على الرغم من دور البورصة المصرية كقناة تمويلية للشركات، فإنَّ أصابع الاتهام تشير إلى زيادات رؤوس الأموال، وتأثيرها السلبى على قيم التداول اليومى، وعلى جاذبية الشركات نفسها، بالإضافة إلى ابتعاد المتعاملين عن الأسهم المتعطشة للسيولة، وهو ما ظهر فى الاكتتابات التى تمت فى بعض الشركات، ولم تتم تغطيتها بالشكل المطلوب مثل «بالم هيلز»، و»المصريين فى الخارج»، و»دايس»، و»المصرية لنظم التعليم الحديثة».
يذكر أن نحو 21 شركة قامت بزيادة رؤوس أموالها فى عام 2018، بقيمة 28.8 مليار جنيه، مقابل 10.4 مليار جنيه زيادات رؤوس الأموال عام 2017، نفذتها 48 شركة، بزيادة أكثر من %100، وكانت زيادات رؤوس أموال التى تمت خلال عام 2016 قد بلغت نحو 5.476 مليار جنيه، نفذتها 47 شركة.
بينما بلغت قيمة زيادات رؤوس الأموال منذ بداية العام الحالى حتى سبتمبر 2019 نحو 7.5 مليار جنيه نفذتها 39 شركة، وأثرت زيادات رؤوس الأموال على قيم التداولات؛ حيث بلغت قيم التداولات 292.3 مليار جنيه بنهاية سبتمبر الماضى، بينما بلغت قيم التداولات 358.8 مليار جنيه فى 2018، مقابل 292 مليار جنيه فى 2017.
وقال محمد الحاج، محلل الاستراتيجية الكلية لقطاع البحوث فى المجموعة المالية «هيرميس»، إنَّ تأثير زيادات رؤوس الأموال النقدية على قيم التداول يتوقف على حالة الشركة، فإذا كانت الشركة ذات ملاءة مالية قوية ذات انطباع إيجابى لدى المساهمين، ولها خطة استراتيجية توسعية معلنة لاستثمار الزيادة فى رأس المال، فإنَّ الزيادة فى هذه الحالة إيجابية على أسهم الشركة، وتؤثر على قيم التداول على المدى القصير؛ بسبب سحب جزء من سيولة السوق.
وأوضح، أنه فى حالة ما إذا كانت الشركة تفتقد التوازن فى السيولة، وتريد زيادة رأس المال من أجل سد عجز السيولة لإعادة التوازن داخل الشركة دون خطة توسعية، فهو ما من شأنه أن يؤثر على انطباع الشركة لدى المتعامل سواء المتعامل بالفعل على أسهم الشركة أو المتعامل الجديد، ما يؤثر سلباً على أسهمها وعلى قيم التداولات فى السوق بوجه عام.

ويرى «الحاج»، أن توزيعات الأسهم المجانية ليس لها تأثير على قيم التداول بوجه عام، ولكنها تقوم بتشتيت السيولة الموجودة فى السوق.
أضاف «الحاج»، أن الزيادات فى رؤوس الأموال تؤثر على السيولة داخل السوق على المدى القصير حتى يتم الاستيعاب من قبل السوق، مشيراً إلى أن البورصة لها قدرة استيعابية لا نهائية على التمويل؛ لأن السيولة داخل السوق لا تعمد على السيولة المحلية فقط، ولكن أيضاً من الاستثمارات الأجنبية والعربية المتدفقة للسوق المصرى من الخارج؛ نظراً إلى الطلب المتزايد من المستثمرين العرب على السوق المصرى.
وقال محمد ماهر، رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية، إنَّ أبرز مهام البورصة توفير التمويل اللازم للشركات من خلال القيد، موضحاً أن السيولة فى السوق غير محدودة، والقدرة التمويلية للبورصة لا حدود لها.
وأضاف أن زيادات رؤوس الأموال النقدية من خلال الاكتتابات، ومدى نجاح تغطية الاكتتابات يتوقفان على أداء الشركة، والتسعير المناسب للسهم، بالإضافة إلى خطة عمل معلنة للشركة، لافتاً إلى أن هذا يؤثر إيجابياً على أسعار أسهمها.
