ارتفاع الاكتتاب فى أوراق الدين الحكومى وتراجع التوظيف لدى البنوك الأخرى
تحسن قوى للإقراض بدعم من مبادرات الفائدة المخفضة وتأجيل الأقساط
شهدت خريطة توظيفات الأموال لدى القطاع المصرفى تغييرات واضحة منذ اجتياح كورونا للعام وتأثيرها على الاقتصادات بما فيها الاقتصاد المحلى.
وخلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالى أعادت البنوك ترتيب أصولها لتجنب المخاطر وتجنب تأثر الربحية قدر الإمكان ومحاولة الاستفادة من مبادرات البنك المركزى المتعددة التى أطلقها حتى من قبل ظهور كورونا.
وتمثلت أبرز التغيرات فى تراجع توظيفات البنوك لدى البنوك الأخرى وتشمل الودائع المربوطة لدى البنك المركزي خارج إطار نسبة الاحتياطي، وارتفاع التوظيفات فى الاستثمارات المالية وأدوات الدين ذات العائد الثابت ومعظمها حكومية.
ووفقًا لبيانات النشرة الشهرية للبنك المركزي، زادت توظيفات البنوك فى الاستثمارات المالية وأذون الخزانة إلى 2.7 تريليون جنيه بنهاية أغسطس مقابل 2 تريليون جنيه بنهاية 2019، فيما تراجعت الأرصدة لدى البنوك فى مصر إلى 902 مليار جنيه مقابل 1.1 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر.

وارتفعت القروض إلى 2.27 تريليون جنيه مقابل 1.89 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر، بنمو تجاوز 20%.
التوظيفات لدى البنوك الأخرى
وفى مسح أجراه “بنوك وتمويل” على 14 بنكا تراجعت التوظيفات لدى البنوك فى 10 بنكًا من إجمالى 14 بنكًا بمعدلات تراوحت ما بين 6% و61%، فيما ارتفعت لدى 4 بنوك فقط، وهى:
- أبوظبى الاسلامى
نمت توظيفات البنك لدى البنوك الأخرى بمعدل 145% لتصل إلى 3 مليارات جنيه مقابل 1.25 مليار جنيه، بدعم من ارتفاع ودائعه لدى البنك المركزى خارج نسبة الاحتياطي إلى 856 مليون جنيه مقابل 714 مليون جنيه، ولدى البنوك المحلية إلى 1.47 مليار جنيه مقابل 237 مليون جنيه، ولدى البنوك الخارجية إلى 737.4 مليون جنيه مقابل 200.1 مليون جنيه.
وتمثل الأرصدة المودعة لدى البنوك بالدولار الأمريكي الحصة الأكبر من هذا البند حيث تعادل قيمتها 2.59 مليار جنيه، يليه اليورو بما يعادل 269 مليون جنيه، ثم العملات الأخرى بنحو 180 مليون جنيه، أما ايداعاته لدى البنوك الأخرى بالجنيه فتسجل 18 مليون جنيه.
- الإمارات دبى الوطنى
زادت أرصدته لدى البنوك 67% لتصل إلى 7.791 مليار جنيه مقابل 4.648 مليار جنيه.
- الكويت الوطنى
ارتفعت أرصدة البنك المودعة لدى البنوك الأخرى 65.7%، لتسجل 5.5 مليار جنيه مقابل 3.35 مليارًا، نتيجة زيادة الودائع لدى البنوك التجارية إلى 3 مليارات جنيه مقابل 1.24 مليارًا، وارتفاع الودائع لدى البنك المركزي خارج اطار الاحتياطي إلى 1.95 مليار جنيه مقابل 1.7 مليار.
وتستحوذ الأرصدة المقومة بالدولار على ما يعادل 2.57 مليار جنيه من الأرصدة المودعة لدى البنوك، واليورو نحو 137.8 مليون جنيه والاسترلينى 93 مليون جنيه والعملات الأخرى 96.4 مليون جنيه، أما الايداعات بالجنيه فسجلت 2.65 مليارًا.
لكن لماذا تراجع هذا النوع من التوظيفات؟
قال مدير قطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة، إن تراجع نسبة التوظيفات لدى البنوك الأخرى من إجمالى الأصول يرجع إلى وقف البنك المركزي الاكتتاب فى الودائع المربوطة بالكوريدور ذات الهامش لمدة 3 أشهر فى ذروة الكورونا، واسترداد البنوك لكثير من الودائع المربوطة آنذاك لعدم تجديدها، وهذا كان هدف المركزي لاعادة ضخها فى الاقتصاد سواء تمويل الدين الحكومى أو القطاع الخاص والمبادرات.
أوضح أن البنوك التى كان لديها فوائض فى السيولة بالعملة الأجنبية وظفتها لدى البنوك الأخرى خاصة التى رفعت فوائد الودائع بالعملة الأجنبية لجذب سيولة لديها.
