يظل إصلاح البنوك المتخصصة الثلاثة واحداً من أبرز الملفات على طاولة البنك المركزى، منذ بدء برنامج الإصلاح المصرفى فى 2004.
وفى السنوات الأربع الأولى، قطع بنك التنمية الصناعية شوطاً كبيراً فى معالجة تلك المشكلات، فى حين أن بنكى العقارى المصرى والزراعى المصرى فى حاجة إلى مزيد من الوقت.
ووفقاً للجدول الزمنى المعلن حينها، كان من المفترض تنفيذ برنامج شامل لإعادة الهيكلة المالية والإدارية للبنوك العامة المتخصصة خلال الفترة من 2009 إلى 2011، على أن تكون البداية بمراجعة شاملة لأوضاعها طبقاً لمعايير المحاسبة الدولية، وأدى تأخر تنفيذ الإصلاحات إلى تراكم الخسائر، وتفاقم المشكلات الهيكلية لدى هذه البنوك.
وقال عمرو جادالله، نائب رئيس البنك العقارى المصرى، إن البنك تحرك بجرأة نحو توسيع النشاط، وزيادة الدخل الناتج عنه، وضخ ما يزيد على 9 مليارات جنيه قروضاً خلال العامين الماضيين، لترتفع محفظته إلى 14 مليار جنيه بينها 9 مليارات جنيه لمؤسسات، مقابل 5.2 مليار جنيه فى سبتمبر 2017، وتضاعفت محفظة الودائع لتصل إلى 44.6 مليار جنيه، مقابل 24.2 مليار جنيه، وهو ما أدى لزيادة الحصة السوقية للبنك.
أضاف أن حجم الخسائر المرحلة كبير، ويحتاج البنك من 4 إلى 5 سنوات لتغطيتها بالكامل، عبر تسييل الأصول غير المستغلة والأرباح التشغيلية، ويتطلب أيضاً بعض المحفزات مثل زيادة رأس المال من المالك أو الحصول على وديعة مساندة من البنك المركزى، وهو ما يجرى دراسته حالياً.
أوضح أن البنك المركزى وضع 2 مليار جنيه كقاعدة رأسمالية افتراضية، لذلك فالبنك بحاجة للمزيد لكى يستطيع تحقيق مزيد من الأرباح.
وبلغت الخسائر التراكمية للبنك العقارى المصرى 11 مليار جنيه بنهاية العام المالى المنتهى فى يونيو 2017.
ونوه بأن البنك قضى على فجوة المخصصات بالكامل، وخفَّض الديون المتعثرة إلى 3.7 مليار جنيه مقابل 6.1 مليار جنيه.
وذكر أنه يجرى رفع كفاءة عدد من الأصول العقارية لزيادة قيمتها السوقية، بما ينعكس على الأرباح الرأسمالية، مشيراً إلى بيع أصول بقيمة مليار جنيه، مقابل 796 مليون جنيه قيمتها السوقية، ما نتج عنه أرباح بقيمة 231 مليون جنيه.
ولفت إلى أن البنك حقق أرباحاً قبل الضرائب تصل إلى 500 مليون جنيه خلال العامين الماضيين، وتصل بعد الضرائب إلى نحو 180 مليون جنيه، نتيجة النمو المتوازن فى الأصول ومرونة إدارة الميزانية، واقتناص الفرص.

“جادالله”: العقاري على الطريق الصحيح وبمساندة المركزي يغلق الخسائر في 2023
أضاف أنه بعد إعادة هيكلة البنك، ربما ستكون الخطوة التالية هى الاندماج مع أحد البنوك العامة المملوكة لوزارة المالية، إذ إن المقترح القديم الخاص بالدمج مع التعمير والإسكان يواجه اختلاف الجهات المالكة، أو طرح جزء منه فى البورصة، لكنه شدد على أن ذلك لن يتم قبل خلق كيان ناجح.
ويرى حمدى عزام، نائب رئيس بنك التنمية الصناعية، أن البنك قاب قوسين أو أدنى من غلق ملف الخسائر التراكمية بعد وصولها إلى 850 مليون جنيه تعادل %50 من قيمتها فى 2014، حيث سجلت 1.6 مليار جنيه، مشيراً إلى أن أرباح البنك التشغيلية التى ترتفع بصورة مستدامة نتيجة النهوض بحجم أنشطة البنك خلال العامين الماضيين، بجانب بيع مقر إدارى مملوك للبنك بشارع التسعين قاده إلى التخلص من هذه الخسائر.
أضاف أن التوافق مع متطلب قانون البنوك الجديد الخاص بزيادة رأس المال سيكون له عدة آليات، إما بزيادة رأس المال مباشرة، وإما عبر طرح حصة فى البورصة، وإما الاندماج مع أحد البنوك الأخرى، وجميعها مقترحات قابلة للتنفيذ.
