3500 دولار فى الملابس الجاهزة.. و«الورق» الأغلى
تختلف تكلفة توفير فرصة عمل من قطاع إلى آخر حسب طبيعته، فمثلاً لا وجه للمقارنة بين تكلفة الفرصة لدى قطاع الملابس على سبيل المثال وصناعة الورق أو الصناعات الهندسية، فلكل منها طبيعته الخاصة.
ويعد انخفاض تكلفة توفير فرصة العمل فى مصر من أبرز العوامل التى كانت تسهم فى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، مقارنة بأوروبا خلال السنوات الماضية.
«طلبة»: قبل 2016 كانت التكلفة فى مصر تعادل الثلث فى بنجلاديش وتركيا
قال مجدى طلبة، الرئيس السابق للمجلس التصديرى للصناعات النسيجية، إنَّ التكلفة الاستثمارية لتوفير فرصة عمل فى قطاع الملابس الجاهزة تتراوح بين 3500 و4500 دولار.
وأضاف لـ«البورصة»، أن القطاع يعد الأرخص فى تكلفة فرصة العمل، إذ يعتمد على العامل بشكل أساسى، و«ماكينة الخياطة» على وجه التحديد تحتاج إلى قدرة عامل ونصف العامل من خلال وجود عامل على كل ماكينة، بالإضافة إلى مشرف ومجموعة من العمالة الاحتياطية تسمى «الجواكر».
وأوضح «طلبة»، أن ارتفاع التكاليف المتتالى وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار تسببا فى ارتفاع تكلفة فرصة العمل بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذى قلل الميزة التنافسية لمصر بانخفاض تكاليف العمالة، والتى كانت تتميز بها عن باقى الدول.
ولفت إلى أن انخفاض التكلفة الاستثمارية التى يضخها المستثمر فى قطاع الملابس لا تقارن بقطاع الغزل والنسيج الذى يعتمد بشكل أساسى على الميكنة، متابعاً: «صناعة الغزل والنسيج تعتمد على ماكينات ضخمة وبتكلفة استثمارية مرتفعة تتراوح بين 100 و150 ألف دولار».
أكد «طلبة»، أنه قبل 2016 كانت تكلفة فرصة العمل فى مصر تمثل ثلث تكلفة فرصة العمل فى بنجلاديش وتركيا، بنسبة 50% من تكلفة العمالة بهذه الدول حتى 2019، لكن حالياً أصبحت التكلفة قريبة منها، وهذا الأمر فوَّت فرصة جذب استثمارات كثيرة للاستفادة من هذه الميزة.
ولفت إلى أن الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة لن يقلل حجم العمالة بمصانع الملابس الجاهزة التى تعتمد على ماكينة الخياطة، إذ يمكن الاستفادة منها فى مراحل الغسيل والصباغة، والتى شهدت تطوراً ملحوظاً فى تقليل الاعتماد على العنصر البشرى.
وشدد على أهمية مراجعة جميع تكاليف الإنتاج والضرائب والجمارك على مستلزمات الإنتاج والماكينات وغيرها من مدخلات الإنتاج؛ للحفاظ على الميزة التنافسية لانخفاض تكلفة العمالة فى مصر، حتى لا تتضاءل هذه الميزة تدريجياً، وتنخفض القدرة التنافسية للمنتج المصرى بالخارج.
وأشار إلى أن خفض تكلفة الإنتاج أصبح ضرورة مُلحة لتحقيق نمو حقيقى فى زيادة وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، فضلاً عن أهمية إعطاء مزايا لامتصاص الزيادات فى تكلفة العمالة، وإعفاء الماكينات من الجمارك وضريبة المبيعات، وخفض أسعار جميع الخدمات الحكومية التى تستفيد منها المصانع مثل الكهرباء والغاز والمياه وغيرها.
وفى مدونة نشرها البنك الدولى عام 2018، فإنَّ خلق فرصة عمل جديدة ليس بالأمر اليسير.. فالتكلفة تزيد على 20 ألف دولار لكل وظيفة.
وأضافت أن هذه التكلفة لا تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية، فمن خلال حسابات قامت بها المدونة على دولتين منهما تونس، فإنَّ استثمار 10 ملايين دولار يمكنها خلق حوالى 300 وظيفة فى قطاعات مثل التجارة أو الأخشاب أو البناء، ولكن يقل عدد الوظائف فى قطاعى الكهرباء والنقل إلى 100 وظيقة، وهو ما يشير إلى أن تكلفة الوظيفة الجديدة فى حدود 30 ألف دولار، بما يثبت أن خلق وظيفة جديدة ليس بالأمر الرخيص.
