“لا تضع البيض كله في سلة واحدة”.. هذه أبرز مقولة يرددها المتعاملون فى قطاع البورصة، عند أخذهم قرارًا بتكوين محفظة استثمارية، لتقليل معدل المخاطر، وحث المستثمرين على تنويع استثماراتهم حتي لا يتعرضوا لصدمات تؤدي إلى توقف النشاط نتيجة تقلبات السوق.
ويؤكد عدد من محللي الاقتصاد الكلي فى بنوك استثمار محلية، أن التنويع لن يمنع المخاطر نهائيًا.. بل يساهم فى الحد منها بأقل نسبة ممكنة.
وتعتبر هذه أبرز مزايا التنويع، وبالتالي يضمن المستثمر استمرارية عمل باقي القطاعات.
قالت الدكتورة منى بدير، محلل الاقتصاد الكلى فى شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، إن أهم النصائح التي تقدم للمستثمرين فى بداية تكوين محفظة استثمارية، سواء فى قطاع البورصة أو قطاعات أخرى، هي تنويع الاستثمارات، وعدم التركيز على نشاط واحد، حال امتلاك المستثمر قدرة مالية كبيرة.
أضافت لـ “البورصة”، أن جائحة “كورونا” تسببت فى حالة ركود لعدد كبير من القطاعات الصناعية والخدمية، منها قطاع مواد البناء و الصناعات النسيجية بما فيها الملابس الجاهزة.
وعلى العكس، ساهمت الجائحة فى صعود قطاعات أخرى، منها صناعة الأدوية والصناعات الغذائية والتعليم، والاتصالات.
وأوضحت أن المحافظ الاستثمارية المتضمنة أحد الأنشطة الدفاعية التي لم تتأثر من أزمة كورونا، هى أكثر توازنًا من المحافظ الأحادية ذات النشاط الواحد مثل القطاع العقاري الذي تأثر بشكل كبير من الأزمة.
وأشارت بدير، إلى أن القطاع العقاري من أبطأ القطاعات الاستثمارية فى الفترة الحالية، بسبب تراجع القوة الشرائية لإعادة ترتيب أولويات المشترين والاكتفاء بشراء السلع الضرورية فقط.

بدير: التنويع يضمن السيولة.. وأنصح بالقطاعات الاستهلاكية
ودعت رجال الأعمال والمستثمرين، لتنويع أنشطتهم الاستثمارية لما لها من مزايا كثيرة، حال استمرار أزمة كورونا لفترة طويلة، ناصحة بالدخول فى أي من القطاعات الاستهلاكية مثل الصناعات الغذائية، والدوائية، نظرًا للكثافة السكانية التي يتميز بها السوق المصري عن غيره من الأسواق، وهذه الكثافة السكانية، تعد المحرك الرئيسي للسوق.
وأوضحت أن الربع الثالث من العام الحالي، سيشهد حالة من التباطؤ بسبب التداعيات السلبية الناتجة عن الأزمة. لذلك فإن اقتناص فرص استثمارية ذات جدوى اقتصادية مرتفعة، سيعظم العوائد المالية، ويحافظ على ثبات الشركة لحين انفراج الأزمة.
واعتبرت بدير، أن أبرز المشكلات التي لاتزال تواجه الصناعة المصرية فى الفترة الحالية هي ارتفاع أسعار الطاقة، وارتفاع أسعار الفائدة.
ومنحهم المصنعين مزيداً من الدعم خلال الفترة المقبلة، سينعكس بالإيجاب على القطاع التصديري الذي يعتبر أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة، ويعزز من تنافسية الشركات محليًا وخارجيًا.
وقال محمد مجدى، محلل قطاع الصناعات بشركة “بلتون”، إن أغلب المستثمرين فى القطاع الصناعي يركزون على نشاط واحد، لينفردوا بشريحة استهلاكية كبيرة من السوق.. وهذا توجه غير صحيح نظرا لارتفاع معدل المخاطرة.
أضاف أن العوائد المالية من قطاعين أو ثلاثة قطاعات على المدى الطويل، أعلي من القطاع الواحد.. وبالنظر إلى القطاع العقاري حاليًا نرى أنه فى حالة ركود شديدة بسبب الأزمة القائمة.
