فرص جديدة للنمو شرط التسعير الجيد وإعادة تقييم الأصول المؤمنة
لا تزال تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تلقى بتداعياتها على القطاعات الصناعية المختلفة، وفى المقدمة منها قطاع التأمين باعتباره صناعة تتأثر بالتغيرات التى تشهدها الصناعات الأخرى.
لكن بالرغم من ذلك، يمكن أن تكون الحرب وتداعياتها، بما فيها الموجة التضخمية، فرصة جيدة لنمو القطاع شرط الالتزام بالمنافسة السعرية الجيدة فى ظل تزايد الطلب على بعض أنواع تغطيات التأمين، ومنها الطيران والعنف السياسى إلى جانب مخاطبة العملاء بإعادة تقييم الأصول وخاصة بهم تجنبا لتطبيق شرط النسبية وللحصول على التعويض العادل حال تحقق الخطر.
أبو العزم: السوق مطالب بتوفير منتجات بأسعار مناسبة لمواجهة تداعيات الموجة التضخمية
قال مصطفى أبو العزم العضو المنتدب لـ”الجمعية المصرية للتأمين التعاونى” إن العالم كله تأثر اقصاديا بالحرب الروسية الأوكرانية منذ البداية وأبرزها التأمين البحرى حيث ارتفعت تكلفة الشحنات العابرة لمنطقة البحر الأسود بشكل كبير، متجاوزة نسبة 10% بالإضافة الى ارتفاع تكلفة البضائع ذاتها ومن ثًم التأمين أيضا.
أضاف أبو العزم أن التأمين على الطيران شهد كذلك ارتفاعًا كبيرًا فى الآونة الأخيرة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ارتباطا بغلاء أسعار الوقود والنفط على مستوى العالم، أسعار الغذاء وبالتالى ارتفاع موجة التضخم وكذلك زيادة الطلب على تأمين الائتمان التجارى وارتفاع أسعار المستلزمات الطبية وأسعار السيارات وقطع غيارها.
وتوقع أبو العزم ارتفاع تسعير غالبية أنواع التأمين والبقية ستأتى بعد اشتداد الموجة التضخمية وفى حالة استمرار الحرب وعدم توقفها.
فى سياق متصل، أوضح أبو العزم أنه بالرغم من التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على قطاعات التأمين بالعالم كله إلا أن تداعيات الحرب تخلق فرصا كبيرة محليا وعالميا فعلى الصعيد المحلى سيسهم ارتفاع معدلات الفائدة فى تعزيز عائدات الاستثمار لشركات التأمين فضلا عن أن ارتفاع الوعى بدرحة كبيرة بعد كورونا عزز الطلب على التأمين بكل أنواعه.
وتوقع أبو العزم حدوث تحسن كبير فى صناعة التأمين على الصعيدين الإقليمى والعالمى من خلال الاعتماد بشكل أكبر من السابق على التكنولوجيا بغرض تحقيق أعلى مستويات الإنتاجية خاصة وأنها ليست بمعزل عن القطاعات الأخرى، مشيرا إلى أن الرقمنة بدأت عالميا من قبل جائحة “كورونا” وجد ما جعل التامين نفسه مطالبا بالتحول الرقمى واستخدام الحلول التكنولوجية واستخدام المنصات الافتراضية والإصدار والتسويق الإلكترونى.
لفت أبو العزم إلى أن شركات التأمين لديها فرص كثيرة للنمو سواء من الجانبين المالى أو الفنى وكلاهما يخدم كيانات التأمين بشكل مترابط ولا يجوز فصل أي منهما عن الآخر لكونهما يستطيعان رفع حجم أقساط التأمين بطريقة مربحة وحقيقية وليست وهمية.
ورصد عددًا من الفرص التى تتوفر عبر الجانب المالى أهمها استثمار القطاع للأزمات، فقد خلقت أزمة كورونا طلبا كبيرًا على أنواع كثيرة من التأمين بصورة غير مسبوقة، مثل التأمين الطبى والائتمان وتأمين الأحداث الكبرى كالمباريات والمؤتمرات، علاوة على ضرورة استغلال التحول الرقمى والشمول المالى والتأمينى من خلال التوسع فى أنواع عديدة من التأمين، أبرزها التأمين متناهى الصغر.
ووفقا لأبو العزم، يتوجب على شركات التأمين مواجهة التداعيات السلبية للموجة التضخمية الحالية من خلال تقديم خدمات تأمينية بأسعار مناسبة للعملاء وتوعية العملاء بضرورة زيادة مبالغ التأمين على أصولهم لتفادى شرط النسبية فضلا عن تقليص المصاريف الإدارية غير الضرورية وهو ما يخدمها نموها المالى بأفضل صورة.
وأوضح أن هناك جوانب فنية يجب مراعاتها بشركات التأمين حتى يتسنى لها الحصول على فرص نمو نظيفة أهمها بذل المزيد من الجهود لرفع الوعى التأميني لدى العملاء ومحاولة الوصول إليهم فى المناطق النائية المحرومة من التأمين.