وقال عونى عبدالعزيز، رئيس مجلس إدارة شركة وديان للسمسرة فى الأوراق المالية، إن زيادات رؤوس الأموال من قبل الشركات لتوفير تمويل لاستثماره فى مشروعات واضحة ومعلنة للشركة أمر إيجابى لوضع الشركة وأسهمها، أما فى حالة زيادة رأس المال لإعادة هيكلة الشركة أو تسديد ديون، فهو يؤثر سلباً على الشركة وعلى أسهمها، وينفر مستثمرى الشركة من الاكتتاب.
وأضاف أن السوق لا يتأثر بزيادة رأس المال بأسهم مجانية، لافتاً إلى أن التأثير الوحيد لتوزيعات الأسهم المجانية هو ذبذبة السيولة فى السوق، مُعزياً الإحجام عن الاكتتابات فى الأسهم النقدية لبعض الشركات إلى ضعف سيولة السوق، وعدم وضوح خطط الشركات.
وأوضح «عبدالعزيز»، أن الشروط اللازم توافرها فى الشركات لتغطية الاكتتابات الخاصة بها، تتمثل فى إعلان خطتها التوسعية، وإصدار نشرة من قبل الشركة بالمتوقع من التوزيعات بعد تنفيذ الخطة التوسعية للشركة كنوع من التحفيز لتشجيع الاكتتابات.
وقال عمرو الألفى، مدير قسم البحوث بشركة شعاع لتداول الأوراق المالية، إنَّ المزاج العام للبورصة حالياً غير مواتٍ لزيادات رؤوس الأموال، والذى ظهر جلياً الفترة الأخيرة، مؤكدًا أن البورصة تحتاج لضخ أموال جديدة من المستثمرين سواء مصريين أو أجانب، لزيادة قدرتها الاستيعابية على تمويل زيادات رؤوس الأموال.

وأوضح «الألفى»، أن شروط إنجاح تغطية زيادات رؤوس الأموال أن تكون ظروف السوق مواتية للطروحات لتجذب أكبر عدد من المستثمرين، وأن تكون بغرض التوسع فى حجم أعمال الشركات بدلاً من سداد ديون أو تمويل مصروفات تشغيلية أو عمومية، بالإضافة إلى ضرورة وجود شفافية وتوضيح استخدامات زيادات رؤوس الأموال، وتحديث قنوات صرف تلك الأموال دورياً حتى يتم استخدام كل الزيادة فى رأس المال كنوع من الشفافية المستمرة ومسئولية الشركات نحو أصحابها.
وأوضح «الألفى»، أن زيادات رؤوس الأموال أو الطروحات ليس بالضرورة أن تقلل سيولة السوق، فهناك مصادر أخرى للسيولة يمكن أن تعوض الانطباع السيئ الذى قد يعكسه سعر السهم وذلك عن طريق جذب نوع جديد من المستثمرين.
وأضاف الألفى، أن التوزيعات المجانية ليس لها تأثيرًا سلبيًا أو إيجابيًا على الأسهم، وبالتالى لا تخفض أو ترفع من قيمة الشركات، وإن كان تخفيض سعر السهم قد يساعد على دخول المزيد من المستثمرين الأفراد، والذى يؤدى بدوره إلى زيادة التذبذب.
وقالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، إن مستثمرى السوق المصرى يفضلون توزيع الأسهم المجانية؛ لأنه يحل مشكلة الشركة ويُشعر المستثمر أنه حصل على عائد.
وأوضحت السويفى، أنه لا يوجد فرق جوهرى بين توزيع الأسهم المجانية والتوزيع النقدى، خاصة أن إجمالى المكسب يكون واحد، لكنها تكون أفضل فى حالات ارتفاع أسعار الأسهم، وبالتالى تزيد قيمة الأسهم بزيادة عددها، لكنها فى النهاية تكون من طرق الاحتفاظ بالأرباح.