“صندوق النقد الدولى” قدم تمويلا لـ89 دولة وخفف أعباء ديون 29 أخرى
قبل عام، أثرت أزمة تفشي وباء “كوفيد-19” على الاقتصاد العالمي، ليبدأ بذلك “صندوق النقد الدولى” مقرض الملاذ الأخير العالمي متعدد الأطراف العمل.
وفي حديثها قبل اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي تبدأ في 5 أبريل، أشادت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد، بالإجراءات غير المسبوقة التي اتخذها الصندوق، بما في ذلك تقديم تمويل جديد لـ 85 دولة وتخفيف أعباء الديون عن 29 دولة فقيرة.
وثمة مزيد من المساعدة في الطريق، لكن هل هذه الإجراءات كافية؟
يقدم صندوق النقد الدولي لأعضائه شريان حياة مالي عندما ينفد النقد لديهم، وعادة ما يأتي هذا الدعم مع مطالب بإصلاحات سياسيه وإعادة هيكلة الديون عند الحاجة، وذلك لضمان استمرار ديون المقترضين.
وتساعد مثل هذه الشروط في حماية موارد الصندوق وتجنب إنقاذ الدائنين الآخرين، إذ يمكن أن يؤدي التعامل السهل مع المقترضين اليوم إلى تشجيع التراخي في المستقبل، وبالتالي حدوث مزيد من الأزمات.
لكن وباء “كوفيد-19” لم يكن أزمة عادية، فقد كانت هناك حاجة ماسة لتقديم مساعدة واسعة النطاق وعاجلة، لذا رفع صندوق النقد الدولي حدود تسهيلات التمويل الطارئة الرخيصة، التي تقرض الدول ذات الديون المستدامة وتفرض بعض القيود البسيطة، كما عرض إعفاء الدول الفقيرة من خدمة الديون، وأنشأ خط سيولة قصير الأجل للاقتصادات السليمة بشكل أساسي.
منذ مارس 2020، قدم صندوق النقد تمويلا طارئا بقيمة 32 مليار دولار، بجانب 74 مليار دولار ضمن مخططات أخرى.
ومع ذلك، فإن الدعم يبدو صغيرا مقارنة مع حجم الأزمة الوبائية، فقد قام الصندوق بتقديم قروض أكثر في العام المنتهي في سبتمبر 2009، أثناء الأزمة المالية العالمية.ومعروف أن الـ 85 دولة التي تتلقى الدعم اليوم تشكل 5% تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وكان صندوق النقد يتوقع موجة مبكرة من التمويل السريع لإفساح المجال لبرامج أكثر تنظيماً مع فرض مزيد من القيود، لكن حتى الآن لم تتم الموافقة سوى على 12 صفقة جديدة، حسبما ذكرت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية.
ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه بينما كان يقدم صندوق النقد الائتمان للدول الفقيرة، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخطوة تسببت في تفجير السيولة من خلال خطوط مقايضة الدولار، وبالتالي أدى ذلك إلى عودة المستثمرين الذين فروا من الأسواق الناشئة، مما قلل من الحاجة إلى الدعم.
وفي بعض الحالات، ربما يساهم مجرد عرض المساعدة من صندوق النقد الدولي في تعزيز ثقة المستثمرين.
لكن جزءً من الاستخدام المنخفض لخطط صندوق النقد الدولي كان من صنعه، فقد كانت بعض الحكومات غير مؤهلة بسبب مشاكل الديون القائمة، بينما حصل الآخرون على أقل مما طلبوه، على سبيل المثال، بسبب الافتقار الملحوظة للحاجة لمثل هذه المساعدات.
وقرر مقترضون محتملون آخرون أن وصمة العار السياسية المترتبة على اللجوء إلى صندوق النقد كانت كبيرة للغاية، أو أن القيام بذلك قد يثير الشكوك حول قدرتهم على خدمة ديون القطاع الخاص.
وذكرت المجلة أن النقص الواضح في الطلب على خدمات صندوق النقد الدولي تسبب في بعض التوتر، وآثار سؤال واحد يدور حول ما إذا كان الصندوق بحاجة لتغيير مخططاته.
وفي يوليو، اقترح عدنان مزاري، من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وماثيو فيشر، المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي، مرفقا خاصا لدعم الدول المتأثرة بالوباء، وذلك لتجنب وضع سوابق محرجة للاقتراض المستقبلي وتقليل وصمة العار التي تلاحق من اللجوء إلى الصندوق.
لكن بدلا من ذلك، قام الصندوق في 22 مارس بتوسيع الحدود الأعلى للتسهيلات التمويلية السريعة وزيادة حدود الاقتراض للدول الفقيرة، ويبدو أنه يدفع أولئك الذين سعوا للحصول على تمويل طارئ نحو برامج أكثر تنظيما، حيث تطبق الشروط والرقابة العادية.
وفي الواقع، منذ سبتمبر، استحوذت مثل هذه البرامج ومخططات الدعم الاستباقي على حوالي نصف كافة الموافقات ونسبة أعلى من الطلبات.
كما أعرب مجلس إدارة صندوق النقد الدولي عن دعمه لتخصيص جديد بقيمة 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة، وهي عملة صندوق النقد الدولي الخاصة التي يمكن للأعضاء استبدالها بالنقود دون قيود.
ومن المقرر أن تتلقى معظم الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل مساعدة أكثر مما حصلت عليه من إقراض صندوق النقد المرتبط بالوباء حتى الآن، حيث يمكن للفقراء الاستفادة بشكل أكثر إذا وجد الصندوق طريقة لإعادة تخصيص حقوق السحب الخاصة من الدول الغنية، وبمجرد أن يتم ذلك لن تكون هناك حاجة للسداد، لكن الدول ستتحمل فائدة نسبتها الحالية تبلغ 0.05%، مما يجعل جودتها غير مماثلة للمنح، لكنها أفضل من القرض.