المخصصات ستظل تغطى 100% من القروض غير المنتظمة رغم ارتفاعها المتوقع
تعرض البنوك للديون السيادية كبير لكن عوائدها المرتفع دعمت مرونة أرباح البنوك
قالت وكالة ستاندرد أند بورز، إن البنوك المصرية ستكون قادرة على التعامل مع الزيادة المتوقعة فى معدلات القروض غير المنتظمة خلال العام المقبل، وأن تظل تلك القروض مغطاة بالمخصصات بنسبة 100%.
وقالت الوكالة فى أحدث تصنيف لها للصناعة المصرفية فى مصر، إن قانون البنوك الجديد في مصر، خطوة أخرى نحو المعايير الدولية وتعزيز الاستقرار المالى، على وجه الخصوص.
أضافت أن القانون سيزيد متطلبات الحد الأدنى لرأس المال 10 مرات إلى 5 مليارات جنيه للبنوك المحلية، و3 أمثال إلى 150 مليون دولار للبنوك الأجنبية، بالإضافة إلى ذلك، ستعزز الرقابة التنظيمية وتشكل لجنة للاستقرار المالي لرصد الأزمات المالية، وبموجب أحكام القانون، يتعين على البنوك نشر بيانات مالية ربع سنوية وتوحيد نهاية السنة المالية حتى ديسمبر.
أضافت: “نعتقد أن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل أن تظهر آثار الإصلاح بشكل كامل”، وذكرت أنه تتم تغطية مخاطر العملات الأجنبية بموجب الإطار التنظيمى، حيث لا يمكن أن يتجاوز صافي مركز العملة المفتوحة للبنك بأي عملة واحدة 10% من قاعدة رأسماله، بينما يجب ألا يتجاوز إجمالي المراكز 20% من قاعدة رأس المال.
وقالت الوكالة، إن الحوكمة تحسنت مع سن معايير جديدة، لكن الشفافية تظل أضعف مما هي عليه في الأنظمة المصرفية النظيرة، خاصة بالنسبة للبنوك العامة.
وفى حين تنشر بنوك القطاع الخاص المدرجة بيانات مالية ربع سنوية مفصلة في الوقت المناسب، فإن البيانات المالية المنشورة من قبل أكبر البنوك المملوكة للحكومة، ليست شاملة بنفس القدر ويتم نشرها بعد أكثر من 6 أشهر من نهاية الفترة المالية ذات الصلة.
أضافت: “تعتبر أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي المنخفض – حوالي 3100 دولار بنهاية يونيو 2019، وديناميكيات الثروة ونقص البنية التحتية يقيدان الاقتصاد المصرى”.
أضافت أن تعرض البنوك للديون السيادية مرتفعًا، مقارنة بقواعد حقوق الملكية، حيث تمثل حوالي 40% من الأصول على مستوى القطاع المصرفي – من خلال الأوراق المالية والقروض الحكومية – في يونيو الماضي، ارتفاعًا من 29% في يونيو 2010.
وساعدت العائدات المرتفعة على الدين الحكومي البنوك على تحقيق أداء مرن وتعويض نمو ائتمان القطاع الخاص الضعيف، مشيرة إلى أن الجزء الأكبر من الديون السيادية مقوم بالعملة المحلية.
وقالت إن تقديراتها لقروض القطاع الخاص حالياً تمثل نحو 35% من إجمالي أصول النظام المصرفي و26% من الناتج المحلي الإجمالي، مرجعة ذلك المستوى المنخفض جزئيًا إلى الشمول المصرفي المنخفض، وإن كان يتحسن ببطء.
وقالت إن مستوى تعرض البنوك لأداء القطاعات الدورية أو الضعيفة، مثل الزراعة والسياحة والعقارات والبناء، في مستويات أقل على الرغم من توقع أن تستمر أسعار العقارات في الارتفاع من حيث القيمة الحقيقية، إلا أن تعرض البنوك المباشر للقطاع يبدو محدوداً.
