
عزا عاملون في قطاع تصنيع الغازات الطبية والصناعية، نقص معروض غاز الأكسجين خلال المرحلة الماضية ،إلى زيادة الطلب تأثرًا بارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، فضلًا عن ارتفاع أسعار اسطوانات الأكسجين بسبب ارتفاع قيمة الشحن من الصين.
ولجأت بعض مصانع القطاع إلى مصانع الحديد والصلب، للحصول على الغاز السائل أو سر الحياة” لتوريده إلى المستشفيات الحكومية، ليساهم مع الاسطوانات في تشكيل درع قوية لتفادي نقصه للمرضى .
قال محمد فتحي، مدير مصنع أوكسي مصر لإنتاج الغازات الطبية والصناعية، التابع لمجموعة سعد الدين للغازات، إن تصنيع الغازات الطبية في المصنع يتم من خلال سحب الغازات من الهواء عن طريق ضواغط هواء، ثم يتم لاحقًا فصل الأكسجين النقي عن بقية الغازات وتعبئته في اسطوانات وتوريده للمستشفيات.
وأضاف لـ “البورصة” أن مصانع إنتاج الأكسجين مصممة كي تعمل لمدة 24 ساعة يوميًا دون توقف، إذ إن مصنع الشركة ينتج 30 اسطوانة أكسجين كل ساعة، سعة 40 لترا الحجم الأكثر استخدامًا.
وأوضح فتحي، أن الشركة تشتري اسطوانات الأكسجين بأحجام مختلفة من خلال تجار يستوردونها من الصين، بالإضافة إلى منظم الأكسجين الخاص بكل اسطوانة.
وأشار إلى أن مصر تستورد كامل احتياجاتها من اسطوانات الأكسجين من الصين ، نظرًا لانخفاض سعرها مقارنة بأسعار باقي الدول المنتجة لها ومنها فرنسا وألمانيا وروسيا.
ولفت إلى أن اسطوانات الأكسجين الفارغة سعة 40 لترا، ارتفع سعرها خلال الشهرين الماضيين من نحو 1400 جنيه إلى 3900 جنيه للاسطوانة تقريبًا لتباع معبأة بحوالي 4 آلاف جنيه نظرا لزيادة الإقبال عليها وانخفاض المعروض، في ظل نقص الواردات من الصين.
كما ارتفع سعر اسطوانة الأكسجين سعة 15 لترا من نحو 1300 جنيه إلى 2000 جنيه، والاسطوانة سعة 8 لترات من 1100 جنيه إلى 1700 جنيه.. وتظل الاسطوانة سعة 40 لترا هي الأكثر طلبًا واستخدامًا.
وينتج الأكسجين الطبي من خلال طريقتين، الأولى عبر ضواغط الهواء، وتقوم بها مصانع الغازات الطبية والصناعية المتخصصة، ويعبأ في اسطوانات بأحجام مختلفة ليورد إلى المستشفيات أو بيعها للمواطنيين.
أما الغاز السائل فإما ينتج في مصانع متخصصة أيضًا أو يتم الحصول عليه من مصانع الحديد والصلب، التي يكون لديها وحدات متخصصة لإنتاج الأكسجين الغازي والسائل، إذ تحصل على الغازي لاستخدامه في عملية الصهر، في حين يباع السائل الذي لا يحتاجه المصنع لتحويله إلى غازي عبر طلمبات ضغط أو توريده للمستشفيات التي تمتلك “تانكات” متخصصة لتحويله إلى أكسجين طبي ثم نقله إلى المرضى عبر الشبكة الداخلية للمستشفى.
وأرجع فتحي، انخفاض واردات اسطوانات الأكسجين والمنظمات من الصين إلى إجازات أعياد “الكريسماس”، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار خام الحديد الذي تصنع منه تلك الاسطوانات عالميًا.
وتوقع انتهاء أزمة توافر اسطوانات الأكسجين للأفراد والمستشفيات فور بدء وصول شحنات لمستوردين من الصين خلال الفترة القليلة المقبلة، خصوصا أن الاستيراد يحتاج إلى فترة تصل إلى حوالي شهرين.
وأشار إلى أن المشكلة التي واجهت قطاع الأكسجين الطبي مؤخرًا، تمثلت في نقص الأكسجين نفسه لزيادة الطلب عليه وليس في الاسطوانات.. إلا أن الحكومة نجحت في تدارك الأمر خلال الأيام الماضية.
