حسين عبدربه يكتب: مشنقة صندوق النقد الدولى


من الواضح أن هناك صعوبات فى المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولى بشأن الحصول على قرض جديد فلا يزال الصندوق يصر على فرض شروطه الصعبة ويضغط على الحكومة لإقرارها وللأسف هذه الشروط تزيد من الأعباء على المواطن وتهدد السلام الاجتماعى خاصة أن الإجراءات المطلوبة تأتى فى ظل أزمة اقتصادية وسياسات فرضها الصندوق على الحكومة فى القرض السابق لازال المواطن يكتوى بنارها.

ويبدو أن صندوق النقد الذى يسيطر على إدارته مجلس إدارة العالم من الدول الكبرى التى عادة ما تستخدم الصندوق للضغط على الدول المضطرة للجوء إليه بطلب اتباع سياسات معينة وتنفيذ ما تطلبه الدول الكبرى والانصياع لأوامرها، فصندوق النقد كان أكثر مرونة فى المرة السابقة، ورغم أن الحكومة، على حد قوله، اتخذت إجراءات اقتصادية أكثر وأعنف من الإجراءات التى طلبها الصندوق، فإنه هذه المرة يطلب إجراءات شديدة الصعوبة نفذت الحكومة بعضها لإرضاء الصندوق أثناء المفاوضات مثل زيادة أسعار الوقود وتحديدا السولار ثم الحديث عن زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق والسكة الحديد والحديث عن تعويم جديد، إلا أن الأخطر إصرار الصندوق على زيادة أسعار رغيف الخبز، ورغم اتفاق الجميع على منطق رفع سعر الخبز، إلا أن التوقيت غير مناسب بالمرة لمثل هذه الإجراءات، وهذا ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما طالب صندوق النقد أثناء زيارته لألمانيا بأن يغير من شروطه المعتادة تحديدا فى ظل الظروف الصعبة التى يشهدها العالم من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

ولكن هذه المرة كشر الصندوق عن أنيابه وظهر الوجه القبيح لسياساته فى الضغط على الدول التى لا ترضخ للأوامر الأمريكية وتحديدا فى إثبات موقفها من الحرب الروسية الأوكرانية.. مع من روسيا أم أمريكا والغرب.

والغريب فى الأمر أن الصندوق الذى يطالب مصر بمزيد من الإصلاحات واتباع سياسات معينة لإصلاح اقتصادها هو الذى لا يمل من الإشادة بالاقتصاد المصرى وأنه حقق نتائج إيجابية وينتظره مستقبل مشرق والنتيجة أننا فى أزمة اقتصادية طاحنة ولا نرى من إشادات الصندوق سوى حبر على ورق، وإلا فلماذا لم يوافق الصندوق حتى الآن على حصول مصر على قرض جديد ولماذا يضغط عليها فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة عالميا ومحليا.

هذا الصندوق الذى كان يرحب بمصر ويشيد باقتصادها ويمنحها قرض تلو الآخر وكأنه كان يقصد أن ينتهز الفرصة “لخنق” مصر اقتصاديا بالديون وكما يقول الخبير الاقتصادى هانى توفيق فى وصفه للعلاقة بين مصر وصندوق النقد وما يفعله معها بالمثل القائل “اعطه حبلا بالدرجة التى تكفيه لخنق نفسه”، هذه هى سياسات الصندوق لكى يرحب بك ويفتح أبوابه على مصراعيها ويعطيك ما تطلب ثم يفرض شروطه وقبل ذلك لابد من موافقة الدول الكبرى الحاكمة للنظام الدولى والتى تدير الصندوق أصحاب النسب التصويتية العليا فى مجلس إدارة الصندوق.

والمعروف أن الدول الكبرى هى التى أسست هذا الصندوق وهيمنت على إدارته كما حدث فى تأسيس الأمم المتحدة وسيطرة الدول الكبرى على مجلس الأمن، فمن هى الدولة التى تعافت اقتصاديا بتطبيقها لروشتة الصندوق، للأسف نحن من فعلنا هذا بأنفسنا وحكمنا على بلادنا باللجوء للصندوق وكان الأقدر بنا بدلاً من استهلاك الوقت فى المفاوضات المملة والشاقة مع الصندوق أن نحل مشاكلنا بأنفسنا من خلال سياسات اقتصادية سليمة تتناسب مع ظروفنا ولدينا كفاءات منها من هو موجود بالصندوق وخارجه يمكن الاستعانة بهم فى الأزمات، الذين يحاربون هم أبناء البلد فالصندوق لن يحارب بالنيابة عن مصر لتخرج من الأزمة منتصرة.

انظروا إلى تجارب الإكوادور وكيف أنها عندما لجأت إلى صندوق النقد كانت الهيمنة للشركات الأمريكية على النفط هناك وكذلك الأرجنتين التى فشلت سياسات الصندوق فى إخراجها من أزماتها بل زادت معدلات الفقر فيها من 35% إلى 47% وكذلك اليونان وتونس، كيف حال اقتصاد هذه الدول بعد اللجوء للصندوق، بل كيف حال الاقتصاد فى مصر والذى يتبع سياسات الصندوق منذ سنوات.. إشادات من جانب الصندوق فى العلن وضغوط ورفض فى الخفاء وأزمات ومشاكل يعيشها المواطن.. الذين ينتظرون حلولا من الصندوق هم من يلقون ببلادهم إلى التهلكة.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://alborsanews.com/2022/08/04/1564385