ستظل مشكلة الاقتصاد المصرى، أنه لا يوجد استراتيجية واضحة فى التعامل مع مكونات الاقتصاد المصرى.. بل ولا توجد أولويات.. فلا تستطيع أن تحدد رؤية واضحة وملموسة للحكومة فى التعامل مع مشكلة اقتصادية.. وحديث الحكومة مقتصر طوال الوقت على إجراءات لإصلاح الاقتصاد دون تحديد برنامج واضح للإصلاح الاقتصادى له رؤية ومحاور وله أهداف وتوقيتات، وإذا كانت الحكومة طوال الوقت تتحدث عن نجاح إجراءاتها لإصلاح الاقتصاد.. فما جدوى هذه الإصلاحات إذا لم يكن لها مردود على الاقتصاد نفسه.. فأى إصلاحات تستهدف الاقتصاد دون أن يكون مجملها وهدفها زيادة أرقام الصادرات فهى حبر على ورق.. فأرقام الصادرات تستطيع أن تحدد حجم الاقتصاد.. فالصادرات هى المستهدف وهى محور نمو أى اقتصاد.
الصادرات تعنى، أن هناك إنتاج واستثمار ولكن الواضح لدينا أن الحكومة لا تشغل بالها بالصادرات وبتنفذ مخططها بمضاعفة الصادرات والوصول إلى 55 مليار دولار فى 2023 أى خلال 3 سنوات.. فالحكومة وأجهزتها لم تفعل حتى الآن ما هو مطلوب منها لتحقيق هذا المخطط.. فهل يعقل ألا يتم تنفيذ برنامج رد الأعباء للمصدرين وهو برنامج تم الاتفاق عليه مع رئيس الحكومة فى مارس الماضى وحتى الآن لم يتم تفعيله.. فهل الحكومة عاجزة عن تدبير هذه المبالغ للمصدرين وتريد منهم أن يضاعفوا صادراتهم لماذا تنعنت بعض الوزارات فى عدم تنفيذ هذا البرنامج.. وتحديداً وزارة المالية التى وعدت ببرنامج زمنى لرد هذه الأعباء ولم تلتزم به ونحن على مشارف أعداد موازنة جديدة لعام مالى جديد.. وإذا كان رئيس الحكومة نفسه تعهد بتنفيذ البرنامج ولم ينفذ.. فماذا بعد ذلك، هل المطلوب أن ينفرد المصدرين بتنفيذ استراتيجية تنمية الصادرات وفى هذه الحالة ما جدوى وجود وزارة للتجارة وهيئة لتنمية الصادرات وصندوق لدعم الصادرات وجهاز تمثيل تجارى.. الأمر بات مخجل بالفعل أن نظل نتحدث عن أهمية التصدير وأنه قضية أمن قومى وأن التصدير حياة أو موت ثم تكون النتيجة لا شىء.. هل انشغلت الحكومة بتحليل أسباب عدم زيادة الصادرات بعد تحرير سعر الصرف.. الأرقام صادمة يا سادة وإذا كانت القيادة السياسية تركز على تنفيذ مشروعات البنية التحتية والموانئ والإنفاق، فلابد أن تستغل الحكومة ذلك فى الانطلاق الاقتصادى بالاستفادة من هذه المشروعات فى خدمة الاستثمار والتصدير.. وإلا فما جدوى تنفيذ الموانئ والطرق والانفاق إذا لم تكن تخدم الاستثمار والتصدير وأقرب مثال على عدم اهتمام الحكومة بدعم وتحفيز التصدير ما حدث منذ أيام عندما أهملت الحكومة ووزارة التجارة وكياناتها فى تدبير مخصصات دعم الاشتراك فى المعارض الخارجية وأصبحت المعارض الألمانية فى قطاع المنسوجات لولا صدفة التغيير الوزارى فكان أول قرار لوزير التجارة تدبير مخصصات لعدد من المعارض.. أى الصدفة وحدها هى التى خدمت المصدرين.. فهل ننتظر الصدفة لتحقيق استراتيجية تنمية الصادرات وهل ننتظر الصدفة أو وقوع كارثة لتنفيذ برنامج رد أعباء المصدرين أو تدخل رئاسى؟.. هل هذا الأمر لا يزعج وزيرة التجارة والقيادات والكيانات المسئولة عن الصادرات بالوزارة.
يا سادة التصدير بالفعل حياة أو موت وقضية أمن قومى وتحقيق كل ما هو مستهدف من نمو للاقتصاد والتشغيل وأى تنمية ورفع مستوى معيشة المواطن كل ذلك مرهون بزيادة الصادرات.. هل يعقل أن دولة مثل مصر لديها كل هذه الإمكانات والمقومات والثروات وتصدر بـ28 مليار دولار، ثم نقول إننا نجحنا فى الإصلاح الاقتصادى ثم نكتشف أنه مجرد إجراءات وليس برنامج إصلاح حقيقى.. فالحكومة التى لا يكون ناتج عملها تحقيق أرقام استثمار أجنبى وأرقام تصدير هى حكومة فاشلة لا محالة.. يا حضرات لابد أن تكون هناك مستهدف يتم تحقيقه كل عام ويتم محاسبة كل وزارة عليه ولننظر إلى تجربة المغرب وغيرها من دول إفريقيا وليس دول أخرى.. لنبدأ العام الجديد والحكومة الجديدة بمنهج عمل مختلف قائم على تحقيق نتائج وإحراز أهداف بدلاً من أن نستمر فى لعبة الكراسى الموسيقى دون جدوى.
بقلم: حسين عبدربه
رئيس تحرير جريدة البورصة
hussain@alborsanews.com