«عبدالله»: استثمارات بـ5 مليارات جنيه فى قطاع الورق توفّر 1000 فرصة عمل فقط
وقال الدكتور محمد عبدالله، العضو المنتدب بشركة إدفو لورق الكتابة والطباعة، إنَّ إقامة مصنع لإنتاج الورق بطاقة إنتاجية 120 ألف طن سنوياً تحتاج إلى استثمارات تقدر بنحو 5 مليارات جنيه، وذلك لتوفير عمالة تتراوح بين 800 و1000 فرصة عمل.
أضاف لـ«البورصة»، أن قطاع الورق يعتبر من أغلى القطاعات لخلق فرص العمل، موضحاً أن انخفاض تكلفة العمالة فى مصر يعد ميزة تدفع المصانع للاعتماد على عدد كبير من العمالة، لكن مع مرور الوقت تتحول هذه الميزة إلى عبء مع زيادة الأجور والتدرج الوظيفى للعامل.
اقرأ أيضا: “البورصة” ترصد اتهامات مستثمرين لـ”التوك توك” بالتسبب فى أزمة نقص العمالة المدربة
وفى المقابل، تتجه أوروبا إلى تقليص الاعتماد على العمالة فى ظل ارتفاع تكلفتها بشكل كبير وارتفاع معدلات الأجور لديها، لذلك تعتمد على التكنولوجيا الحديثة التى تخفض عدد العمالة التى يحتاجها المصنع إلى النصف تقريباً، مقارنة بحجم العمالة بالمصنع فى مصر.
ولفت إلى أن أجور العمالة تضاف إلى التكلفة الإجمالية لسعر طن الورق، كما أن زيادة أعداد العمالة تضعف تنافسية المنتج مع مرور الوقت، وتعتبر عنصراً أساسياً فى تكلفة المنتج والتى تقدر بنحو 1800 جنيه، فى حين يسجل متوسط سعر الطن 25 ألف جنيه.
وأشار إلى وجود تكاليف كثيرة ثابتة على المنتج، مثل التأمينات الاجتماعية والضرائب، فضلاً عن القروض المستحقة على الشركة.
وقالت يارا الكحكى، المحللة الاقتصادية، إنَّ 500 مليون دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالقطاع الصناعى، توفر نحو 1000 فرصة مباشرة وغير مباشرة عمل خلال فترة زمنية تتراوح بين 6 و12 شهراً.
وأضافت لـ«البورصة»، أنه يمكن مضاعفة فرص عمل خلال الفترة الزمنية نفسها، فى ظل تحريك تلك الاستثمارات لسوق العمل فى مصر.
وأوضحت أن الاستثمارات الأجنبية تسهم فى تطوّر ونمو الاستثمارات المحلية أيضاً، وبالتالى المساهمة فى خلق فرص عمل إضافية بشكل مباشر وغير مباشر.
وقال بهاء عبدالمجيد، رئيس شركة سيراميكا آرت، إنَّ تكلفة توفير فرصة العمل فى مصنع شركته تقدر بنحو 480 ألف جنيه للعامل الواحد، إذ يعمل لديه نحو 1450 عاملاً.
وأضاف لـ«البورصة»، أن فرصة العمل تختلف بين كل مصنع وآخر بحسب الطاقات الإنتاجية لكل منهما، والاعتماد على الميكنة الحديثة فى المصنع؛ حيث يؤدى استخدام ماكينات تقليدية قديمة إلى الاعتماد على العمالة بشكل أكبر.
وتابع: «تكلفة توفير فرصة العمل تختلف بحسب وقت افتتاح المصنع، فالمصنع الذى أنشئ قبل 10 سنوات يختلف عن بدء تشغيل مصنع خلال الوقت الحالى لاختلاف التكاليف الاستثمارية للمشروع».
وذكر رئيس شركة سيراميكا آرت، أن قطاع السيراميك يواجه مشكلات فى توفير العمالة؛ لأنه من ضمن الصناعات كثيفة العمالة، مطالباً بإنشاء مدارس متخصصة فى تصنيع السيراميك وربطها باحتياجات المصانع، خاصة فى ظل تصدير مصر عمالة فنية مدربة المرحلة الماضية.
وأوضح أن بعض عمال مصنعه ذهبوا إلى العمل فى بعض المصانع فى سوريا، كما أن نمو القطاع على المستوى الإقليمى سيرفع الطلب على العمالة بقطاع السيراميك.