ونوه إلى أن الفائدة على الأذون والسندات أيضًا جاذبة، وأن بعض البنوك خاصة التى لم تكن متوسعة فى الاكتتاب بالأذون والسندات ولم تتضرر بشكل كبير من تطبيق المعاملة الضريبية بأثر رجعى على محافظ استثماراتها، فضلت الاكتتاب فيها عن الودائع المربوطة لدى المركزي خاصة مع اتجاه خفض الفائدة.
الاستثمارات المالية وأذون الخزانة
وزادت استثمارات البنوك المالية وفى أدوات الدين الحكومى نحو 700 مليار جنيه خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي، وذلك بدعم من ارتفاع استثمارات البنوك فى أذون الخزانة إلى 956 مليار جنيه مقابل 676.5 مليار جنيه بنهاية ديسمبر.
وجاءت الزيادة الأكبر لدى بنوك القطاع العام وبلغت 527.3 مليار جنيه مقابل 307.7 مليار جنيه، يليها بنوك القطاع الخاص وزادت اكتتاباتها إلى 365 مليار جنيه مقابل 310.6 مليار جنيه.
ولدى البنوك محل المسح، ارتفعت الاستثمارات المالية ومعظمها أوراق دين حكومية لدى 9 بنوك بين 14 بنكًا، بمعدلات تراوحت ما بين 5.6% و76%، فيما تراجعت لدى 6 بنوك ما بين 0.7% و26.6%.
وحقق بنك عوده –مصر، وفق بيان له، طفرة في استثماراته المالية حيث بلغت خلال الفترة المنتهية في سبتمبر الماضى نحو31 مليار جنيه مصري بينما كانت في السنة المنتهية الماضية نحو17,6 مليار جنيه مصري بنسبة زيادة تصل الى 75%.
وقالت وكالة ستاندرد أند بوزر للتصنيف الائتمانى، إن ارتفاع استثمارات البنوك فى أدوات الدين الحكومى ذات العائد المرتفع عزز مرونة ميزانيتاتها فى مواجهة كورونا وحافظ على معدلات كفاية رأس المال لديها فى ظل انها صفرية المخاطر.
ارتفاع جماعى لمحافظ القروض
ارتفع صافى محافظ القروض بعد خصم المخصصات لدى 12 بنكًا بمعدلات ما بين 3.7% و29.76%، كما نمت على مستوى القطاع المصرفى بمعدل 20%، وأرجع مصرفيون تلك الزيادة لمبادرات البنك المركزي التى أطلقها لتخفيف وطأة الجائحة عن القطاع الخاص.
وقال يحيي أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلى، إن محفظة الائتمان فى البنك الأهلى ارتفعت لتتجاوز 900 مليار جنيه بينها 800 مليار جنيه قروضا مباشرة، و100 مليار جنيه قروضا غير مباشرة، وذلك مقابل 542 مليار جنيه بنهاية أبريل الماضي بنمو يقارب 47%.
وذكر أن هناك نشاط للقروض المشتركة ويدرس البنك المشاركة فى العديد منها، وأن مبادرات البنك المركزي أدت لزيادة معدلات الاقراض على مستوى القطاع المصرفي.
قالت غادة البيلي، رئيس بنك التنمية الصناعية، إن البنك توسع بقوة في دعم مبادرة الشركات الصغيرة والمتوسطة لتستحوذ المحفظة على 25% من حجم المحفظة الائتمانية للبنك، مؤكدة على أهميتها فى دعم الاقتصاد ونمو محفظة القروض بالبنك.
وقال حسين الرفاعي، رئيس مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن المحفظة الائتمانية بالبنك ارتفعت 11% عن العام الماضي، لتصل إلى 17.3 مليار جنيه نهاية سبتمبر الماضي، متوقعًا أن تسجل 17.6 مليار جنيه بنهاية العام الحالي.
أضاف أن محفظة القروض الشخصية شهدت نموا ملحوظا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مقارنة بنهاية 2019؛ حيث ارتفعت بنسبة 62%، لتصل إلى 800 مليون جنيه.
كما نجح البنك في زيادة محفظة قروض الشركات المتوسطة و الصغيرة بنسبة نمو قدرها 25% لتصل الى 1.3 مليار جنيه فى سبتمبر 2020، ومحفظة القروض المشتركة لتصل إلى 6.2 مليار بنسبة نمو 8%.
وقال محمد بدير ، رئيس مجلس إدارة بنك عودة، إن البنك يسعى دائما إلى المشاركة في المشروعات القومية فضلا عن توفير التمويلات اللازمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في مساهمة منه في تحقيق النمو الاقتصادي فضلا عن رفعة القطاع المصرفي المصري.
وارتفع إجمالي القروض والتسهيلات للعملاء إلى 29,2 مليار جنيه مصري في نفس الفترة بالمقارنة بمبلغ 26 مليار جنيه مصري في نهاية 2019 بزيادة قدرها 3.2 مليار أي 12.5%.