ولفت إلى أن مصانع القطاع كانت تغطي كافة احتياجات المستشفيات الحكومة والخاصة قبل ظهور فيروس كورونا.
لكن ارتفاع الطلب بسبب ارتفاع عدد حالات الإصابة بالفيروس هو الذي أعطى انطباعا بوجود نقص في الأكسجين والاسطوانات.
وتمتلك مجموعة سعد الدين للغازات مصنعًا لتعبئة أسطوانات الأكسجين الطبية فى مدينة المنصورة، ويعمل حاليًا بكامل طاقته الإنتاجية البالغة بين 720 و1000 أسطوانة يوميًا.
قال مدير مصنع أوكسي مصر للغازات الطبية، إن الشركة تغطي كافة احتياجات مستشفيات محافظة الدقهلية من الأكسجين الطبي، إذ ارتفع حجم الطلب مؤخرًا من 100 اسطوانة إلى 650 اسطوانة يوميا في ظل تزايد عدد حالات المصابين بفيروس كورونا.

أضاف أن مصانع إنتاج الغازات الطبية لجأت إلى مصانع الحديد للحصول على الأكسجين السائل لتحويله إلى أكسجين غازي لتعبئته في الاسطوانات.
ودرجة نقاء الأكسجين المستخدم في الصناعة يجب أن تكون مرتفعة لتقارب 99 و100% في حين تتراوح درجة نقاء الأكسجين الطبي بين 95% و98%.
ولفت فتحي، إلى أن بعض المصانع تستخدم الأكسجين في اللحامات وغيرها من الأغراض الأخرى، بجانب استخدامه من قبل مزارع الأسماك.. إلا أن بعضهم يعتمد على المصانع العاملة بالقطاع غير الرسمي.
أضاف أن المصنع يواجه عجزا في توفير الأكسجين لزيادة الطلب، وهو ما يضطره إلى شراء الغاز السائل من قبل بعض شركات الحديد والصلب وتحويله إلى أكسجين غازي لتعبئته في اسطوانات.
وستطرح الشركة، عبوات أكسجين صغيرة الحجم للاستخدام الشخصي بداية الشهر المقبل، بعد أن كان مقررًا لذلك منتصف الشهر الحالي.
وكشف أن التأخر في بدء التصنيع يعود إلى انتظار تسلم الشحنة من الشركة المنتجة للعبوات ، إذ من المنتظر أن تبدأ عملية التوريد للشركة خلال أسبوع تقريبًا.
ومن المتوقع أن تتراوح أحجام العبوات بين 450 و650 ملليلتر، في حين لم تحدد الشركة حتى الآن السعر النهائي لتلك المنتجات.
وقال محمد سعد الدين، رئيس مجلس إدارة الشركة لـ “البورصة”، مطلع الشهر الحالي، إن العبوات صغيرة الحجم من اسطوانات الأكسجين تطرح لأول مرة فى السوق المحلى. وكانت المجموعة تعتزم طرحها بغض النظر عن انتشار فيروس كورونا. كما أن حاجة السوق لها دفع للإسراع فى عملية التصنيع.
وتمتلك الشركة، خط إنتاج لتصنيع عبوات الأكسجين صغيرة الحجم بطاقة مستهدفة تبلغ 50 ألف عبوة شهريًا، إلا أنها بدأت إجراءات استيراد خط إنتاج حديث بتكنولوجيا أفضل بتكلفة تقدر بين 200 و300 ألف دولار تقريبًا ليصل حجم الطاقة الإنتاجية إلى 250 ألف عبوة شهريًا.
وقال حسين البربري، تاجر ومستورد اسطوانات أكسجين، إن سبب ارتفاع سعر اسطوانات الأكسجين مؤخرًا يعود إلى زيادة الطلب عليها عالميًا ومحليًا، في ظل ارتفاع عدد الحالات وارتفاع قيمة الشحن من الصين إلى مصر خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف لـ “البورصة” أن قيمة الشحن للحاوية ارتفعت من حوالي 1300 دولار إلى نحو 4500 دولار تقريبًا، في ظل انخفاض عدد خطوط النقل البحري نتيجة تباطؤ حركة التجارة العالمية بسبب انتشار فيروس كورونا.
