عثمان: مبادرات تمويلية في إندونيسيا وكوريا والولايات المتحدة لامتصاص آثار “كورونا”
يستهدف المجلس الدولى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إطلاق صندوق استثمارى فى مجال التكنولوجيا والابتكار، لتمويل المشروعات الصغيرة فى هذا المجال، وستكون مصر من بين الدول المستفيدة من هذه المبادرة.
قال أحمد عثمان رئيس المجلس، إنهم بصدد عقد اجتماعات مع أكاديمية البحث العلمى، ووزارات الاتصالات، والتخطيط، والتجارة والصناعة، لبحث سبل تفعيل المبادرة فى مصر، والتى سيتم الإعلان عن تفاصيلها، وبدء تفعيلها مطلع 2021.
أضاف عثمان لـ «البورصة»، أنه يجرى حاليًا إعداد مبادرة تمويل متناهى الصغر على المستوى العالمى، وتبدأ المرحلة الأولى لتنفيذ هذه المبادرة فى جنوب شرق آسيا.
ويعكف المجلس حاليا على المراجعة القانونية لتفعيل المبادرة فى بعض دول العالم، إذ إنها مسألة تتطلب إجراءات عدة وموافقات من جهات داخل تلك الدول، حتى تنضم دول أخرى.
كما يدرس المجلس، إمكانية تطبيق المبادرة داخل مصر فى وقت لاحق، بعد معرفة الخطوات القانونية الواجب اتباعها وتنفيذها.
كشف عثمان، أنه كان يجرى الإعداد لإنشاء مركز ابتكارات فى مجال النقل بإمارة الشارقة فى دولة الإمارات العربية المتحدة. ولكن تعطل التنفيذ بسبب جائحة كورونا العالمية، ومن المتوقع أن تُنفذ هذة الخطوة خلال المرحلة المقبلة.
ويعد المجلس الدولى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، أقدم الجهات الداعمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر فى العالم، من خلال تواجده فى أكثر من 56 دولة.
وتأسس المجلس فى خمسينيات القرن الماضى بالتعاون مع الأمم المتحدة. ويهدف إلى تقديم الدعم الفنى لكل دول العالم وتوفير قنوات تمويلية من خلال ربط الجهات ببعضها لتعزيز دور المشروعات الصغيرة فى بلدان العالم المختلفة.
ويُقدم المجلس رأيا استشاريا فى القوانين المتعلقة بالقطاع.
ويستهدف المجلس الذى يعمل شريكًا مع الأمم المتحدة، خلق 600 مليون فرصة عمل جديدة فى القطاع على مستوى العالم خلال السنوات العشر المقبلة.
ووفقًا لبيانات رسمية صادرة عن الأمم المتحدة، ففى الأسواق الناشئة، يتم خلق معظم الوظائف الرسمية من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة، إذ تخلق 7 من أصل 10 وظائف.
أوضح عثمان، أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كان الأكثر معاناة تحت جائحة «كورونا» على المستوى العالمى. ولكن تأثير الجائحة فى مصر كان الأخف وطأة، إذ إن مصر لم تتجه للإغلاق التام لأنشطة الاقتصاد.
وأنقذت تدخلات البنك المركزى فى فترة الجائحة، المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خطر الإفلاس، إذ أطلق البنك المركزى عدة مبادرات عاجلة كان من شأنها تخفيف حدة التأثير السلبى للوباء، منها تأجيل سداد القروض لـ 6 أشهر، وخفض معدلات الفائدة، ومبادرة دعم القطاع الصناعى بفائدة %8.
أشار عثمان إلى أن المجلس لجأ لتقديم قروض بسيطة ومُيسرة لأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر على المستوى العالمى، لامتصاص الآثار السلبية للجائحة.
كما أتاح المجلس تدريبات مجانية إلكترونية، يستفيد منها الجميع بمختلف أنحاء العالم، عن كيفية التعافى والتحول الرقمى وخطط التسويق المختلفة.
وتطرق رئيس المجلس إلى أن البعض نجح فى تعظيم نشاطه ولم يتعرض للخسارة، بعدما توجه للتسويق والبيع الإلكترونى، وهو كان السبيل الوحيد المتاح فى ظل فرض قيود على حركة المواطنين، وكان أبرزها تطبيق حظر التجوال وإغلاق المطاعم والمقاهى.
وتميل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، إلى توظيف حصة أكبر من الفئات الضعيفة من القوى العاملة، منها النساء والشباب وابناء الأسر الفقيرة.
ويمكن أن تكون المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، فى بعض الأحيان، المصدر الوحيد للعمالة فى المناطق الريفية، بحسب بيانات صادرة عن الأمم المتحدة.
وأشار عثمان، إلى أن المجلس أطلق مبادرة تمويلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتحديدا المشروعات التى تضررت بشدة خلال الجائحة، فى دول إندونيسيا، وكوريا الجنوبية، والأرجنتين، والولايات المتحدة الأمريكية.