وأكد أهمية زيادة المخصصات المالية لمواجهة أية تعويضات وإبتكار منتجات تأمينية جديدة تلبى احتياجات العملاء الضرورية وابتكار طرق تسويقية جديدة وإعداد نماذج عمل واضحة وبسيطة تسهل على العميل التعامل معها.
تابع: “الجانبان المالى والفنى لا ينفصلان عن بعضهما البعض أبدا وهما الأساس فى تكوين فرص النمو للسوق”.
مصطفى: الشركات تعانى لتوفير العملة الأجنبية لسداد أقساط إعادة التأمين
من جانبه قال وليد سيد مصطفى، خبير التأمين الاستشارى، إن الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها أثرت على الاقتصاد العالمى بصفة عامة والاقتصاد المصرى بصفة خاصة، ما تسبب فى ارتفاع معدلات التضخم بصفة كبيرة وخاصة للسلع الأساسية وأثر على عدد كبير من القطاعات أهمها السياحة والأغذية.
أضاف أن شركات التأمين تعانى منذ تجاوز أزمة كورونا، سواء الشركات الكبيرة أو الجديدة، من صعوبة توفير العملة الأجنبية للوفاء بالتزاماتها فيما يخص سداد أقساط إعادة التأمين بالدولار وهو ما يؤثر سلبا على علاقة معيدى التأمين بالسوق المصرى.
فى سياق متصل، لفت إلى أن صعوبة توفير العديد من القطاعات الصناعية والتجارية للعملة الأجنبية اللازمة لتأمين مستلزماتها الإنتاجية من الخارج أثر بالسلب على مستهدفات شركات التأمين من حصيلة الأقساط بالفروع التأمينية المختلفة وبالأخص بالسيارات والتى تمثل وزنا نسبيا فى محافظ الغالبية من الشركات العاملة بالسوق.
عزازى: مصر تفتقد لتأمينات الحياة الإجبارية على غرار الأسواق المجاورة
من جانبه، توقع شريف عزازى، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب للشركة المصرية الإماراتية لتأمينات الحياة، أن تنعكس الأزمة الاقتصادية بالسلب على قطاع التأمين وبالأخص تأمينات الحياة ممثلا فى تراجع الطلب على التغطيات التى تمنحها الشركات للمجموعات والأفراد خاصة فى ظل تراجع الوعى التأمينى لدى الغالبية العظمى من المواطنين فضلا عن كون تأمينات الحياة تعد نوعا من الرفاهية بالنسبة الغالبية العظمى من الأفراد مقابل الأولوية للضرورات المعيشية الأخرى.
أضاف عزازى أنه من المتوقع أن يشهد الطلب على وثائق تأمينات الحياة تراجعا خلال الفترة المقبلة موضحا أن السوق المصرى يفتقد لتغطيات الحياة الإجبارية على غرار الأسواق المجاورة.
وبحسب عزازى ،سيؤدى ارتفاع سعر الفائدة إلى تراجع عمليات الاقتراض البنوك وهو ما سيؤدى بدوره إلى انخفاض الحصيلة المتوقعة من التأمين على مخاطر عدم سداد القروض، فيما ستقلل الشركات كذلك من المزايا الممنوحة لموظفيها ما يقلل بدوره كذلك من الطلب على وثائق الطبى والحياة.
السيد: انخفاض متوقع لعمولات الإعادة العام المقبل
فى سياق متصل، توقع خالد السيد، العضو المنتدب لشركة أبكس مصر لواسطة إعادة التأمين، أن تؤثر تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على تجديد السوق المصرى اتفاقيات الإعادة للعام المقبل 2023 بدءا من شهر يناير.
وقال السيد إنه من المتوقع أن تلجأ شركات إعادة التأمين العالمية إلى خفض عمولات عمليات الإعادة للشركات المحلية فى خطوة تهدف إلى تعويض تكلفة التعويضات المتوقعة نتيجة لتأثيرات الحرب، فضلا عن ارتفاع الرسوم والتكاليف الإدارية التى تؤخذ فى الحسبان عند تسعير اتفاقيات الإعادة.
أوضح أن الحرب أثرت على ارتفاع تسعير غالبية التغطيات التأمينية وبالأخص المتعلقة بالطيران والعنف السياسي والحرب إضافة إلى مخاطر الهجمات الإلكترونية نتيجة التهديد بشن غارات وهجمات إلكترونية خلال الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.
واستبعد السيد حصول الشركات المصرية على طاقات استيعابية أكبر فى الاتفاقيات الاتفاقية للعام المقبل نتيجة ارتفاع التضخم واستقرار سعر الصرف مؤقتا فضلا عن حصول الشركات على طاقات استيعابية فى العام الماضى.
فى المقابل، رهن السيد سهولة تجديد الشركات المصرية لاتفاقيات العام المقبل بتصحيح مسار التسعير الفنى للأخطار المختلفة مؤكدا أن المنافسة السعرية فى السوق المصرى حاليا لا تتفق مع التغيرات التى تشهدها الأسواق نتيجة تأثيرات الحرب وارتفاع معدلات التضخم فى مصر والعالم.
وشدد على ضرورة إعادة تسعير الأخطار المختلفة بما يتناسب مع التكاليف التى تتحملها الشركات وحتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها حال تحقق الخطر المؤمن عليه.