وتابع: “كانت السفن تجوب عدة موانيء خلال رحلتها إلى مصر منها قبرص واليونان وتركيا، إلا أن انخفاض الطلب على الاستيراد حاليًا نتيجة الظروف الاقتصادية العالمية أدى إلى قلة عدد الحاويات وعودة السفن إلى الصين من جديد دون بضائع ومن ثم ارتفاع أسعار الشحن بشكل كبير”.
وأوضح البربري، أن ارتفاع أسعار الاسطوانات يعود أيضا إلى تهافت العديد من المواطنين على شرائها تحسبًا للإصابة بفيروس كورونا، أو وجود حالات مصابة فضّلت العزل المنزلي.
وأشار إلى صعوبة الاستيراد من دول أخرى بخلاف الصين نظرًا لانخفاض الأسعار بها بشكل كبير مقارنة بباقي الدول المصدرة للاسطوانات، خصوصا في تلك الفترة التي تحتاج كافة الدول إلى طاقاتها الإنتاجية منها.
ولفت إلى أن الطلب انخفض على الاسطوانات بنسبة تبلغ نحو 30% خلال الأسبوع الماضي، في ظل قلة عدد حالات الإصابة بالفيروس التي تتطلب أجهزة تنفس صناعي.
وأكد حل مشكلة عدم توافر اسطوانات الأكسجين خلال أسبوع واحد فقط، في ظل وصول عدة شحنات من الصين خلال الأيام القليلة المقبلة.
قال البربري إنه يعمل أحيانًا في نشاط توفير الأكسجين السائل لبعض مصانع القطاع الخاص التي يتعامل معها من خلال إحدى شركات الحديد التي تستحوذ على حصة كبيرة من إنتاج الغاز السائل حاليًا، إذ تحصل مصانع القطاع الخاص على الفائض بعد استكمال توريد كافة احتياجات المستشفيات الحكومية.
أضاف أن المصانع تحصل على الغاز السائل لتحويله إلى أكسجين غازي وتعبئته في اسطوانات لبيعه لبعض مستشفيات القطاع الخاص أو الحكومة، في حين تورّد مصانع الحديد والصلب، الغاز سائلًا إلى المستشفيات الحكومية الكبرى لوضعه في وحدات متخصصة ومن ثم نقله للمرضى.
وأوضح أن السيارة التي تنقل الغاز السائل من مصانع الحديد والصلب إلى المستشفيات ومصانع الغازات، يجب أن تكون مجهزة لعملية النقل بوجود “تانك”.
ويوجد نوعان من خطوط الإنتاج التي يصنع منها الأكسجين، الأول لإنتاج الأكسجين الغازي وتقدر تكلفة خط إنتاجه بنحو 10 ملايين جنيه.
أما الوحدات التي تمتلكها شركات الحديد والصلب وبعض مصانع الغازات الصناعة لتصنيع الغازي والسائل، فتقدر تكلفة خط الإنتاج بنحو 50 ـ 200 مليون جنيه بحسب الطاقة الإنتاجية.
وقال مصدر مطلع بقطاع الغازات الصناعية والطبية، إن حجم إنتاج غاز الأوكسجن السائل يبلغ نحو مليون لتر شهريًا، جزء منه من مصانع الغازات الطبية والصناعية والآخر من الوحدات الملحقة بمصانع الحديد والصلب.
أضاف أنه في الظروف الطبيعية قبل أزمة فيروس كورونا، كانت الطاقة الإنتاجية تكفي القطاعين الطبي والصناعي للاستخدامات المختلفة ويوجد فائض في الإنتاج، إلا إن حجم الطلب ارتفع بنحو 3 أضعاف الفترات العادية.
وأكد المصدر أن كافة المصانع العاملة في مصر تعمل حاليًا بكامل طاقتها الإنتاجية طوال اليوم لتغطية الطلب من المستشفيات.
وذكر أن نحو 60% من المستشفيات الحكومية تمتلك “تانكات” غاز سائل، في حين تعتمد باقي المستشفيات الحكومية والخاصة على اسطوانات الأكسجين العادية.
وأشار إلى أن لدى المصانع تعليمات مشددة من قبل الجهات المعنية بأن تكون الأولوية في عملية التوريد للقطاع الطبي وتأجيل أي طلبيات من القطاع الصناعي.