وتوقعت أن تواجه البنوك خسائر ائتمانية متزايدة في غضون السنوات القليلة المقبلة، ويرجع ذلك أساسًا إلى الانعكاسات السلبية لوباء COVID-19 على النشاط الاقتصادي وزيادة التعرض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة (SMEs).
وتوقعت زيادة خسائر الائتمان إلى 200 نقطة أساس في 2020 و240 نقطة أساس في 2021، ارتفاعًا من 150 نقطة أساس في 2019.
ومع ذلك، ترى أن الإصلاح المستمر للقواعد المصرفية واعتماد المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية (IFRS 9) يمكن أن يساعد في حل هذه المشكلة، كما أكدت على الالتزام المتزايد من جانب الجهات التنظيمية بتعزيز بيئة التشغيل والإطار المصرفى.
ونوهت إلى أن ودائع عملاء التجزئة الأساسية هى المصدر الرئيسي للتمويل للبنوك وهي أكثر من كافية لتمويل أنشطة الإقراض التجاري، وأثبتت قدرتها على الصمود وتزايدت تدريجياً خلال السنوات القليلة الماضية.
المخاطر الاقتصادية فى مصر مستقرة وتأثير محدود على القطاع المصرفى
وذكرت الوكالة، أن السيناريو الأساسي يتوقع أن يكون التراجع في النشاط الاقتصادي بعد الوباء مؤقتًا، وإن كان حادًا. على وجه الخصوص، وتوقعت نموًا ضعيفًا للناتج المحلي الإجمالي عند 2.8% في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو 2020 (السنة المالية 2020) و0.1% في السنة المالية 2021، بانخفاض من 5.6% في السنة المالية 2019.
ويتضمن السيناريو الأساسي أن تبدأ بيئة التشغيل في مصر في التعافي بداية عام 2021، مع آفاق نمو قوية على المدى المتوسط في البلاد، مدعومة بتنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية منذ عام 2016، لكنها ذكرت أنه حال جاءت الارقام مغايرة للتوقعات سيؤدى ذلك إلى إلحاق ضرر مادي بجودة أصول البنوك.
وأشادت بالتحسن التدريجي في الإطار التنظيمي للقطاع المصرفى، مؤكدة أنه يمثل أحد الجوانب الإيجابية لتقييمها الحالى، وتوقعت أن يظل النظام المصرفي مستقرًا بشكل عام بسبب عدم توقع اشتداد المنافسة، كما أن السيولة في النظام قوية، واعتماد البنوك على الديون محدود للغاية.
وقالت إن مصر واحدة من أكبر اقتصادات العالم العربي وأكبر دولها من حيث عدد السكان، ولايزال نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي منخفضًا نسبيًا، على الرغم من تعافيه إلى حوالي 3100 دولار في عام 2019 بعد انخفاضه إلى 2500 دولار في عام 2017 بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية.
وتوقعت أن يؤثر الوباء على السياحة في عام 2020، وكان هذا القطاع في انتعاش واعد حتى وقت قريب، حيث شكل حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي و10% من إجمالى العمالة.
مرونة سياسات الاقتصاد الكلي
تابعت: “وتستمر آليات انتقال السياسات فى الحد من مرونة السياسة النقدية، رغم تحسنها”، وتوقعت أن يبلغ معدل التضخم 9% في المتوسط خلال السنوات الثلاث المقبلة، مضيفة أنه في أعقاب انخفاض الضغوط التضخمية، واصل البنك المركزي خفض أسعار الفائدة لتحفيز نمو الاستهلاك الخاص والاستثمارات.
وفي الآونة الأخيرة، خفض البنك المركزي سعر الخصم بمقدار 400 نقطة أساس أى – أقل بنحو 8.5 نقطة مئوية عن مارس 2018 – لدعم الاقتصاد وسط الوباء.
وعلى الرغم من أن الانتقال إلى العملة المعومة قد زاد من مرونة البنك المركزي، إلا أن انخفاض اختراق الخدمات المالية في الاقتصاد لايزال يعيق انتقال السياسة النقدية، لذلك من المرجح أن تستمر العوامل الخارجية في التأثير على الأسعار.