وحال عدم وجود بدائل أخرى أمام تلك الشركات، ستلجأ إلى حلول صعبة للحصول على تدفقات مالية، منها التخلص من بعض الأصول.
وتابع: “الدولة عليها دور كبير فى توعية المستثمرين ورجال الأعمال من خلال حثهم على الاستثمار فى أنشطة متنوعه، عن طريق منحهم حوافز استثنائية فى قانون الاستثمار مثل الإعفاءات الضريبية”.
ولفت مجدي، إلى أنه رغم المحفزات التي منحتها الدولة للقطاع الصناعي منذ بداية جائحة كورونا ومنها خفض أسعار الغاز، واسقاط المديونيات على الشركات المتعثرة مقابل سداد جزء من الدين، إلا ان بعض القرارات التي تصدرها الدولة تؤدي إلى تباطؤ حركة بعض الصناعات.
وأوضح أن وزارة التنمية المحلية أصدرت قرارا بوقف إصدار تراخيص أعمال البناء فى القاهرة والاسكندرية، وهو ما أدى إلى توقف جميع الصناعات القائمة عليها مثل قطاع مواد البناء وأبرزها صناعة الأسمنت.
ولفت إلى ان شركات الأسمنت، كانت تعتمد على الربع الثاني لتعويض الخسائر التي تكبدها القطاع فى الربع الأول.. إلا أن ذلك سيزيد حدة الأعباء عليها.
وتوقع محلل بلتون، أن قرار وقف إصدار تراخيص أعمال البناء، سيؤدي إلى خروج عدد من شركات الأسمنت من السوق، أو تنفيذ استحواذات من شركات أكبر، لتقليل عدد الشركات التي تعمل بقطاع الأسمنت من أجل تقليل المنافسة في الأسعار.
وقالت حنان رمسيس، خبيرة الاقتصاد الكلي، إن تنويع الأنشطة الاستثمارية بمثابة طوق النجاة لأى استثمارات سواء فى قطاع البورصة أو القطاعات الصناعية والخدمية. وينبغي أن يعمل جميع المستثمرين بهذا الآلية لتقليل معدل المخاطر على قطاع واحد.
أضافت أن القوائم المالية للشركات المدرجة فى البورصة، فى عدد من القطاعات، سجلت تراجعًا ملحوظًا فى مقدمتها القطاع العقاري والصناعات القائمة عليها مثل الحديد والأسمنت وعودته للعمل مرة أخرى يتطلب فترة زمنية طويلة.

رمسيس: المستثمر يحتاج ملاذًا آمنًا فى فترات الانخفاضات والتقلبات
وردًا على سؤال “البورصة” حول القطاعات الأكثر جذبًا للاستثمار خلال منذ بداية 2020، أوضحت أن قطاع الأغذية والمشروبات من خطوط الدفاع الأول التي جذبت عددا كبيرا من المستثمرين خلال الفترة الماضية، إما بالشراكة مع مستثمرين عرب أو عمل مشروع باستثمارات ذاتية.
وشددت على أهمية تنويع المستثمر لاستثماراته، بين مشروعين على أقل تقدير، بحيث يكون واحدًا منهم ملاذًا آمنًا فى فترات الانخفاضات والتقلبات التي يشهدها السوق، والآخر يتحرك صعودًأ وهبوطًا وفق آليات السوق.
وطالبت رمسيس، الدولة بتشجيع المستثمرين أصحاب المحافظ الاستثمارية الكبيرة على الاستثمار فى قطاعات الاتصالات والتكنولوجيا ، بإعتبارها من القطاعات الواعدة خلال الفترة المقبلة، نظرًا لتوجه أغلب الشركات الصناعية نحو التجارة الالكترونية مستشهدة بشركة أمازون وإعلانها مؤخرًا عن اتاحة 70 ألف وظيفة جديدة.
واعتبرت أن اتخاذ الدول قرارا بالتعايش مع الأزمة وعودة الأنشطة بشكل تدريجي مع تطبيق الاجراءات الاحترازية، سيرفع من حدتها لحين الانتهاء منها بشكل كامل.. فهي جائحة لا يعرف متي تنتهى؟
وحتى بعد انتهائها، فإن آثارها السلبية ستمتد لسنوات.