ونوه بأن أصول البنك ارتفعت إلى 24.4 مليار جنيه، مقابل 6 مليارات جنيه بنهاية ديسمبر 2016، مشيراً إلى استهداف البنك النمو بحجم أعماله بنسب تتراوح ما بين 20 و%25 سنوياً خلال الفترة من 2019 وحتى 2023، ما يعنى تضاعف حجم البنك عن مستويات نهاية 2018، وذلك من خلال التوسع فى طرح منتجات جديدة وزيادة نشاط الإقراض، وكذلك زيادة شبكة فروعه إلى 50 فرعاً مقابل 18 حالياً.
وذكر أن الأرباح التشغيلية للبنك قبل الضرائب والمخصصات سجلت 435 مليون جنيه نهاية سبتمبر الماضى، مقابل 229 مليون جنيه بنهاية 2016، بدعم من التوسع فى زيادة القروض إلى 11.8 مليار جنيه، مقابل 9.8 مليار جنيه نهاية العام الماضى، و6 مليارات جنيه بنهاية 2016. وأشار إلى أن البنك عالج خللاً فى الهيكل التمويلى بعد تسجيل القروض للودائع نسبة تخطت %100 بنهاية 2016، حيث كان البنك يعتمد على مصادر تمويل أخرى بخلاف مدخرات العملاء، لكن الودائع تسجل حالياً 20.7 مليار جنيه.
أضاف أن البنك يخصص 600 مليون جنيه، لتطوير البنية التكنولوجية، وذلك بعد تحديث نظام البنك، ويسعى لتوسيع حصته السوقية عبر ضخ منتجات رقمية قادرة على جذب العملاء وتوسيع قاعدة المتعاملين مع البنك لتتخطى 135 ألف عميل، ويسعى البنك للوصول بهم إلى 200 ألف عميل، وذلك مقابل ألفى عميل فى 2011.
أوضح أن البنك يستغل جميع أصوله وفروعه عبر التمويل اللامركزى لتمويل الشرائح المستهدفة سواء التمويل العقارى الذى بلغت محفظته 1.1 مليار جنيه أو المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والتى سجلت 3.4 مليار جنيه تمثل %25 من محفظة الائتمان عبر 14 منتجاً بينها «البورصة السلعية» الذى ينفرد البنك بتقديمه، أو محفظة التجزئة من أجل التنمية والتى بلغت نحو 700 مليون جنيه وتشمل تمويل توصيل المياه والغاز الطبيعى.

“عزام”: إطفاء الخسائر المرحلة مسألة وقت.. وعدة خيارات للتوافق مع رأس المال الجديد للبنوك
وأشار إلى أن صافى دخل البنك من العائد سجل 502 مليون جنيه خلال 10 أشهر من 2019 مقابل 342 مليون جنيه سجلها خلال 12 شهراً من 2016.
وقالت مصادر فى البنك الزراعى، إن البنك يحتاج على الأقل من 3 إلى 4 سنوات قبل أن يغلق جميع خسائره المرحلة، ويسد فجوة المخصصات، حتى يصل إلى مرحلة يمكنه من خلالها البدء فى سداد ودائع البنك المركزى، وانعكاس كامل أرباحه على القاعدة الرأسمالية للبنك.
أضاف أن البنك، فى الوقت الحالى، ليس بحاجة لضخ رأسمال جديد، ويمكنه التوافق مع متطلبات رأسمال بقانون البنوك الجديد، مُستبعداً لجوء الدولة فى المستقبل لخصخصة البنك أو دمجه، مع إمكانية طرح حصة غير حاكمة فى البورصة ولكن أيضاً ليس خلال السنوات الأربع المقبلة.
وأرجع ذلك إلى أهمية البنك النابعة من اختلاف قاعدة عملائه التى تستهدف الدول ضمهم للقطاع البنكى، وكذلك نتيجة تمويله لقطاع يمثل أكثر من %13 من الناتج المحلى الإجمالى، وانتشاره فى القرى والمحافظات، وذلك على خلاف أى بنك آخر يمر بالظروف نفسها، مشيراً إلى أن الدولة رفضت بالفعل عروضاً كثيرة لشراء البنك من قبل بنوك متخصصة أوروبية وآسيوية.
لكن المصدر أشار إلى أنه رغم كل تلك الظروف فإن هناك عدة إنجازات بينها إصدار أول ميزانية مجمعة لأعمال البنك، وتسوية مديونيات 45 ألف عميل لتصل محفظة القروض المتعثرة إلى 3 مليارات جنيه، بجانب النمو بحجم القروض خلال العامين الماضيين نحو 9 مليارات جنيه لتتخطى 31 مليار جنيه والودائع بنحو 20 مليار جنيه لتصل إلى حوالى 60 مليار جنيه.
ونوه بأن البنك اتخذ خطوات واضحة نحو إعادة هيكلة الفروع ويعتزم تطوير 250 فرعاً سنوياً بتكلفة تصل إلى 3 مليارات جنيه بجانب تطوير البنية التكنولوجية.