المعاملات المالية عبر المحمول الطريقة المثلى لتصدى أفريقيا لوباء “كورونا”


“توجو” تحول 30% من الحد الأدنى للأجور للعمالة غير الرسمية عبر تطبيق إلكترونى

مهما كانت فعالية النهج الذى يتبعه العالم المتقدم لحماية الصحة العامة والتصدى لانتشار جائحة “كورونا”، فإنه بكل بساطة لن يجدى نفعاً فى أفريقيا بدون حماية اجتماعية.

ففى ظل معاناة العديد من الأسر منخفضة الدخل والعمال غير الرسميين وتعرضهم للخطر، فإن إجبار الناس على البقاء فى المنزل لن يؤدى إلا إلى فقر مؤكد، ومع ذلك، فإن الحكومات تحاول بذل جهد إضافى للتأكد من عدم حدوث ذلك.

وقال رئيس جمهورية “توجو”، “فور إيسوزيما غناسينغبى”، فى مقال نشرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إن الأمراض الفتاكة، مثل “الإيبولا” أو “زيكا”، ليست أمراً غريباً بالنسبة للقارة السمراء، ولكن التعذر عن فهم طبيعة فيروس “كورونا” تضعف أى ادعاءات تشيد بالتقدم فى تحسين الأنظمة الصحية بالقارة.

وأكد أن الاستثمارات اللازمة لزيادة القدرة والوعى تجاه انتشار الفيروس كانت بطيئة، لذا فهناك حاجة لتقديم المزيد للتمكن من التصدى لانتشار الفيروس.

وأضاف أنه فى حال ارتفاع عدد حالات الإصابة بـ”كوفيد-19″ بشكل كبير كما هو الحال فى أى مكان آخر، فإن مستوى الضغط على أنظمة تقديم الرعاية الصحية سيرتفع، وكذلك فى المشارح والمقابر المكتظة فى العديد من الدول، لذا لا يمكن التقاعس تجاه هذه الأزمة.

وتتخذ الدول الأفريقية بالفعل تدابير عاجلة وضرورية لوقف انتشار الإصابة بهذا الفيروس المميت، كما أن الحكومات بحاجة الآن إلى فرض تباعد جسدى وزيادة استجابة الصحة العامة وتشديد قيود السفر داخل دول القارة.

ولكن فى الوقت نفسه، يجب على الحكومات أيضاً إطلاق البرامج الاجتماعية بسرعة لحماية الملايين من المواطين.

فهناك ما يقرب من 85% من العمال الأفارقة يعملون فى القطاع غير الرسمى، وكثير منهم يعيشون فى حدود الإمكانيات المادية الكافية ليوم واحد فقط، وبالتالى فإن تقييد حركة هؤلاء الأفراد قد يؤدى إلى عدم تمكنهم من توفير الأموال اللازمة للطعام.

ويمكن أن تتمثل الطريقة الأكثر فعالية التى يمكن للحكومات إتباعها لمساعدة هؤلاء العمال فى التحويلات النقدية.

ولهذا السبب، كجزء من استجابة حكومة “توجو” للتصدى لانتشار “كورونا”، يتم إنشاء مخطط شبكة أمان اجتماعى يطلق عليه اسم “Novissi”، وهو ما يعنى التضامن ولكن باللهجة المحلية، حيث يستهدف هذا المخطط تحويل نقدى غير مشروط مصمم لدعم جميع العمال التوجوليين غير الرسميين ممن تعطلت دخولهم بسبب انتشار الفيروس.

ومنذ الأسبوع الماضى، بدأ المواطنون فى الاشتراك بهذا المخطط باستخدام هواتفهم المحمولة، فهذا المخطط سيوفر للعمال غير الرسميين، ممن يبلغون من العمر 18 عاماً أو أكثر، وممن تأثرت عائداتهم من الأزمة والذين يمكنهم إثبات هويتهم ببطاقة تصويت سارية، إمكانية الحصول على منحة حكومية تبلغ 30% على الأقل من الحد الأدنى للأجور.

وتستهدف هذه الخطة مساعدة المستفيدين على دفع ثمن احتياجاتهم اليومية الأساسية، مثل الغذاء والمرافق الصحية والاتصالات، مع العلم أن حكومة “توجو” تنازلت بالفعل عن رسوم المياه والكهرباء لصالح أكثر الفئات ضعفاً، مما يساعد فى التخفيف من الآثار الاقتصادية للامتثال للتدابير الموضوعة للسيطرة على الوباء.

ومن المؤكد أن النساء سوف تتلقى أعلى عوائد ممكنة، خاصة أنهن يشاركن بشكل مباشر فى رعاية الأسرة بأكملها، كما أن المستفيدين سوف يتمكنون من الحصول على الدفعات من خلال تحويلها مباشرة إلى حساب المعاملات المالية عبر الهاتف المحمول الخاص بهم، وبالتالى يمكن إتمام المهمة سريعا والحد من خطر الاحتيال وينهى عملية الاتصال المباشر بالنقدية، التى يخشى الكثيرون أنها قد تساعد فى انتشار الفيروس.

وذكر “غناسينغبى” أن الناس ليسوا بحاجة للاختيار بين الموت عن طريق “كورونا” أو الجوع، لذا يمكن للقادة الأفارقة الآخرين استخدام خطط تحويل نقدى مماثلة عبر الهاتف المحمول، خاصة أن هذه التقنية تتميز بقدرة التسجيل السريع وإمكانية تحويل الأموال بشكل سريع، كما أن النظام يتسم بالشفافية وسهولة المراجعة الحسابية.

ومع ذلك، ستكون هذه المبادرة مهمة غير مسبوقة بالنسبة للعديد من الدول الأفريقية، حتى توجو، كما أن الآثار المترتبة من تفشى الفيروس على التجارة العالمية، بجانب الضغط المالى من جهود الاستجابة للتصدى له، تدل على أنه لا يمكن لدولة تنفيذ هذه المبادرة وحدها.

ويمكن للدعم المقدم من الجهات المانحة الدولية وشركاء التنمية والجهات الخيرية والأصدقاء المقربيين للقارة السمراء إحداث فرق كبير بشكل حاسم الآن أكثر من أى وقت مضى.

والهدف من ذلك هو الحد من فقدان كافة أشكال التقدم التى حققتها دول القارة فى الحد من الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة.

وتحقيقا لهذه الغاية، قامت الحكومة فى “توجو” بإنشاء صندوق للتضامن الوطنى والانتعاش الاقتصادى للمساعدة فى تجميع الأموال اللازمة لتحقيق النجاح.

ومع ذلك، فإن النصر فى الحرب التى شنها العالم ضد “كورونا” لن يتم الحكم عليه فى نهاية المطاف من خلال القدرة على إنقاذ الأرواح فقط، بل أيضاً من خلال قدرة الحكومات على منع ملايين الأشخاص من الوقوع مرة أخرى فى براثن الفقر المدقع، فالأمر أكثر من مجرد قضية صحية، فهى أيضا مسألة أمنية، نظرا للمخاطر المرتبطة بالإرهاب فى غرب أفريقيا.

واختتم “غناسينغبى” مقاله، قائلا: “إنها معركة العمر وأنا واثق من إمكانية الفوز إذا حاربنا سويا”.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: أفريقيا

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://alborsanews.com/2020/04/16/1321124