بعد دقائق من توقيع الولايات المتحدة والصين على وثيقة مكونة من 86 صفحة لإعلان الهدنة التجارية بينهما، سارع الدبلوماسيون البرازيليون إلى تحليل الاتفاق والإجابة على سؤال مهم، وهو: هل انتهت الأوقات الجيدة؟
منذ بداية النزاع التجارى بين واشنطن وبكين، شهدت الدولة الأمريكية اللاتينية تزايد طلب بكين على المنتجات الزراعية، خاصة فول الصويا، الذى يستخدم لتسمين الماشية الصينية.
وآثار تعهد الصين، المستورد المهيمن للبذور الزيتية، بشراء 200 مليار دولار من السلع والخدمات الأمريكية خلال العامين المقبلين- واحد من امتيازات عديدة ممنوحة لواشنطن فى المرحلة اﻷولى من اتفاقها التجارى- مخاوف متعلقة بإمكانية انهيار الطلب على المنتجات البرازيلية، حيث يتوقع بعض المحللين وصول الصادرات إلى 10 مليارات دولار وزيادة المخزونات بمقدار 4 أضعاف.
وقال بيدرو ديجنيكا، الشريك فى شركة “إم.دي كوموديتيز”، إن صادرات البرازيل سوف تتأثر إذا نُفذت هذه البنود المدرجة فى الصفقة بالفعل، مشيراً إلى أن النصف الثانى من عام 2020 قد يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للبرازيل.
وأوضح ديجنيكا، أنه إذا التزمت واشنطن وبكين بالصفقة وفى ظل احتمالية شراء الصين كميات كبيرة من فول الصويا اﻷمريكى، قد تكون البرازيل هى الدولة الخاسرة خاصة مع احتمالية وجود أكثر من 10 ملايين طن مترى من فول الصويا قبل نهاية العام.
وأشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إلى أن ماركوس كاسارين، كبير الاقتصاديين المعنيين بشئون أمريكا اللاتينية فى “أكسفورد إيكونوميكس”، ردد الرأي نفسه، حيث قال إن ارتفاع صادرات البرازيل إلى الصين إلى ما قيمته 10 مليارات دولار فى العام الماضى قد يقع تحت التهديد.

وأضاف كاسارين: “بافتراض أن الصين ستخفض وارداتها من البرازيل بقيمة 10 مليارات دولار- وهو ما قد يكون أسوأ سيناريو- فإننا قد نشهد صدمة سلبية بنسبة 4% على إجمالى الصادرات البرازيلية”.
وتعتبر العلاقة التجارية بين البرازيل والصين واحدة من أهم العلاقات فى العالم، فالصين تعد أكبر شريك تجارى بالنسبة للبرازيل، خاصة أنها تعتمد على البلد الواقع فى أمريكا اللاتينية فيما يتعلق بالسلع الزراعية وخام الحديد والبترول الخام من أجل دعم اقتصادها، ورغم مخاوف المحللين.
فقد قال فلافيو بيتاريلو، من وزارة الزراعة البرازيلية: “لايزال يتعين علينا اﻷخذ فى الاعتبار أن التأثير على المنتجات الرئيسية التى تصدرها البرازيل لا يعتمد على حجم الواردات الصينية فقط، بل أيضاً على قدرة الولايات المتحدة على دعم سلسلة التوريد بفعالية”، وأشار إلى أن البرازيل ربما تستحوذ فى النهاية على أسواق ثالثة لن تصل إليها المنتجات اﻷمريكية المعاد توجيهها إلى الصين.
واتفق ويلبر بارال، وزير التجارة الخارجية السابق، مع هذا الرأى، قائلاً إن البرازيل سوف تبيع منتجاتها الآن إلى وجهات أخرى، ولكن بسعر أقل قليلاً، مشيراً إلى أن الإنتاج لن يتغير على الإطلاق، فقد صدرت البرازيل فى العام الماضى بسعر أعلى، بينما صدرت الولايات المتحدة إلى وجهات أخرى تعانى من من صعوبات لوجستية وبسعر أقل.
وبلغت صادرات فول الصويا إلى الصين 83% من إجمالى صادرات فول الصويا البرازيلية فى عام 2018، بارتفاع من 74% فى عام 2016، وعلى النقيض من ذلك، استحوذت إسبانيا وتايلاند، وتعتبران ثانى وثالث أكبر مشترى لفول الصويا البرازيلى على التوالى، على ما يقل عن 3% لكل منهما.
ومن المتوقع أن تتفوق البرازيل فى الأشهر المقبلة على الولايات المتحدة كأكبر منتج لفول الصويا فى العالم، بفضل تأثير الظروف الجوية القاسية والحرب التجارية على الزراعة الأمريكية، كما أنه يتوقع ارتفاع محصول فويا الصويا البرازيلى إلى 120 مليون طن، بارتفاع عن ما يقل عن 100 مليون طن فى عام 2015.