وقال علاء فاروق، رئيس مجلس إدارة البنك الزراعى، إن محفظة قروض البنك نمت إلى 44 مليار جنيه بنهاية الشهر الماضي، وإن 70% منها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، بجانب التوسع فى تمويل الشركات الكبرى.
أوضح أن أعداد الشركات الكبرى التي يمولها البنك ارتفع من 14 إلى 80 شركة كبرى ، بالإضافة الى التوجه نحو دعم المشروعات الزراعية والتصنيع الزراعي في المناطق التنموية الجديدة في كافة أنحاء الجمهورية.
نمو أصول القطاع خلال الجائحة
ونمت المراكز المالية لدى 11 بنكًا من إجمالى 14 محل المسح خلال التسعة الأولى من العام المنتهية فى سبتمبر الماضى، وتصدرت بنوك الامارات قائمة الأسرع نموًا.
وحققت البنوك الاحدى عشرة معدلات نمو تراوحت ما بين 2.2% و15.7%، فيما انكمشت أصول 3 بنوك هى الاسكندرية بمعدل 1.1%، وقناة السويس 3.6% والكويت الوطنى 4.5%.
وتصدر بنك أبوظبى الإسلامى، قائمة البنوك الأسرع نموًا بمركزها المالى، بعدما وصلت أصولها إلى 70.7 مليار جنيه مقابل 60.3 مليارً بنمو 17.3%، مدعومًا بنمو ودائع العملاء إلى 58.8 مليار جنيه مقابل 51.2 مليار
واقتنص الإمارات دبى الوطنى المركز الثانى بعدما وصل بأصوله إلى 66.8 مليار جنيه بنهاية سبتمبر مقابل 57.7 مليارً بنمو 15.7%.

وجاء نموه مدعومًا بارتفاع الأرصدة المستحقة عليه للبنوك إلى 7.9 مليار جنيه مقابل 2.75 مليار، وودائع العملاء إلى 47.7 مليار جنيه مقابل 44.7 مليار.
وحل فى المركز الثالث أبوظبى التجارى بمعدل نمو 13.4%بعدما وصل بمركزه المالى إلى 33.5 مليارجنيه مقابل 29.6 مليار، مدعومًا بارتفاع محفظة الودائع لديه إلى 28.9 مليار جنيه مقابل 25.6 مليار.
وفى المركز الرابع جاء البنك الأهلى الكويتي بنمو 10.5% ووصل مركزه المالي إلى 39.4 مليار جنيه مقاب 35.7 مليار جنيه، بدعم من نمو ودائع العملاء لديه إلى 33.67 مليار جنيه مقابل 28.2 مليارًا.
وحل التعمير والإسكان خامسًا بمعدل نمو 10.1% ووصلت أصوله إلى 56.6 مليار جنيه مقابل 51.5 مليار، ووصفت بلتون المالية، ذلك بالتعافى الصحى مع ارتفاع محفظة الودائع بنسبة 9.6% منذ بداية العام وبنسبة 17% على أساس ربع سنوي إلى 45,2 مليار جنيه.
أما على مستوى الإقراض، فشهد مجمل القروض نمواً بنسبة 5.5% مسجلاً 20,8 مليار جنيه حتى نهاية سبتمبر 2020، مما أدى لوصول معدل القروض إلى الودائع إلى 46%.
قالت المذكرة أن معدل الضريبة الفعلى للبنك زاد بشكل ملحوظ إلى 30% مقابل 20.3% متأثرًا بالتعديلات الضريبية على الديون السيادية المقومة بالعملة المحلية، نتبجة توسعه فى الاكتتاب فيها خلال الشهور الماضية.
البنوك اللبنانية
ورغم ما تمر به البنوك اللبنانية من أزمات على مستوى مجموعتها الام، لكن وحداتها فى مصر نجحت فى التوسع، ونما المركز المالى لبنك بلوم 2.2% ليسجل 45 مليار جنيه مقابل 44.4 مليار بنهاية سبتمبر، كما نما المركز المالى لبنك عودة إلى 83 مليار جنيه مقابل 75 مليارًا بنمو 10.6%، وسجلت محفظة ودائع العملاء 73,5 مليار جنيه مقابل 65,6 مليار جنيه في ديسمبر.
وخلال الشهور الثمانية الأولى من العام نمت أصول القطاع المصرفي 14% لتصل إلى 6 تريليونات و676 مليار جنيه مقابل 5 تريليونات و856 مليار جنيه.
ما يعني أن بنكين فقط من البنوك محل المسح نجحا في زيادة حصصهما السوقية، وذلك فى ظل نمو مطرد لبنوك القطاع العام حفزه تحملها لطرح شهادات مرتفعة العائد لمدة عام بفائدة 15%.