عندما اجتمعت منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفاؤها “تحالف أوبك بلس”، الشهر الماضي، هدد وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان، المضاربين في البترول، وهو ما يعكس عزمه على تحقيق الاستقرار في الأسواق العالمية، لكن يبدو أن لحظة الحساب تقترب الآن بعد أن جددت جائحة “كوفيد-19” التهديدات الموجهة للطلب مرة أخرى.
وأشارت وكالة أنباء “بلومبرج” إلى أن تحالف منتجي البترول الخام سيجتمع اليوم الأثنين لتقييم حالة السوق.
ومن غير المتوقع اتخاذ قرارات بشأن الإمدادت حتى الأول من ديسمبر المقبل، لكن الدولتان الرئيسيتان، السعودية وروسيا، تكثفان بالفعل جهودهما الدبلوماسية.
فقد تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السعودي ولي العهد محمد بن سلمان مرتين عبر الهاتف خلال أسبوع، وهي المرة الأولى التي يقوم فيها قادة البلدين بذلك منذ أعماق أزمة البترول في أبريل الماضي، عندما كانا يسعيان للتوصل إلى اتفاق لخفض المعروض وإنهاء حرب الأسعار.
ويتعرض “الكارتل” الآن لضغوط بهدف مراجعة خطتها لتخفيف انخفاضات الإنتاج، وفي ظل توقف البترول عند نحو 40 دولاراً للبرميل، وأيضاً في ظل مزيد من الإمدادات القادمة من ليبيا، فقد خففت “أوبك بلس” بالفعل إنتاجها بنحو 2 مليون برميل يومياً، ومن المقرر أن تضيف 1.9 مليون برميل أخرى في يناير.
وفي حين يلتزم الأعضاء علنا بهذه الخطة حاليًا، أقر محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة أوبك، مؤخراً بضعف الطلب، فضلاً عن اتجاه المنظمة لمنع انتكاس السوق، بالإضافة إلى ذلك، تخبر الأصوات المؤثرة في السوق، “أوبك بلس” أن تكون حذرة بشأن الزيادة المخطط لها، إذ تنصح شركات التداول، ومنها مجموعة “ميركوريا” للطاقة، وبنوك منها “جي.بي مورجان تشيس”، ومؤسسات منها وكالة الطاقة الدولية، بأن الأسواق لاتزال هشة للغاية بحيث لا يمكنها استيعاب البراميل الإضافية بسهولة.
بصيص أمل
كان ثمة بصيص أمل فيما يتعلق بأسعار البترول الأخيرة، التي يتعين على المنتجين الحرص على عدم تراجعها.
وقدرت وكالة الطاقة الدولية، تعافى الطلب العالمي على البترول إلى 94% من مستويات ما قبل الوباء، مما أدى إلى استنفاد المخزونات المتضخمة في العالم، ومن المقرر أن يعزز المشترون في الصين، ثاني أكبر مستهلك في العالم، مشترياتهم بعد تباطؤها خلال الصيف.

وتكثف المصافي الهندية عملياتها قبل المهرجانين الرئيسيين في البلاد، ليلعب بذلك الاستهلاك القوي من العملاقين الآسيويين دوراً كبيراً في القرار النهائي في ديسمبر المقبل، كما أن الوزراء سينظرون أيضاً في البيانات القادمة من أجزاء أخرى في العالم، في ظل تفشي الوباء ونتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في بداية نوفمبر، لكن عودة المستويات السابقة للطلب بشكل كامل سيستغرق عامين، خصوصاً بالنسبة لوقود الطائرات، كما تحتاج “أوبك بلس” أيضاً إلى خفض المخزونات العالمية لتجنب تخمة أخرى وانخفاض الأسعار.
الطفرة الليبية
ظهر سبب آخر لتأجيل الزيادة في الآونة الأخيرة، إذ أن ليبيا المستثناة من جهود تقييد المعروض، استعادت الإنتاج، فقد عززت الدولة العضو في “أوبك” إنتاجها بمقدار 5 أضعاف في غضون أسابيع قليلة بعد أن سمح القائد العسكري خليفة حفتر بإعادة فتح الموانئ، لتضخ البلاد الآن 500 ألف برميل يومياً بعد إعادة تشغيل أكبر حقل بترولي لها، كما تقدر وكالة الطاقة الدولية إمكانية إضافة 200 ألف برميل يومياً بحلول نهاية العام.
وأظهر تقرير داخلي، قُدم إلى لجنة “أوبك بلس” الفنية الأسبوع الماضي، أن المجموعة تدرك المخاطر، ففى حين أن السيناريو المركزي يتوقع انخفاض مخزونات البترول العالمية بمقدار 1.9 مليون برميل يوميا العام المقبل، إلا أنها حذرت من إمكانية تراكم المخزونات بشكل طفيف بدلاً من ذلك إذا ضرب “كوفيد-19” الطلب بشكل أقوى من المتوقع وتعافت ليبيا بقوة.