الجائحة عطلت إنشاء مركز ابتكارات في قطاع النقل بالشارقة
وتابع:» لم يسع المجلس لإطلاق تلك المبادرة فى مصر، إذ إن جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لم يدخر جهدا فيما يخص تمويل مشروعات القطاع، فضلا عن المبادرات المختلفة التى يطلقها البنك المركزى بين الحين والآخر لخدمة القطاع».
أكد عثمان، على التعاون المستمر بين المجلس والحكومة المصرية ممثلة فى جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ووزارة التخطيط، ووزارة التجارة والصناعة.
كما تم الأخذ بعين الاعتبار، غالبية النقاط والملاحظات التى أعدها المجلس على مشروع قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتطرق عثمان، إلى ضرورة تفعيل القانون الذى ينص على أن تكون %10 من المشتريات الحكومية، من منتجات الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وعلى الجانب الآخر، يجب أن يراعى أصحاب هذه المشروعات الجودة المناسبة حتى تتمكن منتجاته من المنافسة.
وأوضح أن أحد المشكلات التى يجب الاعتراف بها والعمل على حلها، هى ضعف جودة منتجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولا يجب النظر طيلة الوقت على الدعم الحكومى المباشر أو غير المباشر، لدرجة أن بعض أصحاب الأعمال لا يحاولون تطوير منتجاتهم ومشروعاتهم.
وأضاف: «لدينا فى السوق الأمريكى مثال جيد، يجب الاقتداء به، وهو المنافسة الشرسة بين الشركات الصغيرة والشركات الكبيرة فى مجال التكنولوجيا، وذلك لقدرتها على توفير منتجات مميزة، وخدمة ما بعد البيع التى خلقت جسرا من الثقة بين الشركة الصغيرة والعميل».
وتعتمد خطة المجلس على عدة محاور أبرزها، تبنى سياسات جديدة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة حول العالم، بالإضافة إلى دمج القطاعات غير الرسمية مع الاقتصاد الرسمى، وتعليم الأجيال الجديدة الصناعات الصغيرة والمتوسطة، لتغيير الثقافة السائدة حول البحث عن وظيفة فى حين يستطيع البعض خلق مشروعات خاصة بهم.
وأشار عثمان إلى أن أحد أسباب عدم قدرة الحكومة على استقطاب أصحاب المشروعات فى اقتصاد الظل بمصر داخل المنظومة الرسمية، هى عنصر الثقة من طرف أصحاب المشروعات، لذلك مهما قدمت الحكومة من تسهيلات، لا نجد استجابة ملموسة على أرض الواقع.
وأوضح أن هذة الخطوة تحتاج إلى بناء جسر من الثقة، وسنوات من الحلول خارج الصندوق.
وتوقع أن ينجح قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى استقطاب بعض أصحاب الأعمال داخل اقتصاد الظل، بفضل التيسيرات العديدة التى يمنحها لهم حال التحول لمنظومة الاقتصاد الرسمى.
قال عثمان، إن عصر التحول الرقمى، سيسهل عمليات التسويق والتصدير على المنتج، من خلال المنصات الإلكترونية المختلفة، والتى تمثل أرخص وأسرع سبيل للوصول للعميل.
كما أنه يمكن أن يُشكل عدد من أصحاب الحرف اليدوية، تكتلًا لإنشاء منصة إلكترونية، بعدد من اللغات يُمكنهم من تصدير منتجاتهم وعرضها عالميًا.
واقترح عثمان، أن يتحول معرض تراثنا إلى معرض دائم طوال العام، لإيجاد سبيل دائم لهم يساهم فى تسويق منتجاتهم، أسوة بالتجربة الإندونيسية، والتى أنشأت معرض دائم لأصحاب الحرف والمنتجات اليدوية.
وقال إنه يجب تغيير ثقافة العمل فى مصر. فلا يصح أن ينتظر الجميع دور الدولة فى التسهيل وتقديم الحوافز.. بل يجب أن يتحلى اصحاب الأعمال بروح المغامرة والمثابرة لضمان استمرارية أعمالهم ومشروعاتهم.
وشدد على ضرورة تغيير الثقافة السائدة، والاستفادة من تجارب الدول المختلفة، وخلق تكتلات صناعية، كأن يخدم عدد كبير من المصانع الصغيرة احتياجات أحد المصانع الكبرى التى تعتمد على استيراد خاماتها ومكونات الإنتاج الخاصة بها من الخارج.
أكد عثمان أن فكرة التكتلات هى أنسب سبل إنجاح الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إذ ستجد منفذ تسويقى دائم لها وربما تتوسع فى المستقبل بشرط التزام جودة معينة، وهو ما ينعكس إيجابا على القطاع الصناعى المصرى ككل.
ووصف عثمان المجمعات الصناعية التى يتم الإعلان عنها من حين لآخر، بأنها تحقيق لحلم طالما نادى به المهتمون بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتى تزامنت مع مبادرة رواد النيل التى أطلقها البنك المركزى، لدعم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة فنيا، وتأهيلهم لضمان استمراريتهم فى سوق العمل والتغلب على صعوبات السوق.