، ستتراوح مبيعات السيارات بين 500 و600 ألف سيارة سنوياً.
ويمكن فى هذه الحالة جذب استثمارات أجنبية فى تصنيع السيارات أو قطع غيارها.. أما إذا ظل السوق يعمل بأقل من طاقته الحقيقية، فمن الصعب الحديث عن التصنيع المحلى.
وأشار «السبع»، إلى أن المستثمر لا يمكنه الاعتماد على الأسواق التصديرية وحدها لإقامة مصنع، بل يُفضل ضمان أن تلقى منتجاته رواجاً داخل سوقها المحلى؛ نظراً إلى تقلبات الأسواق العالمية.
وتطرق إلى أن ضعف حركة مبيعات السيارات محلياً، سببه تراجع القوة الشرائية للمستهلكين، فتراجع بند السيارات فى مصروفات الأسر إلى المراتب الأخيرة، خصوصاً مع ضعف حركة البيع فى سوق المستعمل خلال المرحلة الماضية.
وقال سمير عارف، رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، إن الصناعة فى مصر لا تحتاج إلى حل سحرى حتى تتساوى بمثيلتها فى الدول المتقدمة، بل إلى تنظيم من قبل الأطراف التى تتشارك فيها وهى وزارتا الاستثمار، والتجارة والصناعة.
وأضاف أن المصانع التى تعمل فى أى قطاع لا تستمر طويلاً؛ بسبب بعض المشكلات التى تواجهها، وتتمثل فى زيادة الأعباء والمنافسة غير العادلة مع المنتجات المستوردة.
ولفت «عارف»، إلى أن أغلب المصانع تعمل بنصف طاقتها الإنتاجية؛ بسبب تراكم مديونياتها للبنوك، معتبراً أن إعادة إحيائها سيضع الاقتصاد المصرى فى مصاف الاقتصاديات الكبرى.
وطالب بتفعيل جميع القرارات التى تتخذها الدولة فى صالح المستثمر والمصنع، سواء من قبل وزارة الاستثمار أو التجارة والصناعة مثل قانون التراخيص الصناعية الذى لم يفعل حتى الآن بالشكل المطلوب.
وتضمن قانون التراخيص الصناعية، إتاحة إصدار الرخص الصناعية للصناعات منخفضة المخاطر خلال أسبوع، وهى تمثل نحو %80، أما الصناعات عالية المخاطر فخلال 20 يوماً وتمتد إلى شهر، بالإضافة إلى إصدار كل التراخيص من خلال جهة واحدة وهى هيئة التنمية الصناعية بدلاً من 13 جهة سابقاً.