وذكرت أنه مع تحرير سوق الصرف الأجنبي، تلاشى النقص في العملات الأجنبية، معتبرة الاقتصاد المصري في مرحلة توسعية.
وعلى الرغم من الضغوط قصيرة الأجل المحتملة على جودة الأصول بسبب التداعيات الاقتصادية لـ COVID-19، فإنها تتوقع استقرارًا في جودة أصول البنوك على المدى الطويل، نتيجة أن النشاط الاقتصادي يترجم إلى زيادة استرداد القروض المتعثرة، وزيادة في قيمة الأصول العقارية، وتحسن في معدل التوظيف وتوليد التدفقات النقدية للعملاء من الشركات والعملاء التجاريين.
نمو ائتمان القطاع الخاص المحلي
وقالت انه وفق تقديراتها، سيستمر انخفاض الشمول المالي في تقييد نمو القروض، رغم أنها تتوقع تداعيات إيجابية من إجراءات البنك المركزي لزيادة تغلغل الخدمات المالية في الاقتصاد وتقليص الأمية المالية، إلا أن حل هذه المشكلة قد يستغرق بعض الوقت، بالإضافة إلى ذلك، تتوقع أن يؤدي انخفاض النشاط الاقتصادي وسط الوباء إلى تباطوء الطلب على الائتمان.
وعلى وجه الخصوص، تعتقد أن الطلب على القروض من شركات القطاع الخاص سيظل محدودًا، بينما يؤجل الإنفاق الرأسمالي استجابةً لركود الاستهلاك الخاص.

ونتيجة لذلك، تتوقع أن يرتفع إجمالي القروض المحلية للقطاعين الخاص والحكومي إلى 10% بالقيمة الاسمية في العامين الماليين 2020 و2021، بانخفاض عن متوسط 14% في العام المالي 2018 و2019.
وأدى الطلب المحدود على القروض في السنوات الأخيرة إلى زيادة التعرض للحكومة، حيث شكلت القروض الحكومية حوالي 28% من إجمالي القروض، مقارنة بأقل من 10% في يونيو 2014، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في السندات الحكومية المحلية.
مخاطر الائتمان في الاقتصاد
وقالت ستاندرد آند بورز، إن البنوك لاتزال معرضة إلى حد كبير لمخاطر الائتمان السيادي، بينما دين القطاع الخاص منخفض، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي وإجمالي أصول النظام المصرفي.
وتتعامل البنوك مع العملاء اصحاب الملاءة المالية المرتفعة، وبين الشركات، مع أولئك القادرين على نشر البيانات المالية المدققة. ومع ذلك، تتوقع الوكالة أن ترتفع النسبة تدريجياً بسبب الوضع الاجتماعي والسياسي الصحي وتحسين الشمول المالي.
ولاحظت الوكالة أيضًا أن البنوك قد زادت مؤخرًا من إقراضها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى حوالي 20% من إجمالي قروضها بناءً على طلب من البنك المركزى المصرى.
معايير الإقراض والاكتتاب
أوضحت الوكالة، أن قاعدة العملاء الضيقة خلقت مخاطر تركز كبيرة، ما دفع البنك المركزي لتخفيض الحد الأقصى لإقراض العميل الواحد إلى 15% من الشريحة الأولى لرأس المال في عام 2019، انخفاضًا من 20%.
واعتبرت ستاندرد أند بورز، أن النظام القانوني وثقافة الدفع لا يدعمان الأنشطة المصرفية، من تسجيل الأصول إلى الحجز، وقالت إنها تستخدم بشكل عام تكلفة المخاطر، أو صافي المخصصات الجديدة لخسائر القروض، كمؤشر على احتمالية حدوث خسارة الائتمان في المستقبل.
