يرى مسوقون عقاريون، أن وجود «مطور عام وطنى» يمثل فرصاً لمنافسة جديدة فى السوق العقارى، خاصة مع المزايا النسبية التى يحصل عليها مقابل باقى الشركات العاملة فى السوق.
وخلال الفترة الأخيرة، تمتعت المشروعات التى تطرحها الدولة بما يعرف بـ«الضمانة الحكومية»، وجذبت شريحة كبيرة من العملاء بشكل أثر على باقى المشروعات العقارية فى السوق.
وقال المسوقون، إنَّ المطور العام يعزز من خطط شركات التسويق العقارى عند طرح المشروعات، ويؤكد أن لها طبيعة خاصة، ولكن الواقع قد يختلف كثيراً لو كان هناك مطور ليس على دراية كاملة بطبيعة المنطقة، وتقسيم المشروعات، واحتياجات كل مشروع، والعوامل التى تميز مشروعاً عن الآخر.
وقال محمد عليش، نائب رئيس مجلس إدارة شركة «بى تو بى» للتسويق العقارى، إنَّ فكرة وجود مطور عام واحد لعدة مشروعات لها مميزاتها وعيوبها، وتؤثر بالطبع فى تناول هذه المشروعات من ناحية التسويق.
أضاف أن المميزات التى يضيفها المطور العام إلى أى مشروع هى وجود «ماستر بلان» واحدة يستطيع بها المطور العام أن يقسم المشروع الكبير إلى مشروعات أصغر متكاملة.
وتابع «عليش»، «هذا التقسيم يجعل المشروع مدينة متكاملة، وعلى سبيل المثال العاصمة الإدارية لها مطور عام واحد، لكن المشروعات المطروحة بها تقدم منتجات متشابهة، وبالتالى فكل مشروع ينافس المشروع المجاور له».
وقال إن غياب المطور العام القوى صاحب الخبرات قد يؤدى لتراجع هامش الربح للمشروعات التى تنفذها شركات التطوير العقارى.
أضاف أن مصر تفتقر إلى وجود مطور عام قوى فى غالبية المشروعات الكبيرة، وبالتالى لن يكون هناك تناغم واضح فى المشروعات، وسيحتاج كل مطور عقارى إلى تنفيذ بعض التغييرات؛ لتحسين منتجه حتى يستطيع المنافسة فى ظل تشابه المنتجات، وهو ما يزيد من الأسعار.
وعن تجربة مدينة المستقبل بالقاهرة الجديدة، أوضح «عليش»، أن شركة المستقبل للتنمية العمرانية، وهى المطور العام لـ«مستقبل سيتى» لم يكن لديها سابق خبرات بتنفيذ مشروعات على مساحات كبيرة، لكن ما ساعد على تجاوز نقص الخبرة هو أن هناك مطورين عقاريين أصحاب خبرات واسعة، استثمروا فى مشروعات داخل المدينة، وبالتالى ظهرت خطط تطوير كبيرة بمنتج مختلف يؤدى فى النهاية لظهور المشروع بشكل أفضل.
أشار إلى أن أى شركة تطوير عقارى كبيرة لا بد أن يكون لديها خطط للتحول إلى مطور عام بدعم حكومى ليتم التعاون فى إنهاء جميع التفاصيل الخاصة بالعمل من قرارات وزارية وتراخيص.

«عليش»: خبرة المنمى العام تزيد من فرص نجاح المشروعات.. وغياب الخطط المتكاملة عائق
وأضاف «عليش»، أن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة استحوذ على جزء كبير من مبيعات منطقة شرق القاهرة، لكنه يحتاج إلى وجود مطور عام خاص صاحب خبرات أو مطور حكومى قوى.
وقال على جابر، مدير تسويق شركة «نيوبلان للتطوير العقارى»، إنَّ اتجاه السوق العقارى، حالياً، لا يتحمل وجود مطور عقارى بنفس المفهوم القديم، خاصة أن البرامج الزمنية للتنفيذ، وإشراف ومتابعة الدولة ﻷعمال التنمية يتطلبان اشتراطات خاصة للمطور العام.
أضاف أن آليات السوق تغيرت خلال الفترة الحالية، والاستثمار بمفهوم تنمية المساحات الكبيرة لا يناسب إلا عدداً محدوداً من شركات التطوير العقارى الكبيرة، والتى تتمتع بملاءة مالية قوية تمكنها من تطوير تلك المساحات، وفقاً لبرامج زمنية محددة.
أوضح «جابر»، أن مزايا المطور العام هى تنمية مجتمع عمرانى بالمفهوم الشامل، وعلى مساحات تتجاوز 1000 فدان وتسهم تلك المشروعات فى جذب المزيد من العملاء، وسرعة تسويق المشروع، خاصة أن المطور لتلك اﻷراضى لديه سابقة أعمال فى مشروعات عقارية بجانب قوة الملاءة المالية لتمويل المشروع.
أشار إلى أن الميزة التنافسية لتلك النوعية من المشروعات فى «الضمانة الحكومية»، خاصة إن كانت الدولة مشاركة فيها.
وقال «جابر»، إنَّ بعض المشروعات العقارية ذات المساحات الكبيرة التى تطورها الدولة بنظام الشراكة مع القطاع الخاص تعد من آليات المطور العام والتى تتمتع بضمانة حكومية تسهم فى إنجاح تلك النوعية من المشروعات.
