
دائما ما تكون فى قصص النجاح الملهمة.. بدايات بسيطة ولكنها تؤسس لبناء شخصية ناجحة.. هكذا كانت بداية رجل الأعمال رؤوف غبور والذى يحكى فى مذكراته.. أنه بدأ البزنس ببيع «البسبوسة» فى سن مبكرة من سنوات الطفولة بقرض من الشغالة التى تعمل لدى عائلته.. هذه البداية لم تكن وليدة الصدفة بل جاءت من مناخ البزنس الذى نشأ فيه من خلال عائلته التى تمتلك تاريخا عريقًا فى عالم التجارة والبزنس وكيف أنه تعلم من أحاديث عمه ووالده الكثير عن عالم التجارة؟
ويستطرد غبور فى مذكراته كثير من المحطات فى مسيرة حياته فى عالم البزنس ما بين نجاحات وانكسارات وأزمات وعثرات كلها كانت تنتهى به إلى الاستفادة من كل ما حدث والخروج بدروس اصبحت فيما بعد خطوات للنجاح.. رحلة رؤوف غبور فى عالم البزنس تستحق القراءة والتعلم منها لمن يريد أن يعمل فى البزنس أو من يمارس الإدارة.. فالمذكرات لا تحكى عن نشأة الرجل وأين ترعرع وهكذا فى السير الذاتية للبعض، ولكنه كان صادقًا فيما تحدث عن أخطائه وذكرها بالتفصيل وكيف تعلم منها ولعل أهم الأخطاء أنه كان يعمل بنظرية «وان مان شو« وكيف اكتشف خطأ ذلك وايقن أهمية المؤسسية فى العمل فلجأ إلى تكوين فريق إدارى يساعده.. ولكنه يقول إنه اخطأ أيضا فيما لم يضع هيكل إدارى ولم يعط للمديرين صلاحيات فتعثر الكثير منهم فى أداء عمله.. ثم كانت النتيجة أنه أصبح لديه مجموعة من المديرين أصبحوا يديرون شركاته التى يبلغ عددها الآن نحو الـ50 شركة.. ويحكى غبور عن أن مسيرة البزنس من النجاح والعثرات أكدت أنه لا نجاح دون إخلاص ومثابرة وأن العمل فى البزنس لا يعنى أن تكون جامدًا دون عواطف تأكل من فيك أو أن تستغل موقف لتحقق أرباح على حساب أخلاقك ظهر ذلك فى موقف ذكره غبور فى مذكراته كيف أن تحمل أن يدخل السجن عدة أشهر حتى لا يظلم برئ بسبب التعامل معه.. أيضا قال غبور فى رحلته أنه واجه التعثر المالى أكثر من مرة وخسر معظم أمواله ومع ذلك كان يعود دون يأس ويحاول ويقف من جديد.. وكيف فى تعثره وتسوية مديونياته مع البنوك كان يقدم أفكار للبنوك للتسوية بعضها كان غير متعارف عليه.. وكيف أنه كان يستمع ويستفيد من نصائح الغير، خاصة أصحاب الخبرة.. وفى ذلك دروس مهمة للعاملين فى مجال البزنس.
ويقول إن البزنس وأزماته هى من قربته من الإيمان وإنه لم يكن من المصلين ومرتادى الكنيسة ولكن كان على يقين أن الله دائما معه وإلا لما كان قد اجتاز كل هذه الأزمات التى واجهها فى حياته ومن هنا لم يدخر جهدًا ولا مالا فى عمل الخير فكان أحد أهم الداعمين لقيام مستشفى 57357 لعلاج السرطان.. والشىء بالشىء يذكر أن لزوجته الراحلة علا غبور دور كبير فى ذلك وأنها كانت من رواد العمل الخيرى فى مصر.
وبعد قراءة هذه المذكرات تكتشف أنك تقرأ عن امبراطورية فى عالم البزنس يشهد لها المنافسين قبل الأصدقاء فى مجتمع الأعمال فالرجل الذى بدأ حياته بصنية بسبوسة لديه الآن نحو 50 شركة يعمل بها 25 ألف عامل وحجم أعمالها تتجاوز الـ15 مليارات جنيه سنويًا.. ولعل أهم ما فى هذه المذكرات أنه ذكر أن التجارة وحدها لا تصنع اقتصادًا وكأنه يوجه رسالة للدولة بأهمية الصناعة والزراعة وانهما الاقتصاد الحقيقى التنموى الداعم لاقتصاد أى دولة.. بل أن غبور تنوع فى أنشطة البزنس بين التجارة والصناعة والزراعة إلى أنشطة جديدة مثل الأنشطة المالى الغير مصرفية مثل التأجير التمويلى والتخصيم والاقراض متناهى الصغر.. ولم ينس الرجل الذى اختتم حياته فى البزنس بتسليم الامبراطورية لأولاده أن يقدم روشتة مبادئ للإدارة المطلوب اتباعها لتحقيق نهضة حقيقية لبلاده التى يعثر بها.. ومنها إعطاء الأولوية لملفات التعليم والصحة والثقافة والاستثمار والاستعانة ببيوت الخبرة الدولية والمحلية لوضع استراتيجيات طويلة الأجل لهذه الملفات.. وجذب الكفاءات المصرية من الداخل والخارج لتولى المناصب العليا فى السلطة التنفيذية واعطائهم صلاحيات كاملة فى إدارة اعمالهم.. واعتماد مبدأ أن الحد الاقصى للأجور هو القيمة السوقية للمدير فى أسواق العمل داخل مصر وخارجها فأى ما كانت التكلفة لهذه الكفاءات فإنها لا تساوى شيئًا مقابل العائد الضخم الذى سيعود على الدولة من خلال ما ستحققه هذه الكفاءات.