واشارت إلى أن عدم نشر البنك المركزي بيانات نظام مفصلة عن القروض، بالإضافة إلى الافتقار للإفصاحات المالية العامة، باستثناء عدد قليل من الكيانات المدرجة، يعيق التنبؤ، لكنها توقعت أن تتدهور جودة الأصول وسط ركود النشاط الاقتصادي، لتصل القروض المتعثرة إلى 7.1% بحلول يونيو 2021.
ومع ذلك، توقعت أن تظل نسبة تغطية القروض المتعثرة عند حوالي 100% على مستوى القطاع المصرفى خلال 12-18 شهرًا القادمة.
أوضحت: “نحن نقدر زيادة تكلفة المخاطر على خلفية ارتفاع معدلات التخلف عن السداد على تعرض الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، على وجه الخصوص، نتوقع خسائر ائتمانية تتراوح بين 200 و240 نقطة أساس خلال الـ 24 شهرًا القادمة، مقارنة بـ 150 نقطة أساس اعتبارًا من يونيو 2019 و130 نقطة أساس اعتبارًا من يونيو 2018”.
وقالت: “إنه على الرغم من أن خصخصة أكبر بنكين عامين ليست على جدول الأعمال، فإننا نفهم أن السلطات قد تعوم أجزاء من بعض البنوك الحكومية الأصغر”.
الديناميكيات التنافسية
وقالت ستاندرد أند بورز، إن بنوك القطاع العام هي المهيمنة على الرغبة في المخاطرة، وتعتقد أن الرغبة في المخاطرة مقيدة، مع الأخذ في الاعتبار الطبيعة البسيطة للعمليات والمنتجات المصرفية في مصر، على الرغم من أن البنوك تحقق عوائد أعلى مقارنة بقطاعات الاقتصاد الأخرى، كان للبنك المركزي دور فعال في حظر المعاملات أو المنتجات المعقدة.
استقرار الصناعة
أضافت أن أكبر 3 بنوك مملوكة للدولة – البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، وبنك القاهرة – تمثل بين 45% و50% من أصول القطاع.
وقالت إن عوائق دخول السوق كبيرة، لأن البنك المركزي جمد منح تراخيص مصرفية جديدة، وأن هناك فرصة للاندماجات فى البنوك الأصغر.
أضافت: يجب أن تظل الملكية الأجنبية كبيرة بفضل التوقعات الداعمة على المدى المتوسط.
وقالت إنه رغم أن بنوك القطاع العام تمثل جزءًا كبيرًا من أصول النظام، لكن دون تشويه المشهد التنافسي بشكل ملحوظ، فإنهم يميلون إلى الحصول على امتياز الوصول إلى شركات القطاع العام، وشبكة الفروع الكبيرة الخاصة بهم تمكنهم من جمع تدفقات أكبر من الودائع الجديدة.

أضافت أنه في اقتصاد نقدي مثل مصر، تكون الوساطة المصرفية محدودة، ولاتزال أنشطة الإقراض في القطاع غير الرسمي صعبة التقييم.
وذكرت أنه في أوقات ضعف الاستقرار، أثبت نمو الودائع على مستوى النظام أنه مرن، ويرجع ذلك جزئيًا إلى استمرار تدفقات التحويلات، وتوقعت أن يزداد إجمالي الودائع بنسبة بين 12% و15% خلال الفترة 2019-2021.
من وجهة نظر الوكالة، دعمت أسعار الفائدة المرتفعة للمستثمرين الزيادة الكبيرة في الودائع في السنوات الأخيرة، ورغم أن هذه المعدلات تتناقص الآن، لكن زيادة الشمول المالي قد يكون العامل الرئيسي الذي يدعم زيادة قاعدة الودائع على المدى الطويل، ولفتت إلى أن البنوك لا تعتمد على التمويل الخارجي من سوق ما بين البنوك أو عن طريق الاقتراض طويل الأجل.
وقالت إن سوق رأس المال للديون المحلية لاتزال متخلفة، فالحكومة فقط وعدد قليل من البنوك الكبرى وكيانات الشركات تصدر الديون.