أضاف أن توسع الدولة فى المنافسة مع القطاع الخاص والاتجاه لتحويل شركاتها التابعة إلى «مطور عام» سيؤثران على أداء الشركات العقارية، إما من خلال زيادة المنافسة، وتشجيع كبار المطورين لتنمية مساحات أراضٍ أكبر فى المدن الجديدة بهدف رفع أعباء تكلفة المرافق والبنية التحتية عن الدولة، وإما سيؤثر سلباً على نتائج أعمال الشركات لجذب شريحة من العملاء المستهدفين، خاصة أن الدولة أصبحت تطرح نفس المنتجات العقارية التى ينفذها القطاع الخاص.
وقال محمد على، مدير تسويق بشركة «إيرا للتسويق العقارى»، إنَّ نجاح تجربة المطور العام يؤثر على عمليات التسويق العقارى، لكن فى شرائح محددة من العملاء، التى تبحث عن مستوى معين من الرفاهية والسكن فى مدن متكاملة.
أضاف أن شركة «سيتى إيدج» تطور مشروعات لشريحة معينة فى القطاع العقارى، وتتمتع بضمانات من الدولة، وهذا يكون مطلباً عند عدد من العملاء، لكن هناك عملاء آخرين يعتبرون أن المنتج الحكومى ليس بنفس جودة القطاع الخاص، بالإضافة إلى ارتفاع سعره.
وتابع «على»، «باعتبار سيتى إيدج مطوراً عاماً وطنياً فإنها ستحصل على أراضٍ بشكل شبه مجانى، وتكاليف تنفيذ أقل، وهو ما سيؤثر على الأسعار، مقارنة بالمشروعات الأخرى، وكذلك سيؤثر على هامش الربح الذى سيكون مرتفعاً للغاية بالنسبة للشركة وأقل كثيراً للمطور العقارى الخاص الذى سيدفع مبالغ كبيرة لشراء الأراضى».
وقال أندريا ميخائيل، رئيس مجلس إدارة شركة «ديماند للتطوير العقارى»، إنَّ تحول شركة «سيتى إيدج» إلى مطور عام سيؤثر سلباً على سوق العقارات.
أضاف أنه خلال الفترة الأخيرة، بدأ كثير من العملاء فى التوجه إلى «سيتى إيدج» باعتبارها واحدة من الشركات الحكومية وبها الكثير من الضمانات، وبالتالى كان ذلك يزيد فرص المنافسة السعرية بين الشركات.
وتابع «ميخائيل»، «بعد تحول الشركة إلى مطور عام سيؤثر ذلك على المنافسة السعرية؛ لأن تكلفة التنفيذ للشركات الحكومية ستكون بأسعار أقل خاصة فى قيمة الأرض والعمالة والإنشاءات وأنظمة التقسيط».
وطالب «ميخائيل» بأن يكون هناك مطور عام من شركات الاستثمار العقارى الخاصة، ويحصل على نفس المميزات التى تحصل عليها الشركة الحكومية لإحداث منافسة أكبر بين الشركات تصب جميعها فى مصلحة العميل لتقارب الأسعار حينها.

«ميخائيل»: تحول «سيتى إيدج» إلى مطور عام يرفع المنافسة السعرية بين الشركات
ويرى «ميخائيل»، أن «العاصمة الإدارية» سحبت البساط من تحت أقدام مدينة المستقبل، لكن المدينة ستشهد رواجاً فى حركة المبيعات خلال الفترة القادمة بحكم أنها الامتداد الطبيعى لأقرب نقطة تجمع عمرانى فى القاهرة الجديدة والشروق ومدينتى.
وقال تامر محفوظ، رئيس مجلس إدارة شركة «ريكاب لتطوير الأعمال والاستشارات العقارية»، إنَّ وجود المطور العام ضرورة مُلحة لحل المشاكل التى تواجه المستثمرين بالمدن الجديدة.
أضاف أن المطور العام نموذج منتشر وناجح فى دول الخليج، يقوم على حصول المطور على الأراضى، وتنفيذ الخدمات، والبنية التحتية والمرافق وطرحها مرة أخرى لشركات التطوير العقارى.
أوضح «محفوظ»، أن الهدف الرئيسى من تطبيق منظومة المطور العام فى مصر هو خروج القطاع الحكومى من المنافسة فى مجال العقارات، فالمطور العام سيكون هو المسئول عن إدخال المرافق وتقسيم وتوزيع الأراضى مرة أخرى على باقى المطورين العقاريين.
أشار إلى أن نجاح المطور العام فى مصر مرهون بوضع منظومة متكاملة من البداية؛ لضمان تحقيق الهدف النهائى، وهو الإبقاء على سوق عقارى تنافسى دون احتكار لأى مرحلة من مراحل التنمية.
وقسَّم «محفوظ» هذه المنظومة إلى 3 مراحل؛ تشمل المرحلة اﻷولى منها تخصيص الأراضى من هيئة المجتمعات العمرانية على مستوى مدن الجيل الرابع مع وضع تصميم مبدئى للأرض وخدماتها والفئة المستهدفة.
وقال إن المرحلة الثانية تتضمن اختيار المطور العام من خلال ضوابط قانونية شاملة تضمن وجود سوابق عقارية ناجحة فى مصر واشتراط مستوى عالٍ من المرافق مع مدد زمنية معلنة ومتفق عليها لكل الخطوات.
أضاف أن المرحلة الثالثة واﻷخيرة؛ إعادة التخصيص والبيع للمطورين العقاريين، ويجب أن يتم تحديد معايير اختيار المطورين؛ لضمان النجاح والمنافسة.
وطالب «محفوظ» بتشكيل كيانات عقارية جديدة بين كبار المطورين للقيام بفكرة المطور العام، والاستعانة بالشركات التى تمتلك سابقة أعمال وخبرات متنوعة فى مجال المرافق والتصميم والتنفيذ؛ بهدف إقامة شراكات للاستفادة من تلك الخبرات فى تطوير مناطق جديدة.