
الدعوة إلى الحوار الوطنى التى أطلقها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى.. أمر جيد ويؤكد على رغبة القيادة السياسية فى الإصلاح السياسى وهو أمر مطلوب وحان وقته.. فهناك الكثير من القضايا فى حاجة للنقاش حولها من مختلف القوى السياسية وهذا الحوار بمجمل القضايا المطروحة فيه لن ينتهى بين يوم وليلة بل قد يمتد لفترة طويلة.
ولكن الآن وفى ظل أزمة اقتصادية صعبة جزء منها ناتج من متغيرات دولية مثل الحرب الروسية الأوكرانية وجزء منها ناتج عن سياسات وإجراءات، أما تأخر اتخاذها أو سياسات اتخذت ولم تكن لها أولوية، وسياسات باتت ضرورية الآن، وهذه الأزمة تستدعى اصطفاف وطنى للتعامل معها فلن نستطيع الدولة باجهزتها وحدها التعامل معها.. ومن هنا فنحن نرى أنه لابد من الاستعانة بأصحاب الرؤى والتجارب الاقتصادية والاستماع إليهم فى كيفية التعامل مع معطيات هذه الأزمة.. حتى نصل إلى حلول وسياسات تكون مرضية للجميع.. خاصة إذا كانت هذه الأزمة ستؤثر على الجميع الأثرياء والفقراء.. بل ستؤثر على جميع مقدرات الدولة وقرارها السياسى.. ونحن لدينا كفاءات يشار لها بالبناء داخل وخارج مصر منهم من يتبوأ مناصب مهمة فى مؤسسات دولية ومنهم من تستشيره حكومات دول أخرى فى قضايا اقتصاددية ورجال أعمال لهم تجارب مهمة فى قطاع الأعمال انتشرت استثماراتهم فى العديد من دول العالم.
فبالتأكيد أن الحوار مع هؤلاء والاستماع إلى آرائهم ونظرتهم لهذه الأزمة وكيفية التعامل معها.. سيسهل من مهمة متخذ القرار فى اتخاذ إجراءات وسياسات مدروسة جيدًا وذات توافق من شخصيات وطنية تدرك خطورة الأزمة وتريد أن تقدم أى شيء لخدمة بلادها.
اقرأ أيضا: حسين عبد ربه يكتب .. هل حان وقت التغيير الوزارى؟
وأعتقد أن الحوار الاقتصادى يجب أن يكون منفصلاً عن الحوار الوطنى المرتبط بالإصلاح السياسى لأن الحوار الاقتصادى المنشود لابد من التعجيل به لمواجهة الأزمة الاقتصادية.. كذلك فإن الحوار الاقتصادى لن يستغرق وقتًا طويلاً لأن المناقشات ستكون محددة عن كيفية مواجهة الأزمة والسياسات المطلوب اتخاذها فى المدى القصير والمتوسط وهذا الحوار يجب أن يكون بمشاركة وحضور رئيس الجمهورية والحكومة بخلاف الحوار الوطنى السياسى.. وأنا هنا لا أقلل من الحوار الوطنى السياسى، ولكن هناك أزمة طاحنة ترتبط بمعيشة المواطن ومستقبل غذائه وهذا يتطلب السرعة فى التعامل مع هذه الأزمة.
أما الحوار الوطنى السياسى فقضاياه كثيرة ويجب أن يأخذ وقته لإتاحة الفرصة لمناقشات مستفيضة من كل القوى الوطنية المشاركة، وباستطلاع آراء البعض فى الوسط الاقتصادى ثم التوصل إلى عدد من الشخصيات تكون مشاركة فى الحوار الاقتصادى، إما لفكرها ورؤيتها أو لتجاربها الناجحة، وإذا كنا سنقترح العديد من الشخصيات فيمكن أن نكون قد غفل عنا شخصيات أخرى وللدولة أن تضم أو تقترح أسماء أخرى.. ونحن نقترح أن يضم الحوار ويدعى إليه الدكتور محمد محيى الدين نائب رئيس البنك الدولى، ود. محمد العريان الخبير الاقتصادى العالمى ود. جودة عبدالخالق المفكر الاقتصادى، ود. زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق، ود. أحمد جلال وزير المالية الأسبق والمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق ومستشار عدد من الدول.. ورجال الأعمال نجيب ساويرس ومحمد منصور وإبراهيم العربى ومحمد السويدى وعلى عيسى وهشام طلعت مصطفى وعلاء عرفة وأحمد هيكل.
أننا لا نوصى أحد بأن يفعل أمرًا ما، ولكن هناك أزمة تتطلب من الجميع أن يقدم ما يستطيع لأن تخرج بلاده من هذه الأزمة سالمة.. وللتذكرة فإن الرئيس الروسى بوتين عقد اجتمع موسع مع عدد من الاقتصاديين وكبار رجال الأعمال قبل اتخاذ قرار الحرب على أوكرانيا لأنه أدرك أن الغرب سيفرض عليه عقوبات اقتصادية، وبالتالى أخبرهم واستمع إليهم لأن الجميع سيتأثر بقرار الحرب.
وقد بادرت الحكومة مؤخرا فى حوار مجتمعى حول وثيقة التصرف فى أصول الدولة وهو أمر محمود، ويؤكد ما ندعو إليه فى أهمية الحوار خاصة بالنسبة للقضايا ذات الصلة بالأمن الافتصادى القومى.. ففى مثل هذه الأزمات يكون الأمر شورى مع أهل الاختصاص.